أكد عدد من الأكاديميين والفنانين أهمية مهرجان الدوحة المسرحي، المقرر الشهر الجاري، وطالبوا باستمراريته نظرا لكونه رافدًا يدعم الحركة المسرحية والدرامية القطرية بالمواهب.
وتجري حاليًا التجهيزات للنسخة الـ 35 من المهرجان للخروج بالمهرجان بحلة ثقافية وبلمسة شبابية، خاصة أن المهرجان يأتي بعد مرور 51 عاما على انطلاق الحركة المسرحية في قطر، إذ أثرى المسرح خلال تلك العقود الخمسة الماضية المجتمع القطري بالقيم الفنية المسرحية، من خلال العديد من الأعمال التي خلدها أرشيف الفن في قطر، وتركت بصمة واضحة ومميزة في الذاكرة.
وقال الفنان والاكاديمي والأستاذ بكلية المجتمع سعد بورشيد، إن مهرجان الدوحة للمسرح يحظى بأهمية قصوى كونه لطالما كان رافدًا للساحة الفنية القطرية، وساهم في اكتشاف العديد من المواهب، ودفع بهم إلى التخصص في المسرح والتمثيل.
وأضاف بورشيد: «يشكل المهرجان دفعة قوية للشباب على وجه الخصوص، كما يشجع المسرحيين على تقديم كل ما لديهم من إبداع، ومشاركة الشباب في المسرح تكسبهم قدرًا ومزيدًا من الثقة وتصقل خبراتهم»، موضحًا أن مثل هذه الفعاليات من شأنها أن تمثل رافدًا وإبرازًا وتطويرًا لمسرحيين كبار في المستقبل.
كما أشاد بمشاركة قطاع كبير من الشباب سواءً على المستوى الجامعي أو المستوى الحرفي للفرق المسرحية، حيث عادت أيضًا من خلال هذا المهرجان الروح في الأوساط المتعلقة بالمسرح والفنون.

بدوره قال الناقد والكاتب الدكتور حسن رشيد إن مهرجان الدوحة للمسرح كثيرًا يكون نقطة انطلاق جديدة للمسرحيين في قطر، ودافعًا لتقديم المزيد من الأعمال المميزة، متمنيًا أن تستمر الفعاليات المسرحية والفنية باستمرار على مدار العام، حتى يشهد الحراك الفني في قطر ظهور وجوه ومواهب شابة، وتواصل مسيرة الرواد والجيل الحالي من الفنانين.
وأضاف د. رشيد إن المهرجان من شأنه تحريك المياه الراكدة والنهوض بالحركة المسرحية من خلال إعادة النشاط للفرق المسرحية، والمهرجان يجمع ما بين عروض الفرق الأهلية والشركات الخاصة وعروض الشباب على المسرح وبمشاركة الفرق الجامعية، وبذلك يتم ربط جيل الشباب بجيل المسرحيين الرواد والمسرحيين المخضرمين، للاستفادة من خبراتهم وآرائهم في مجال المسرح.
وأشار إلى أن المهرجان يشهد حضورًا مميزًا من الجمهور خلال عروض المسرحيات والندوات، وهو ما يؤكد نجاح المهرجان.
المشاركة بـ «هروب»
بدوره أكد المخرج فالح فايز أنه بصدد التجهيز للمهرجان، الذي سيشارك فيه من خلال مسرحية «هروب» التي كتبها الكاتب طالب الدوس، وتشارك فيها مجموعة من الممثلين.
وعن أهمية مهرجان الدوحة المسرحي أعرب فايز عن تفاؤله بتقدم وازدهار المهرجان بدعم من وزارة الثقافة ممثلة بسعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، موضحًا أن البرنامج الثري للمهرجان من ناحية العروض والفرق والشركات المشاركة فيه ومن ناحية التنوع يجعله ثريًا، قائلًا يشتملُ برنامج المهرجان هذا العام على عروض للمسرح الجامعي تنتمي إلى فئة المسرحيات العربية، وعروض للفرق المسرحية الأهلية، وندوات رسميّة، وندوات تطبيقية، وعرض مسرحي خاص بليلة المهرجان، وسيكون عنوانه خمسون عامًا مسرح من اخراج ناصر عبدالرضا وإنتاج شؤون المسرح، كما يتضمنُ المهرجان حزمةً من الندوات تتضمنُ أوراقًا بحثيّة، إلى جانب ندوات تطبيقيّة ستعقب العروض، وكل ذلك يزيد من أهمية المعرض الذي يقدم في كل طبعة من طبعاته اضافة إلى الحركة المسرحية المحلية. وأعرب فايز عن أمله في أن يستعيد المسرح القطري عافيته، بالنظر إلى أن مهرجان الدوحة المسرحي يعتبر أقدم مهرجان خليجي في مجال المسرح، وأن تشهد البلاد حراكاً مسرحياً على مدار العام، بإقامة فعاليات مستمرة، دون الاقتصار على فعالية أو فعاليتين، بل يكون هناك حضورًا فاعلًا لمختلف الفعاليات والعروض والأنشطة المسرحية، فضلاً عن عودة إقامة المهرجانات المسرحية.
كما أعرب عن أمله في أن تتكون بنية مسرحية، بوجود خشبة مسرح، تستقبل العروض المسرحية، لتكون تفريغًا لمواهب وطاقات الشباب الكامنة، التي تتوق إلى المشاركة في أعمال فنية، وفي مقدمتها العروض المسرحية. مؤكداً أن المسرح القطري له تاريخ عريق، وهناك أسماء بارزة في عالم المسرح، من الضروري استثمارها، فضلاً عن المواهب الشبابية.

سبق وأعلن مركز شؤون المسرح التابع لوزارة الثقافة عن إقامة النسخة الخامسة والثلاثين من مهرجان الدوحة المسرحي خلال شهر مايو الجاري، ويشمل المهرجان إقامة عروض مسرحية للفرق الأهلية المسرحية، وشركات الإنتاج الفني.  وفي إطار سعيه لمنح الفرصة للشركات المتخصصة في الإنتاج الفني للمشاركة، أجرى مركز شؤون المسرح اجتماعات مكثفة للتحضير لمهرجان الدوحة المسرحي ومهرجان المسرح الجامعي القادمَين، وكذلك للموسم المسرحي لعام 2023، كما حدد مواضيع وورش العمل والندوات التي يحضّر لإقامتها عن المسرح. هذا بالإضافة إلى التفكير بكيفية المشاركة بالفعاليات والأحداث الثقافية المقبلة في الدولة مثل معرض الدوحة للكتاب، وفعاليات يوم الطفل العالمي وغير ذلك من الفعاليات. قام مركز شؤون المسرح بتنظيم وتسجيل وأرشفة الكتب والنصوص والمقالات المنشورة، في الجرائد المحفوظة في المركز. وتحويل شرائط الإنتاج المسرحي الموثّق منذ السبعينيات لتكون مسجلة ومؤرشفة رقميًا وصارت المكتبة التي تحتوي على كتب قيمة ومسرحيّات مهمة وعديدة مفتوحة لمن يرغب من الباحثين والقرّاء.
وكان ترتيب وتنظيم المكتبة جزءًا من عملية أخرى ضخمة قام بها المركز وهدفت لجمع وإطلاق ورقمنة الأرشيف المسرحي القطري. حيث تم تصميم تطبيق خاص بمسرح قطر يمكن مشاهدته على أجهزة الهاتف الذكية، للاطلاع على تاريخ المسرح القطري. حيث تمت تغذية هذا الأرشيف الرقمي بتسجيلات فيديو للمسرحيات القطرية المُخصّصة للكبار وللأطفال وللمسرحيات الجامعية ولعروض الدمى. كما يمكن الاطّلاع فيه على النصوص المسرحية والكتيّبات والمنشورات، التي تعلن عن المسرحيات، وتسجيلات صوتية لمقاطع ووقائع عن الندوات المُتعلقة بالمسرح، وما يتوافر من لقاءات مع رواد المسرح وما كُتب في الجرائد والمجلات عن المسرحيات والمسرحيين ويمكن من خلال التطبيق حجز التذاكر لحضور المسرحيات الجديدة فضلًا عن مشروع إطلاق «برود كاست» لرموز المسرح وسيعلن عن التطبيق قريبًا.
وقد كان حضور مركز شؤون المسرح واضحًا في كثير من الفعاليات الثقافية التي زخر بها عام 2022، التي نظمتها وزارة الثقافة في أماكن ومناسبات متعددة. حيث كانت ورشات العمل لتصنيع الدمى وتحريكها من نشاطات درب الساعي المُميزة وجذبت جمهورًا واسعًا ومتجددًا؛ كذلك نظم المركز في مكتبة قطر الوطنية -في شهر يونيو- ورشة مسرح مخصصة للأطفال بين عمري السابعة والثانية عشرة.