أقيمت ندوة حول “صناعة النشر في قطر” وذلك ضمن البرنامج الثقافي لدولة قطر “ضيف شرف” معرض عمان الدولي للكتاب 2023 في دورته الـ”22″، المقام حاليًا بالعاصمة الأردنية “عمان” ويستمر حتى 30 سبتمبر الجاري.

وشارك في الندوة الدكتور إبراهيم عبد الرحيم السيد نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب ومدير دار الوتد للنشر، والدكتورة عائشة الكواري المدير العام للملتقى القطري للمؤلفين والرئيس التنفيذي لدار روزا للنشر، وجبر أبو فارس رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين.

وسلط الروائي الأردني أحمد الطراونة الذي أدار الندوة، الضوء على المشهد الثقافي العربي والمساهمات الفاعلة لدولة قطر في إثرائه، موضحا أن الصناعات الثقافية في العالم العربي اليوم تعتبر إحدى أهم الركائز الرئيسية في أي اقتصاد وطني، ومن هذه الصناعات صناعة النشر، في إشارة للطراونة لمدى التشابكية بين الثقافة والاقتصاد.

وأضاف أن حجم سوق النشر العالمي في عام 2022 بلغ 138 مليار دولار في حين بلغت حصة الدول العربية منه 5 مليار دولار فقط تنحصر معظمها في إصدارات الكتب الجامعية والمدرسية، الأمر الذي يؤشر إلى أن صناعة النشر في الوطن العربي تمر بمرحلة خطيرة، مؤكدًا أن قطر جزء أصيل من المشهد الثقافي العربي وقطاع النشر، الأمر الذي يحتاج إلى دراسة واقع النشر في قطر والكشف عن نقاط القوة والضعف فيه.

أما الدكتورة عائشة الكواري، فقد بدأت حديثها بالندوة قائلة إن هناك ارتباطًا وثيقًا بين صناعة النشر والاقتصاد، حيث تعتبر صناعة النشر اقتصادًا معرفيًا وتواجه تحديات كبيرة، مبينة أن أصحاب دور النشر والمطابع عند دخولهم هذا القطاع يدخلون من هاجس يتمثل في المسؤولية الاجتماعية لديهم إلى جانب الطموح الاستثماري المطلوب.

وأردفت أن واقع قطاع النشر في دولة قطر لا يختلف كثيرًا عن الدول العربية من حيث المشاكل والتحديات والأزمات اقتصادية التي تخص القطاع كارتفاع أسعار الورق وانخفاض في معدلات اقتناء الكتب، ونشر ثقافة القراءة، وترى أن حل هذه العقبات يكمن بـ”الموائمة الصعبة” على حد قولها بين معضلات قطاع النشر وارتفاع تكاليفه مع ضعف القدرة على اقتناء الكتاب، الأمر الذي يتطلب الدور الكبير من قبل الناشر والقارئ والمجتمع ككل.

ونوهت الدكتورة عائشة الكواري المدير العام للملتقى القطري للمؤلفين والرئيس التنفيذي لدار روزا للنشر، بأن عدد دور النشر في دولة قطر نسبتها بسيطة جدا إذا ما قورنت مع الرؤية والطموح العظيم للدولة، وأن قطاع النشر في قطر بدأ حديثا منذ عام 2017 كدور نشر خاصة، وما قبل ذلك التاريخ كان قطاع النشر في الدولة قطاعًا مؤسسيًا حكوميًا كمؤسسات التوزيع والمكتبات، وكانت دار روزا للنشر أولى دور النشر في قطر تلتها دار الوتد، تلتها دار نبجة، ومن ثم العديد من دور النشر سواء كانت خاصة أو كانت شبه حكومية، كدار نشر جامعة قطر ، ودار نشر جامعة حمد بن خليفة، ودور النشر التابعة لمراكز البحوث والدراسات.

وبينت أن قطر اليوم تشهد تنوعًا في دور النشر الأمر الذي ينصب في صالح القارئ والمجتمع، مشيرة إلى أن الواقع أقل من الطموح وما زلنا في الخطوة الأولى وهناك أجندة من الأهداف المرجو تحقيقها والتي تتطلب التشاركية ما بين المؤلفين والناشرين والمجتمع.

واختتمت الكواري حديثها بأن معرض عمان الدولي للكتاب بدورته الحالية أتاح الفرصة لاطلاع القارئ الأردني والعربي على واقع قطاع النشر في دولة قطر، ومد جسور التعاون بين المؤلفين والناشرين من البلدين.

من جانبه، تحدث الدكتور إبراهيم عبد الرحيم السيد أثناء مداخلته بالندوة عن تاريخ ونشأة صناعة النشر في دولة قطر، مبينًا أن قطر من الدول السباقة عربيًا مع بداية عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني بالاهتمام بالكتاب، حيث كانت تتم طباعة الكتب في البلاد وشراؤها أيضًا من الهند ومن مصر وبغداد وتوزيعها على القرى والمهتمين بالقراءة، ثم تلا ذلك عهد الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، حيث بدأ الاهتمام بالكتاب بكل أشكاله، بدءًا من طباعة الكتب وتوزيعها ونشر أمهات الكتب سواء كانت في التاريخ أو الأدب أو الكتب الإسلامية أو الشعر العربي، وجمع مخطوطات كبيرة تعتبر من أنفس المخطوطات العربية، بالإضافة إلى تأسيس دار الكتب القطرية كمكتبة عامة في الدولة والتي كانت أول مكتبة رسمية في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 1958.

وأسهب إبراهيم السيد في حديثه عن تاريخ صناعة النشر القطرية، بذكره أن قطر من أوائل الدول التي انضمت لرقم الإيداع الدولي في بداية الثمانينات وكانت مهتمة بالنشر بوضع رقم للكتاب سواء كان رقم دار الكتب القطرية أو برقم الإيداع القطري، مضيفًا أن عملية النشر بالشكل الحكومي استمرت من خلال مؤسسات حكومية كوزارتي الاعلام والثقافة سابقًا مرورًا بالمجلس الوطني للثقافة والهيئات الموجودة، حتى عام 2017 والذي شهد بداية النشر الخاص.

وأشار إلى أن هناك عدة مشاريع للاهتمام بالكتاب في قطر، سيكون لها مستقبل جيد في زيادة المستوى الثقافي والمعرفي القطري، موضحًا أن برنامج “قطر تقرأ” من البرامج الثقافية التي تهتم بالقراءة والكتاب ونشره، بالإضافة إلى وجود مكتبة قطر الوطنية التي تعتبر من أهم المكتبات العامة الموجودة في المنطقة العربية بالإضافة إلى وجود عدة جوائز تختص بالشأن الثقافي كجائزة حمد بن خليفة للترجمة وهذه من أهم الجوائز العربية في هذا المجال بالإضافة إلى جائزة الرواية التي تنطلق من جائزة كتارا للرواية.

وأضاف نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب ومدير دار الوتد للنشر أنه منذ بزوغ فجر دور النشر الخاصة القطرية في عام 2017، ارتفع رقم الإيداع القطري والذي كان متواضعا آنذاك بواقع 400 إلى 1200 كتاب نشر في قطر لعام 2022، موضحًا أن كتب الأطفال كذلك انتشرت في دولة قطر .

وبين أن معرض الدوحة الدولي للكتاب من أوائل المعارض العربية للكتاب ويحل في المرتبة الرابعة عربيًا والذي بدأ في عام 1972 بعد كل من معرض بيروت والقاهرة وبغداد.

يشار إلى أن معرض عمان الدولي للكتاب بدورته الـ22 انطلقت فعالياته في 21 سبتمبر الجاري بمشاركة 400 دار نشر محلية وعربية ودولية سواء بشكل مباشر أو من خلال التوكيل من 22 دولة، ويقام تحت شعار “القدس عاصمة فلسطين”، لما تمثله القدس في وجدان الأمة العربية.