احتفلت دار الكتب القطرية وإدارة المكتبات بوزارة الثقافة، صباح الثلاثاء، بـ”يوم المخطوط العربي”، بهدف إبراز التراث العربي الغني والمخطوطات التي شكلت ذاكرة الأمة وجسراً بين الحضارات، والتذكير بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والعلمي للأمة العربية والإسلامية.

وبهذا المناسبة أكد السيد إبراهيم البوهاشم السيد، المدير العام لدار الكتب القطرية، على الدور الجليل الذي تقوم به دولة قطر، عبر وزارة الثقافة ودار الكتب القطرية وإدارة المكتبات، في صيانة المخطوطات العربية والتعريف بقيمتها، سواء في المجالات الأدبية، الفقهية، العلمية، أو التاريخية، والتي أسهمت عبر العصور في بناء العقل العربي والإنساني.

وسلط البوهاشم السيد الضوء على أهمية المخطوط العربي كإرث حضاري وذاكرة فكرية، وجسر معرفي بين الحضارات، يحمل في طياته قيماً إنسانية واجتماعية خالدة، مشيرا إلى أن احتفالات هذا العام تحت شعار “المخطوط حياة أمة ورائد حضارة” جاءت لتعكس الدور المحوري للمخطوطات في تشكيل الهوية الثقافية العربية.

وقال إن الاحتفال بيوم المخطوط العربي الذي أقرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو”، يعد إرثا حضاريا تزخر به الدول العربية وجسرا بين الحضارات المتنوعة، فهو ذاكرة الأمة التاريخية والفكرية والاجتماعية، كما يحمل في طياته علوما ومعارف عدة أسهمت في التقدم والرقي الحضاري والفكري.

وأوضح المدير العام لدار الكتب القطرية، أن هذا الاحتفال جاء في إطار الجهود العربية المشتركة للحفاظ على المخطوطات، مبينًا أن دار الكتب القطرية تعد واحدة من أبرز المؤسسات التي تعنى برقمنة المخطوطات النادرة، وتسهيل الوصول إليها للباحثين والمهتمين.

حضر الاحتفال، عدد من المهتمين بالتراث والمخطوطات، حيث نظمت دار الكتب القطرية وإدارة المكتبات بوزارة الثقافة، ندوة بعنوان “المخطوط العربي: حياة أمة ورائد حضارة”، بقاعة المغفور له الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، مؤسس دار الكتب القطرية، والذي تم استذكار جهوده الرائدة في الحفاظ على المخطوطات العربية، إضافة إلى ورشة حول أسس علوم وفنون حفظ وترميم المخطوطات بقاعة الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني.

وحاضر الندوة الباحث والمؤرخ محمد همام فكري مستشار التراث والكتب النادرة بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وأدارها الدكتور خالد الحلبي مسؤول المكتبات في أكاديميات الشرطة ورئيس مجلس أمناء المؤسسة العربية لإدارة المعرفة، حيث أوضحا أهمية ودور المخطوطات العربية في الحفاظ على التراث الثقافي والعلمي للأمة العربية والإسلامية.

وقال إن قطر اهتمت بالمخطوطات مبكرا، وكانت هدايا الشيوخ بعضهم لبعض، مشيرًا إلى دور الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني في الاهتمام بالمخطوطات وتأثيره في دول الخليج والعالم العربي، مؤكدا على ضرورة الربط بين التراث والمستقبل، مع الحفاظ على المخطوطات ككنوز علمية وتاريخية.

وتحدث فكري عن أهمية المخطوطات العربية كجسر بين الأجيال، مشددا على أنها لا تعد مجرد وثائق تاريخية، بل هي “روح الحضارة” وشاهد على إبداع الأمة العربية والإسلامية في مجالات مثل الدين، اللغة، الطب، الفلك، والفلسفة، وتحدث عن تجربته الشخصية مع المخطوطات على مدى 40 عامًا، واصفًا إياها بـ”المقدسة” لأنها تمثل تراث الأجداد.

وتطرق إلى جهوده في جمع المخطوطات من المزادات العالمية وإعادتها إلى العالم العربي، مشيرًا إلى أن أوروبا أدركت قيمتها مبكرًا، كما شدد مستشار التراث والكتب على أن المخطوط العربي هو “ذاكرة الأمة” وهوية ثقافية، سواء كُتب بالعربية أو بحروف عربية، موضحا أن المخطوطات لا تقتصر على العلوم الدينية، بل تشمل الطب، الفلك، الزراعة، وغيرها.

واستعرض مستشار التراث والكتب النادرة بمؤسسة قطر، علم المخطوطات (الكوديكولوجيا) الذي يدرس الجوانب المادية للمخطوط (مثل الورق، التجليد، الأحبار)، وأهمية التحقيق العلمي للنصوص، كما أشاد بالتكنولوجيا الحديثة التي تسهل دراسة المخطوطات رقميًا، مما يتيح للباحثين مقارنة النسخ بسهولة.

جدير بالذكر دار الكتب القطرية تم تدشينها في حُلتها الجديدة، مطلع شهر مارس الماضي، في خطوة مهمة نـحو تعزيز القراءة ونشر المعرفة بين أفراد المُجتمع، وذلك ضمن جهود دولة قطر في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية، حيث تُعد دار الكتب القطرية من أقدم المكتبات الوطنية في المنطقة