سلطت فعاليات النسخة الحادية عشرة للقمة العالمية للابتكار في التعليم «وايز»، إحدى مبادرات مؤسسة قطر، الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة حياة الأفراد ذوي الإعاقة، وضمان نفاذهم الرقمي وعدم إغفال احتياجاتهم.
وفي هذا السياق، سلطت جلسة نقاشية، عقدت ضمن فعاليات القمة نظمتها مؤسسة قطر بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة ومبادرة «قطر متيسرة للجميع» بعنوان «الذكاء الاصطناعي كقوة خيرة لتعزيز الوصول والشمول»، الضوء على سبل استكشاف دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستقلال، والتصور الذاتي والخصوصية والبيانات الشخصية، بالإضافة إلى تأثيره على التعليم والتشريعات.
وناقشت الجلسة، التي شارك فيها عدد من ذوي الإعاقات المختلفة مكفوفين وضعاف البصر وضعاف السمع وغيرهم، تأثير الذكاء الاصطناعي على حياة الأفراد ذوي الإعاقة بطرق ملموسة وعملية، وإمكانية الوصول الميسر إلى الموارد المالية، حيث توقف المتحدثون عند مزايا الخدمات المرتبطة بالوصول الميسر من قبيل «التعليق الصوتي» المُتاح فقط في الهواتف المتطورة والمكلفة، وهو ما يشكل عائقًا لذوي الإعاقة غير القادرين على تحمل تكاليف هذه الأجهزة، مُشددين على ضرورة توافر ميزات إمكانية الوصول الأساسية على مستوى مجموعة أوسع من الأجهزة لضمان إمكانية الوصول للجميع. وأكدت الدكتورة حياة خليل نظر المُستشارة في معهد النور للمكفوفين، على الدور الحيوي الذي يضطلع به الذكاء الاصطناعي في تعزيز استقلالية الأفراد ذوي الإعاقة، قائلة «انطلاقًا من تجربتي الشخصية، كفرد ضعيف البصر، أستطيع أن أقول إنني أستخدم التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي في تحسين قدراتي على الرؤية بشكل دائم».
وأوضحت أن هذه التطبيقات تمكنها من التقاط صور وتلقيها وصفًا دقيقًا لها، علاوة على قراءة الوثائق وتوفير معلومات عن محيطها، مما يجعلها تقوم بدور عيون بديلة لها، وعلى الرغم من فائدتها الكبيرة، فإنها تدرك أن استخدامها لهذه التقنيات يعني مشاركة الكثير من بياناتها الشخصية، ما قد ينجم عنه تحديات مهمة تتعلق بالخصوصية». ومن بين التحديات الرئيسية، التي جرت مناقشتها خلال الجلسة، احتمال أن يُفضي الذكاء الاصطناعي إلى أتمتة بعض الوظائف، ما قد يؤدي إلى فقدان بعض الوظائف المُخصصة للأفراد ذوي الإعاقة. وفي هذا الشأن، أوضح الدكتور خالد بن علي النعيمي، رئيس الاتحاد العربي للمكفوفين، أن «الكثير من الأفراد ذوي الإعاقة يعملون موظفين في مراكز الاتصال أو وكلاء مكاتب المعلومات، وهي من الوظائف المتوقع استبدالها بالذكاء الاصطناعي. ومع أن الذكاء الاصطناعي قد يجلب فرص عمل جديدة، إلا أنه من الضروري التأكد من تطوير مهارات الأفراد ذوي الإعاقة لضمان ألا تهدد التكنولوجيا فرصهم الوظيفية».
من جانبه، قال فيصل الكوهجي رئيس مجلس إدارة مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين: «نحن بحاجة إلى المزيد من السياسات والتشريعات الواضحة»، معتبرًا أن الأهم من ذلك، التنفيذ الصارم لضمان الالتزام بإرشادات إمكانية الوصول في جميع التقنيات الجديدة التي يتم تطويرها قبل طرح أي تقنية جديدة في السوق، ومن الضروري التأكد من أنها لا تخضع للتقييم الفني فقط، بل تمر أيضًا بعملية اختبار المستخدم من قبل الأفراد ذوي الإعاقة.
وتحدثت نسرين شريف مديرة مركز «ستيب باي ستيب» لذوي الإعاقة، عن دور الذكاء الاصطناعي في التعليم، مؤكدة على «إمكاناته التحويلية» في جعل التعليم أكثر شمولية وقابليته ليلائم جميع الأشخاص. كما ذكرت أن مركزها يستخدم الذكاء الاصطناعي لتوفير تجارب تعليمية مخصصة للأطفال والشباب، مما يشبه «إنشاء مناهج دراسية مصغرة لكل طالب بناء على احتياجاته ومستواه» – وهو أمر سيكون شبه مستحيل بدون تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مشددة على ضرورة التعاون بين الباحثين ومطوري البرمجيات والأفراد ذوي الإعاقة، لتوفير الخدمات وفق احتياجاتهم.