نظمت وزارة الثقافة، الليلة، ندوة بعنوان “20 عامًا على تأسيس اتفاقية 2003 لحماية التراث الثقافي غير المادي”، وذلك ضمن الفعاليات الثقافية بمعرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الثانية والثلاثين، والمقام حاليًا في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات تحت شعار “بالقراءة نرتقي”. حضر الندوة سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة وجمع من المثقفين وجمهور المعرض

وتحدث خلال الندوة كل من سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب مندوب دولة قطر الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وسعادة السيد صلاح الدين زكي خالد، مدير مكتب منظمة اليونسكو الإقليمي لدول الخليج العربية واليمن في الدوحة، والسيد محمد سعيد البلوشي خبير التراث في وزارة الثقافة، وأدارها الكاتب والإعلامي جاسم سلمان.

وتحدث الدكتور ناصر الحنزاب، في البداية عن تاريخ منظمة اليونيسكو وأهم أهدافها في صون السلم والأمن الدوليين من خلال التعليم والثقافة، لافتًا إلى أن دولة قطر منذ انضمامها إلى منظمة اليونسكو عام 1972 أصبحت فاعلًا أساسيًا على المستوى الدولي لتعزيز السلام والأمن الدوليين من خلال التعليم والثقافة والقطاعات الأخرى.

واستعرض سعادته اهتمام دولة قطر بتحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، وكيف تلتقي هذه الرؤية مع توجهات اليونسكو حيث كرست الرؤية الوطنية مفهوم الثقافة كأحد مصادر التنمية بشكلًا واضحًا من ناحية والحفاظ على التقاليد والقيم من ناحية أخرى، مشيرًا إلى انضمام دولة قطر إلى اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي عام 2008، منوهًا في الوقت ذاته إلى وجود اتفاقيتين دوليتين معنيتين بالتراث إحداهما اتفاقية صون التراث المادي وتم توقيعها عام 1972، والأخرى هي اتفاقية صون التراث المغمور في المياه لعام 2001.

كما تحدث مندوب دولة قطر الدائم لدى (اليونسكو) عن عضوية قطر الحالية في لجنة التراث العالمي والمشكلة من 21 دولة، مؤكدًا على دعم دولة قطر لمنظمة اليونسكو في جميع القطاعات، ومن أهم إسهاماتها في تأسيس صندوق الطوارئ لحماية التراث العالمي بتبرع بلغ عشرة ملايين دولار وذلك خلال استضافة قطر الجلسة الثامنة والثلاثين للجنة التراث العامي 2014.

وأكد الدكتور ناصر الحنزاب اهتمام قطر بتسجيل عناصر التراث سواءً المشترك مع دول أخرى أو التراث الوطني، وذلك بالتنسيق مع الدول الخليجية والعربية، مشيرًا في هذا الصدد إلى توقيع وزارة الثقافة بالتزامن مع افتتاح معرض الدوحة الدولي للكتاب اتفاقية تعاون مع وزارة الثقافة السعودية للتنسيق والتعاون في تحقيق هذه الأهداف، لافتًا إلى أن من أهم الملفات التي تقوم عليها وزارة الثقافة حاليًا البشت والذي برز عالميًا خلال كأس العالم FIFA قطر 2022 ، وكذلك العرضة القطرية.

كما تناول في حديثه أهم التحديات التي تواجه التراث الثقافي سواءً المادي أو غير المادي مثل الحروب والنزاعات والتغير المناخي وغيرها.

ومن جانبه، أعرب سعادة السيد صلاح الدين زكي خالد، مدير مكتب منظمة اليونسكو الإقليمي لدول الخليج العربية واليمن في الدوحة، عن شكره لوزارة الثقافة التي خصصت جناحًا بمعرض الدوحة الدولي للكتاب لعرض إصدارات ومنشوات اليونسكو.

وتحدث تفصيلًا عن أهمية اتفاقية 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي، مؤكدًا أن دولة قطر شريك طويل الأمد لمنظمة اليونسكو، وبخاصة في اتفاقية 2003، فمنذ التصديق عليها في سبتمبر 2008، أطلقت قطر العديد من المبادرات لتعزيز التراث الحي في قطر، وتعزيز التعاون العابر للحدود في هذا النطاق، مشيرًا إلى أنه تم تقديم جميع العناصر الأربعة المدرجة في القائمة التمثيلية لليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، بمشاركة دولة قطر كترشيحات متعددة الجنسيات، وبالتعاون مع دول أخرى، وتمثلت هذه العناصر في النخلة.. المعارف والمهارات والتقاليد الممارسات، والصقارة تراث إنساني حي، والقهوة العربية رمز الكرم، والمجلس مساحة ثقافية واجتماعية

وأوضح أن التعاون المستمر بين مكتب اليونسكو في الدوحة ووزارة الثقافة أثمر عن تنفيذ عدد من التدريبات المتعلقة ببناء القدرات العاملين في مجال التراث الثقافي غير المادي، ومنها التدريب على إعداد التقارير الدورية والجرد المجتمعية للتراث غير المادي، بالإضافة إلى المشاركة في تنظيم الفعاليات، بهدف تعزيز الوعي بأهمية صون الموروث الثقافي غير المادي بين أجيال الشباب، فضلًا عن المشاركة في الندوات الهادفة للتعريف بالثقافة القطرية .

وأضاف أنه بعد 20 عاما من اعتماد اتفاقية عام 2003، أصبح أكثر من 180 دولة طرفًا في الاتفاقية، وهو ما يبرز الاهتمام المتزايد من قبل الدول الأطراف، وما تقترحه من سبل للفوز ثقافة المجتمعات المختلفة، وحماية التنوع الثقافي للشعوب التقليدية الشفوية، وممارساتها الاجتماعية، والفعاليات الاحتفالية.

بدوره تناول السيد محمد سعيد البلوشي خبير التراث في وزارة الثقافة، جهود الوزارة في الحفاظ على الموروث القطري وجمع التراث والتي جاءت استكمالًا لجهود سابقة بدأتها دار الكتب القطرية منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي، ثم الإذاعة والتلفزيون، ليأتي دور إدارة الثقافة والفنون بالوزارة من خلال قسم الفنون والصناعات الشعبية، حيث تم جمع مواد كثيرة، لتأتي بعد ذلك تجربة مركز التراث الشعبي لدول الخليج بالدوحة، ليتم تدعيم هذه الجهود وتقويتها من خلال انضمام دولة قطر في 2008، إلى اتفاقية صون وحماية التراث 2003 حيث قامت دولة قطر منذ انضمامها بعملية الجرد الوطني لعناصر التراث، وتم تشكيل لجان لدراسة العناصر التي يمكن تسجيلها من قائمة التراث الوطني والتي تغطي المحاور الخمسة الموجودة في الاتفاقية، مستعرضًا أهم الملفات التي تم تسجيلها على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو حتى الآن.

وقال إن وزارة الثقافة تعمل حاليًا على إعداد ملفات جديدة أهمها ملفات السدو، والحناء، والخط العربي والأخيرين تم الانتهاء منهما للتسجيل، أما السدو والعرضة القطرية أو الرزيف وهو قطري خالص، وكذلك البشت وبعض أنواع المأكولات الشعبية في طور التسجيل حاليًا، لافتًا إلى وجود ملفات مشتركة مع دول أخرى، أو ملفات قطرية خالصة، مثمنا جهود وزارة الثقافة في الحفاظ على الموروث القطري ونشر الوعي الثقافي بأهمية المحافظة عليه.

جدير بالذكر أن معرض الدوحة الدولي للكتاب يقام في الفترة من 12 إلى 21 يونيو الجاري في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات ويشارك فيه أكثر من 500 ناشر من 37 دولة ، وتحل المملكة العربية السعودية هذا العام ضيف الشرف المعرض.