نظمت وزارة الثقافة مساء الأحد ندوة حول هوية العمارة القطرية في الخيمة الرمضانية ضمن الفعاليات المصاحبة لمعرض رمضان للكتاب.
حضر الندوة سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، وسعادة الدكتور عبد الله بن عبد العزيز بن تركي السبيعي وزير البلدية، وسعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند، وزير التنمية الاجتماعية والأسرة، وكوكبة من المثقفين.
واستعرض الخبير المعماري المهندس إبراهيم الجيدة ،خلال الندوة التي أدارها الإعلامي جاسم سلمان، جوانب من مسيرته التعليمية التي بدأت من مدارس الدولة ثم الدراسة في بريطانيا والتخرج في جامعة أوكلاهوما (الولايات المتحدة الأمريكية) في عام 1988، مشيرًا إلى أن اهتمامه بالعمارة يرجع إلى طبيعة البيئة ومنطقة الجسرة التي عاش فيها بالقرب من سوق واقف، والتي ساهمت في تشكيل فكره المعماري والاهتمام بالطراز القطري الأصيل.
وقال إن شغفه بالعمارة دفعه إلى تكريس حياته المهنية لدراسة الطراز القطري الغني، لافتًا إلى أن المتحف الوطني القديم يعد مرجعا للطراز المعماري القطري.
وأضاف : إن الطراز الخليجي توقف مع ظهور النفط ونشوء الحداثة غير أنه كان يحرص على استخدامه وتوظيفه في العديد من المباني، على نحو ما ظهر في النادي الدبلوماسي وبعض البلديات والمباني الحكومية الأخرى، حيث تم استحضار العمارة القطرية الأصيلة، مؤكدا أنه تولد لديه كنز من الرسومات للعديد من المباني القديمة.
ونوه بأنه بعد أن عمل في القطاع الحكومي بوزارة البلدية لمدة 4 سنوات، سعى إلى الحفاظ على العمارة القديمة والتي كانت رائدة في فترة التسعينات، وذلك باستحضارها خلال تلك الفترة، ما جعلها بداية المستقبل للمحافظة على هذا الإرث، وهو ما كان إيذانا بالاتجاه نحو تأكيد هوية العمارة القطرية.
وأضاف الجيدة أنه كان لديه حلم باستعادة الطراز المعماري القطري ومزجه بالحداثة، وأنه كرس جهوده لتحقيق ذلك من خلال تشكيل فريق عمل، لم يكن يسعى من خلاله إلى تحقيق الربح ، مؤكدًا أنه ظهرت طفرة معمارية عالمية مع متاحف قطر، من خلال الاحتكاك بمعماريين عالميين، والذين أنجزوا أعمالًا مستوحاة من البيئة والطراز القطري، مثل المتحف الإسلامي، والمتحف الوطني، حتى أصبحت قطر نموذجا للعمارة الاسلامية الحديثة.
وأشاد الجيدة بتجربة العمارة في مدينة مشيرب والتي راعت طبيعة المناخ في إنجازها وكانت بذلك أجمل تعبير عن عناصر العمارة القطرية، معربًا عن أمله في تأسيس فريج يحمل عناصر العمارة القطرية بما يحفظ هويتنا بعد غياب العديد من العناصر نتيجة الحداثة، لافتًا في هذا الصدد إلى غياب الحوش أو الليوان عن الهندسة المعمارية الحديثة، كما كان النمط المعماري يظهر الترابط المجتمعي.
وتحدث المهندس ابراهيم الجيدة عن واحدة من أهم المحطات العملية في حياته، وهي تصميمه لملعب الثمامة المونديالي، وذكر كيف تلق خبر اختياره للمشاركة في مسابقة لاختيار التصميم المناسب لملعب الثمامة، وقال: تلقيت اتصالًا يفيد بترشيحي للمشاركة مع كوكبة من المعماريين العالميين لتصميم ملعب بتفاصيل تنتمي إلى بيئاتنا القطرية وكان من بين الدلالات المعطاة لنا في نص المسابقة ما أطلق عليه غطاء الرأس أو القحفية، ولم أستطع النوم ليلتها لأتوجه في الصباح إلى سوق واقف وأشتري كل أنواع القحفيات المتاحة، والتي استلهمت منها التصميم، وحينها كان بداخلي، تصميم كبير على الفوز بالمسابقة خصوصًا أنني أعلم بقحفيتنا من الأجانب الذين تعتبر بالنسبة لهم غريبة وغير مألوفة، وركزت على الشكل الخارجي بالنظر إلى أنني لم تكن لدي خبرات مسبقة في تصميم الملاعب، لكنني وبالاستعانة بفريق من الاستشاريين، تمكنا من تقديم التصميم الأحسن والذي حظي بثقة المسؤولين.
وأكد أنه ليس ضد التصميم المعماري بطريقة عصرية لكن في نفس الوقت لابد أن تحمل عبق التاريخ وتجسد تراثنا، وهو ما نسعى إلى تحقيقه وزرعه في الأجيال القادمة من المعماريين والمعماريات ممن يتخرجون في الجامعات القطرية وشهدت الندوة تفاعلًا كبيرًا من الحضور حيث تمت الإشادة بمسيرة المهندس إبراهيم الجيدة، الذي أستطاع ان يضع نفسه كمهندس بارز في الحركة المعمارية الحديثة، والتي تجمع بين عمق التأثير الإسلامي وأسلوب العمارة الحديثة والمحافظة على الهوية القطرية.