انطلقت مساء اليوم فعاليات درب الساعي، بمناسبة اليوم الوطني للدولة 2023، الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وذلك بمنطقة أم صلال.

وبدأت فعاليات درب الساعي برفع العلم القطري، وسط حضور جماهيري كبير، حيث رفرف الأدعم في سماء الدرب إيذانا بانطلاق الفعاليات، على سمع النشيد الوطني، ووسط استعراضات الهجن والخيول، إلى جانب جولة للمحمل التقليدي وذلك تعزيزا للتراث القطري الذي يجمع بين التراث البري والبحري.

وقد حرصت وزارة الثقافة على أن يتضمن درب الساعي الفعاليات التي تعبر عن التراث القطري بشقيه البري والبحري عبر الأركان والفضاءات المفتوحة التي تنقل الزائرين من المواطنين والمقيمين إلى أجواء حية تعكس البيئة القطرية قديمة.

ومن أبرز الفعاليات التراثية بدرب الساعي فعالية المقطر والعزية، ويقول عنها السيد عبدالرحمن أحمد البادي المعاضيد رئيس فعالية المقطر والعزبة، إن المقصود بالمقطر هو تقاطر بيوت الشعر المتجاورة مع بعضها البعض في خط مستقيم، لتحاكي بذلك حياة البادية قديما، موضحا أنه دائما ما يكون في المقطر شخص له قدره وقيمته بين أهل القبائل ويكون رجل دين وعلم ولديه معلومات كثيرة عن القبائل وتاريخها وأبنائها، وهو ما يؤهله لأن يكون في المقدمة ويكون لديه المجلس الكبير الذي يجتمع فيه رجال القبيلة للتشاور واستقبال الضيوف وحل المشاكل التي قد تصادفهم تكون مرتبطة بحياتهم اليومية.

وأضاف المعاضيد أن المجلس الكبير دائما ما يكون به نشاطات مثل عد القصيد وألغاز الشعر وكثيرا من الأمور التي تنشط ذهن النشء ممن يستمعون إلى هذا الحديث لاكتساب الكثير من المهارات والخبرات ومنها لهجات القبائل ومعرقة الطرق وأماكن المياه اذا طلب منه أن يتبع الإبل، وبالتالي يكون على دراية بدروب الأرض، موضحا أن هذا كله يتجسد في فعالية المقطر، موضحا انها تحاكي حياة الأجداد قديما، حيث يتم تنظيم مسابقات في المقطر منها ركوب الجمل وهو واقف، وكذلك ممارسة الألعاب الشعبية التراثية، إضافة إلى استقبال الضيوف في بيوت الشعر الموجودة في منطقة المقطر.

وأشار إلى أن فعالية المقطر يوجد بها عدة بيوت منها بيت يخص الصقور والقنص وبيت خاص بحرف النساء مثل السدو والغزل وصناعة الألبان..

وفيما يخص العزبة قال السيد عبدالرحمن المعاضيد، يتعلم الأطفال فيها ركوب الهجن وكيفية شد الذلول، موضحا ان الرسالة من فعالية المقطر والعزبة في درب الساعي هي أن الآباء والأجداد كانوا يعانوا الصعوبات في الترحل والتنقل وكانت حياتهم قاسية، وبالرغم من صعوبة الحياة التي عاشوها حافظوا على دينهم وأرضهم وعاداتهم وتقاليدهم، وبالتالي من باب أولى للنشء في هذه الأيام ممن يعيشون حياة توفرت لهم فيها كل وسائل الراحة والرفاهية أن يحافظوا على الدين والوطن العادات والتقاليد .

ولم يخل درب الساعي من فعاليات خاصة بالتراث البحري حيث تجسد فعالية البدع في درب الساعي البيئة التراثية البحرية وتضم مجلس البدع وبيت المطوع والمقهى الشعبي ومجلس النوخذة والنهام وعكاس الفريج، والطواش، وغيرها من الأركان التي توثق التراث البحري القطري، بالإضافة إلى الألعاب الشعبية التراثية، مثل شد الحبل وخطف الشراع وصده رده والمسابقات الثقافية، فضلا عن وجود متحف متخصص في التراث البحري.

وتشارك هذه السنة العديد من الجهات منها وزارة البيئة والتغيّر المناخي التي تستعرض في جناحها عدداً جزءاً من الحياة الفطرية ومكونات البيئة القطرية والتي تضم أنواع مختلفة من النباتات للتعريف بها وغزال الريم، وفعاليات توعوية متنوعة، كما تشارك وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، حيث تعرض الاسر القطرية المنتجة مختلف المنتجات والمأكولات الشعبية المتنوعة.

كما يشارك الشقب، عضو مؤسسة قطر، بأنشطة متعلقة بالفروسية ضمن فعاليات درب الساعي بهدف تسليط الضوء على الخيل العربية الأصيلة وأهمية الفروسية في دولة قطر، إلى جانب غرس حب الخيل وتشجيع ركوب الخيل للأطفال، ونشر الجانب التراثي لركوب الخيل، الذي هو جزء لا يتجزأ من التراث القطري.

ويشارك الشقب بفعاليات ركوب البوني، إلى جانب العروض التراثية والمسيرة التي يقدمها فرسان أكاديمية تعليم الفروسية في الشقب.

وقال السيد/ محمد الخيارين – مدير إدارة تعليم الفروسية في الشقب: “يعتبر اليوم الوطني فرصة لنا للاحتفاء بما حققته دولتنا حتى الآن، كما أنه مناسبة لإحياء التراث القطري العريق مع الخيل العربية، وهو ما نسعى لتحقيقه من خلال مشاركتنا في فعاليات درب الساعي، حيث نقدم فعاليات متنوعة تهدف إلى غرس حب الخيل بين أجيال الشباب، باعتباره جزء لا يتجزأ من تراث الأجداد”، مشيرا إلى أن الشقب يسعى إلى مشاركة المجتمع والتوعية والتعريف بكل ما يتعلق بمجال الخيل، والرياضات المتعلقة به، حيث الخيل رياضة الآباء والأجداد.

كما تشارك مراكز وزارة الثقافة في تقديم فعاليات ثقافية وفنية متنوعة تحرص فيها على تعزيز الهوية وسط أجواء مفعمة بحب الوطن، فيقدم مركز التصوير الضوئي معرضا خاصة يستعرض أعمال المصورين القطريين بعنوان قطر الحضارة والتراث، في عدة محاور رئيسية وهي التراث بمختلف عناصره، والطبيعة في قطر التي تقدم المناظر الطبيعية في قطر، والحياة الفطرية، والمدينة الحديثة .

كما يقدم مركز الفنون البصرية ثلاثة معارض تشكيلية في جناح ليوان الفن إلى جانب قسم للورش الفنية مثل الخط العربي والحرف الخزفية وغيرها والذي يشهد تفاعلا كبيرا من الزائرين خاصة الأطفال.

كما يشارك مركز شؤون المسرح بفعالية المسرح وهي تُمثل رحلةً ثقافيةً عبر مجموعةٍ ثريةٍ من الفعاليات الثقافية حيث سيتم تقديم توثيق لتاريخ المسرح القطري الممتد لما أكثر من 50 عاما، إلى جانب مسرح الدمى الذي يقدم عروضا مختلفة وشيقة تروي قصصا من الموروث الشعبي القطري.

وفي إطار تقليدي حرصت اللجنة المنظمة على تخصيص فعاليات للأطفال وأهمها مضمار الأطفال ، والذي يضم فعاليات في الهواء الطلق مثل قيادة المركبات الصغيرة وممارسة رياضة كرة القدم والمشاركة في الفعاليات الأخرى، كما خصصت منطقة لألعاب التحدي والتي تقام في الهواء الطلق أيضا وتضم مجموعة كبيرة من الرياضات البدنية التي تعتبر تحدي للأطفال، حيث يشارك الأطفال في هذه الفعالية بالانتقال بين محطاتها التي تضم مختلف أنواع التمارين البدنية.

وقد أعدت وزارة الثقافة مجموعة كبيرة من الفعاليات الثقافية والتراثية حيث يشهد المسرح الرئيسي نشاطا ثقافيا وتراثيا يوميا في الندوات الثقافية والأمسيات الشعرية.

جدير بالذكر أن درب الساعي يفتح أبوابه أمام الجماهير يوميا من الساعة الثالثة عصرا وحتى الحادية عشرة ليلا، حيث تقام الفعاليات في المقر الدائم لدرب الساعي على مساحة 150 ألف متر مربع، والذي يتميز بمستوى عال من التجهيزات والخدمات والمرافق العامة التي توفر عوامل الراحة والأمان للزوار والجهات المشاركة، وتعزز تجربتهم خلال الفعاليات، ويظهر ذلك جليا من خلال توزيع أجنحة الجهات المشاركة في درب الساعي ومقراتها، فضلا عن التصميم الذي يبرز التراث المعماري القطري الأصيل بصبغة عصرية إبداعية.