انطلقت أمس أعمال الدورة العاشرة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية التي ينظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتختتم غدًا.

وشارك سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، في جلسة حوارية بعنوان «الثقافة ودورها في بناء المجتمع»، أدارها عبد الرحمن الباكر.

وبدأ سعادة الوزير الجلسة بالترحم على شهداء غزة. وقال: إن صبر أهل غزة برهان على أن الثقافة إنما هي إعداد للأزمات، وبهذا المدخل أشار إلى مفهوم الثقافة، وتصوره تجاهه.

ولفت إلى علاقة المجتمع القطري بالثقافة ورسوخها في الهم الوطني، رافضًا تعميم صورة نمطية محددة تجاه الثقافة، مع أهمية النقد الذاتي بوصفه إمكانية للتطور والرقي. وناقش دور وزارة الثقافة في التأثير في المجتمع، مشيرًا إلى أن «الثقافة مسألة متجددة غير ثابتة، ووفقًا لذلك تعمل وزارة الثقافة على تحديث استراتيجيتها، على اعتبار أنها مسألة لا تنتهي».

وتناول سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني موقع الثقافة في تعزيز الهوية القطرية، باعتبارها جزءًا من الهوية العربية الإسلامية ومستمدة منها، كما أنها تتلاقى مع الهويات الأخرى تتأثر بها وتؤثر فيها، مع الحفاظ على خصوصيتها، التي تجلت في كأس العالم قطر 2022.

وتناول سعادته موضوع «البشت»، باعتباره جزءًا من الإرث الثقافي، وأكد على مسألة الاحترام المتبادل للثقافة، وحق الجاليات في الاعتزاز بثقافتها، وشدد على أهمية الإنتاج الثقافي ودور وزارة الثقافة في هذا السياق، والمنافذ التي تتيحها للمجتمع القطري، والاهتمام بالنشء والإعداد الثقافي في ظل التحديات الراهنة المرتبطة بثورة الاتصالات الحالية. وتطرّق إلى استخدام الدبلوماسية الثقافية وسيلة لمد الجسور مع الشعوب الأخرى، والتي أثبتت نجاعتها في التجربة القطرية.

وتنتظم دورة المنتدى في محورين، هما: «علاقات دول الخليج العربية بالصين: استمرارية أم تحوّل؟» و»السياسات الثقافية لدول الخليج العربية» يُقدّم فيهما باحثون خليجيون وعرب وأجانب 38 ورقة بحثية في 13 جلسة، وتزامن مع المنتدى أعمال ندوة دورية أسطور «الكتابة التاريخية في بلدان الخليج العربية» التي تُقدم فيها 10 أوراق بحثية.

واستُهلّ المنتدى بافتتاح قدّمته العنود عبد الله آل خليفة، الباحثة في وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية بالمركز العربي، نوّهت فيه إلى أنّ المنتدى، الذي أطلقه المركز العربي في ديسمبر 2014، أضحى منبرًا أكاديميًا متخصصًا في شؤون منطقة الخليج العربي وقضاياها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وبدأت أعمال المنتدى بمحاضرة افتتاحية ترأسها مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي، مروان قبلان، وقُدّمت فيها ورقتان، الأولى، تناول فيها عبد العزيز حمد العويشق مرتكزات العلاقات الخليجية – الصينية، وناقش واقع الشراكة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والصين وأبعادها الاستراتيجية الجديدة.

وعُقدت الجلسة الأولى لأعمال المنتدى في مسارين متوازيين. في المسار الأول، ترأس سحيم آل ثاني جلسة بعنوان «العلاقات الخليجية – الصينية: المرتكزات والتحديات»، قُدّمت فيها ثلاث أوراق. تناول عبد العزيز بن عثمان بن صقر أهم المرتكزات في العلاقة الخليجية – الصينية على الصّعد السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والعلمية والتقنية، وآفاقها الممكنة. وتناول عبد الله الشايجي خيارات دول الخليج وتوازناتها الصعبة في العلاقة بين واشنطن، الحليف الأمني التقليدي، وبيجين، الشريك التجاري الأول. فيما تناول عبد الله باعبود علاقة دول مجلس التعاون بالصين.

وفي المسار الثاني، ترأس عبد الله الجسمي جلسة بعنوان «الدولة والشأن الثقافي في بلدان الخليج»، قُدّمت فيها ثلاث أوراق. ركّز محمد الرميحي على تجارب دول الخليج في النشاط الثقافي، وأهمية أخذ الثقافة في الاعتبار في صلب خطط التنمية. بينما تطرّقت أولريكه فريتاغ إلى تطوّر السياسات الثقافية في السعودية وإلى الدوافع المختلفة وراء الاستثمار الضخم في الشؤون الثقافية. أمّا لحبيب بلية ومحمد رضا سلطاني وإبراهيم بو الفلفل فحاولوا في ورقتهم الكشف عن الطريقة التي تُدير بها دولة قطر الشأن الثقافي فيما تواجه تحديات ثقافية ذات تأثيرات بالغة في هويتها الوطنية.

وعُقدت الجلسة الثانية في مسارين متوازيين. في المسار الأول، ترأس غانم النجار جلسة استأنفت النقاش حول مرتكزات العلاقات الخليجية – الصينية وتحدياتها، وقُدّمت فيها ثلاث أوراق. وحاول أسعد صالح الشملان تلمّس الفرص والتحديات المصاحبة لانعكاسات المنافسة الصينية – الأميركية على العلاقات الخليجية – الصينية.

وجادل روري ميلر بأنه لا مفرّ من ارتفاع حدّة التوترات بين القوى العظمى والمنافسة في بلدان آسيا في المجال البحري للخليج. وتناول جوناثان فولتون التوتّرات الكامنة في العلاقات الخليجية – الصينية المتنامية.

وفي المسار الثاني، ترأست عائشة العماري جلسة بعنوان «السياسات الثقافية في دول الخليج في سياق التحولات السياسية والفكرية»، وقُدّمت فيها ثلاث أوراق. وبيّن زيد بن علي الفضيل طبيعة التحولات القائمة في المشهد الثقافي السعودي منذ القرن العشرين حتى الوقت الراهن، وتأثره بمختلف الأحوال السياسية والاقتصادية. أمّا عبد الله أبو لوز، فقدّم إطارًا نظريًا شاملًا لفهم رؤية السعودية 2030، والدور الحيوي للقيادة الفردية في دفع تنفيذ الرؤية، متناولًا مفهوم الهندسة الاجتماعية وتأثيراتها في التغيير الثقافي. وتتبّع جاسم حسن الغيث الحالة التثاقفية والتهجين المعرفي (الإبستيمولوجي) اللذين تشهدهما الثقافة الخليجية، متخذًا من المشروع الثقافي المسرحي نموذجًا.

وفي الجلسة الثالثة، ترأس فيصل أبو صليب جلسة المسار الأول حول «تطور العلاقات البينية لدول الخليج العربية مع الصين». وتحدّث د.محمد المسفر حول تطور العلاقات القطرية – الصينية وتحدياتها في الفترة 1988-2023، وخلص إلى أنها تتميز بالديناميكية والنمو المتسارع، وتعزيز الثقة المتبادلة بين الدولتين، وتجلّى ذلك في تأسيس علاقة شراكة استراتيجية بينهما. أما هادي مشعان ربيع ناصر، فناقش استمرارية العلاقات الاقتصادية العراقية – الصينية.

وفي المسار الثاني، ترأس باقر النجار جلسة بعنوان «الإطار السوسيولوجي للسياسات الثقافية في بلدان الخليج»، وتعرّض يعقوب الكندري لقضية التماثل والاختلاف وارتباطها بمفهوم الاندماج الاجتماعي، مركّزًا على هويتين فرعيتين داخل المجتمع الكويتي، هما الهوية الحضرية والهوية القبلية. أما محمد بن سالم المعشني فبحث التكوين الثقافي للمواطن الخليجي.