شهد المسرح الرئيسي في درب الساعي ضمن فعاليات اليوم الوطني للدولة، ندوة نظمتها وزارة الثقافة، حملت عنوان “مكانة العلم والعلماء في قطر.. سيرة وتاريخ”، قدمها كل من الدكتور تركي عبيد المري، استاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة في جامعة قطر ، والسيد مشاري النملان رئيس قسم البحوث الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وذلك وسط حضور جماهيري لافت.

ومن جانبه، تناول د.تركي عبيد المري، أهمية العلم واعتناء الشريعة الإسلامية به، وما تركه السلف الصالح من إرث يدل على أهمية العلم والتعلم والشغف بهما، وهو ما أولته الشريعة الإسلامية باهتمام كبير وأولوية كبيرة.

وقال إنه منذ بدء الخليقة وبسبب العلم فضل الله آدم عليه السلام على غيره، كما أن الله تعالى جعل العلماء ورثة الأنبياء ، وأن العلماء هم الخلفاء بعد الأنبياء في تبليغ شريعة الله ، وأن العالم يستغفر له من في السموات والأرض، وأن كل ذلك يدل على مكانة العلم والعلماء.

وأكد د. تركي عبيد المري أن العلم مزية فضل الله بها الانسان على غيره، وأن الله عزوجل جعلهم ورثة الأنبياء، وأن هذا الإرث يعكس أن العلماء يسيرون على خطى الأنبياء، كما أن هذا يدل أيضا على مكانة العلماء، وأن المسلمين بلغوا الريادة منذ القدم بالعلم.

وقال: إن العلم مطلوب في كافة الأصعدة، وأن الأمة ينبغي أن تتحقق لها كفاية تعلم العلوم ، كما أنها أمرت بالدعوة والرسالة، وأن العلم جزء من هذه الرسالة، ما ينبغي تبليغها دون تكدير أو تنقيص.

وقال: إنه لذلك فنحن بحاجة إلى العلوم التطبيقية لعمارة الأرض وإعلاء كلمة الله تعالى، وأصول الرسالة إلى عامة الخلق. لافتا إلى أن العبودية لا تكمن في الانزواء في المساجد ، وأن العبادة إذا كانت هى اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فإن التفقه في الدين هو من العلم.

وأضاف أن الفترة الذهبية التي عاش فيها المسلمون، هى تلك التي أنتجوا فيها العلوم التطبيقية. مؤكدا أن تعلم العلوم الشرعية لا يعني بحال جهل العلوم الأخرى، إذ إن العلماء المسلمين لم يفصلوا بين علم الشريعة والعلوم التطبيقية .

وشدد د. تركي عبيد المري على أن العلوم الشرعية تتكامل مع العلوم العصرية، وأن هذا يثبت عالمية الشريعة ويبرهن على الدلائل الكونية بالاستدلال على الخالق سبحانه وتعالى، ” ولذلك فليست هناك إشكالية في توفيق الأمة بين العقل والنقل”.

 

الاهتمام بالعلم منذ عهد المؤسس

وبدوره ، تناول السيد مشاري النملان، اعتناء المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ، طيب الله ثراه، وما تبعه من حكام الدولة، بالعلم والعلماء. وقال: إنه منذ بزوغ فجر الدولة، وهناك اعتناء بالعلم والعلماء منذ عهد المؤسس، طيب الله ثراه، واستقطابه لهم ليستفيد منهم الناس.

وقال : إن المؤسس ، طيب الله ثراه، ومنذ بواكير تأسيس الدولة، كان لديه اهتمام حثيث بالعلم والعلماء، كما كانت لديه جهودا كبيرة في دعم ورعاية حلقات العلم والدروس الدينية، كما كان يركز جل وقته في الاعتناء بالعلماء ، وذلك في غير أوقات إدارته لشؤون الدولة. مؤكدا أن اهتمام المؤسس ، رحمه الله، بالعلم كان نابعا من إدراكه بأن العلم هو أحد أسباب نشوء الدول، كما أنه كثيرا ماورد في أشعاره الحربية الحديث عن العلم.

وقال السيد مشاري النملان: إن المؤسس، طيب الله ثراه، كثيرا ما كان يحتفي بالعلماء في مختلف البلاد، ، ولم يستنثى عالما دون آخر، إذا كان في تواصل دائم معهم، وهو ما كان دافعا لهم لطلب المشورة وطباعة الكتب لهم، والسؤال عن فتاواه العديدة. داعيا طلاب الدراسات العليا في جامعة قطر إلى استحضار الأساليب البلاغية في رسائل المؤسس مع العلماء للوقوف عليها ودراستها وتحقيقها.

وقال إن المؤسس طيب الله ثراه، كان يوجه بطباعة الكتب في الهند، ووقفها على العلماء في الكثير من البلدان، وأن الرسائل بينه وبين العلماء تبين مدى حرصه على توزيع الكتب وطباعتها، وتلبية رغبات العلماء في نشر الكتب. مستشهدا بدعم المؤسس في طباعة النسخة الأولى من تفسير ابن جرير الطبري في الهند، وكذلك دعمه لطباعة مجموعة التوحيد وهى مجموعة رسائل قي التوحيد وكذلك دعمه لرعاية طباعة كتاب “مدارك السالكين”. لافتا إلى أن المؤسس، طيب الله ثراه، كان يوقف على العلماء، بما يوفر لهم مصدرا للرزق، علاوة على دعمه الانفاق على طلبة العلم،” كما يقرأ في مجالسه الخاصة الكتب الدينية والأدبية رفيعة المستوى، فكان مجلسه مجلس علم وأدب”.

كما انتقل إلى الحديث عن دعم الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني ، رحمه الله، للعلماء واحتفائه بهم، واعتنائه بالطلبة المبتعثين من الشارقة وغيرها، واحتضانهم في المدرسة الأثرية. متوقفا عن جهود الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني في إنشاء المدارس، علاوة على اهتمامه بطباعة كتب فقه الحنابلة، ومراسلاته بين العلماء والأدباء. واعتنائه بالشعر القصيح، وأنه في عهده تم طباعة العديد من الدواوين الشعرية، إذا كان داعما للشعر والشعراء.

كما تطرق السيد مشاري النملان إلى جهود حكام قطر في الاعتناء بالعلم ورعاية العلماء، وإنشاء المكتبات وطباعة الكتب، وأن اهتمامهم بالعلم لم يقتصر على العلم الشرعي فقط، بل امتد الأمر إلى الاهتمام بجميع العلوم ، من خلال إنشاء جامعة قطر، والتوسع في إنشاء المكتبات.