تشكلُ الندواتُ بجميعِ أشكالِها ضرورةً مهمةً لتثقيفِ المُجتمعِ، وتوصيل معلومات حقيقية إلى المُتلقي، كما أنَّها نور في طريق المُفكِّرين وأصحاب الرأي والتأثير، يقومون من خلالها بترسيخ أفكارهم وتعزيز هُويتهم الثقافية. وفي إطار إعلان وزارة الثقافة عن انطلاق النسخة الثانية من «موسم الندوات» تفاعلَ النخب الثقافية مع هذه المبادرة التي سوف تستمر على مدار أسبوعَين، بالتعاون مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومكتبة قطر الوطنية، بمشاركة مجموعة من المفكرين والمثقفين والشعراء والأدباء والإعلاميين والمُختصين من داخل قطر وخارجها.
حيث أكَّدَ عددٌ من المسؤولين والمختصين في مجال الثقافة على أن «موسم الندوات» هو جسر ثقافي لتعزيز الحوار ودعم الفكر والإبداع، بما يشهده من فعاليات متنوعة تساهم في طرح الآراء والأفكار التي تخدم المجتمع وتُثري المشهد الثقافي ليسير جانبًا إلى جنب مع النهضة الشاملة التي تشهدها قطر في كافة المجالات، ويتناغم معها ويسهم فيها ويغنيها. وحثّوا كافة أطياف المجتمع على التفاعل مع هذه المبادرة وأن يكونوا جزءًا مساهمًا في فتح الآفاق والسبل أمام تحويل ما هو عارض إلى ما هو دائم الحضور والتأثير؛ لما لهذه الندوات من فائدة عظيمة لهم، وأثر مهم في النجاح والاستمرارية.
أكَّدَ سعادةُ الدكتورِ حمد بن عبد العزيز الكواري- وزير الدولة، رئيس مكتبة قطر الوطنيَّة- على ثقته الكبيرة بنجاح النسخة الثانية من «موسم الندوات»، داعيًا كافة فئات المجتمع بالمشاركة فيه. مشددًا على أنَّ النجاح مسؤولية كبرى. ففي العام الماضي نجحت وزارة الثقافة في تقديم نسخة أولى قوية من «موسم الندوات». مضيفًا: النجاح بقدر ما يثلج الصدر لكنه يتطلب نجاحًا آخر يؤكده. وبما أعرفه عن الاهتمام الذي توليه وزارة الثقافة بهذا الأمر، أثق بأنه لن يكون أقل من الموسم السابق. وأضاف قائلًا: بلدنا قطر خرجت للتو من انتصار كبير صفق له كل العالم. فعندما كنت في جولة أوروبية لمست هذا النجاح في أعين كل من قابلتهم. فكل من يعرف أني قطري يبتهج ويعبر عن سروره لنجاح قطر في تنظيم مونديال 2022.
وتابع قائلًا: كما قلت في البداية بقدر ما تحقق من نجاح، تكون المسؤولية في استمرارية هذا النجاح. لذلك كلي ثقة لا حدود لها بنجاح الموسم الثقافي. واختتم حديثه قائلًا: الثقافة أمر أساسي، فهي روح المجتمع وعندما تسود الثقافة وتتعمق في المجتمع تصبح التنمية مكتملة الجوانب. ولهذا أثمّن الدور الكبير الذي تقوم به المؤسسات الثقافية في قطر بشكل عام ووزارة الثقافة بشكل خاص.
يقولُ سعادةُ الدكتور حسن الدرهم- رئيس جامعة قطر-: للعام الثاني على التَّوالي ينطلقُ «موسم الندوات»، بأجنحته الثلاثة، وهي: وزارة الثقافة، وجامعة قطر، والمركز العربي للدراسات، والتي يكمل كل منها الآخر ويقويه، ويعبر عن الشراكة القوية، والتعاون المثمر البناء فيما بينها، وذلك لتحقيق رؤاها وأداء رسالتها في بناء الإنسان، والارتقاء بالمجتمع، وتعزيز هُويته الثقافية والفكرية ليسير جنبًا إلى جنب مع النهضة الشاملة التي تشهدها قطر في كافة المجالات، ويتناغم معها ويسهم فيها ويغْنيها. كما تساهم هذه الندوات في إثراء المشهد الثقافي، وتجديد روافده وتنويعها، بما تقدمه النخب الفكرية المشاركة فيه من محاضرات ومداخلات غاية في الأهمية. وبما تطرحه من قضايا ثقافية تلامس حياة جمهور استطاعت ثقافته أن تفرض نفسها على الساحة الدولية خلال مونديال قطر 2022 وبعده. ولعل هذه الندوات تساهم في فتح الآفاق والسبل أمام تحويل ما هو عارض إلى ما هو دائم الحضور والتأثير. وأضافَ قائلًا: أحث الجميع على حضور هذه الندوات والتفاعل معها مباشرة أو عبر وسائل الإعلام المتعددة لما فيه من فائدة عظيمة لهم، وأثر مهم في النجاح والاستمراريَّة.
يتساءلُ الناقدُ المسرحيُّ والإعلامي د. حسن رشيد، عن الذي بَقِي من الحضارات القديمة؟. فبلا شك هناك الأهرامات في مصر، وهناك سور الصين العظيم. مشيرًا إلى أنَّ الحضارة الأهم -في حقيقة الأمر- تتمثل في الإرث الإغريقي في الفلسفة والحكمة والمسرح. مشيرًا إلى أنَّنا ما زلنا حتى هذه اللحظة نستمد أفكارنا من كتابات وتجارب كبار كتاب العهد الإغريقي. وهذا يؤكد على أن الثقافة التي تتجسد في شمولية الكلمة هي الإرث الحقيقي للإنسانية. وأضاف قائلًا: عندما نطلب من المثقفين من أبناء هذا الوطن أو الأشقاء العرب المقيمين على أرضه المشاركة في المعارض المختلفة سواء الخاصة بالفنون التشكيلية أو معارض الكتب أو الندوات، فإننا نعود إلى زمن العصر الذهبي للحضارة الإنسانية التي سجلت في حاضرة الدنيا هذا الدور. فبمقدور مَن أن ينسى بيت الحكمة الذي قدم للعالم أجل وأعظم الأعمال، أو التاريخ العربي المتمثل في تلك المعلقات لأبرز الشعراء منذ العصر الجاهلي، وحتى هذه اللحظة. وعقب قائلًا: الثقافة هي في حقيقة الأمر النبع الفياض بالنسبة للإنسان في هذا العصر، وعلينا حقًا أن نكون من الجموع التي ترتاد هذه المنتديات والملتقيات الفكرية والفنية والاجتماعية، لأن الثقافة والفكر زاد الإنسان منذ أقدم العصور حتى هذه اللحظة.
أعربتِ الأستاذةُ الدكتورةُ مريم المعاضيد- نائبُ رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العُليا- عن سعادتِها بتواصل «مواسم الندوات» في نسختِه الثانية، وأن تكون جامعة قطر جزءًا مهمًّا من هذه الفعالية الثقافية المُميزة، والتي يقام بعضُها في رحاب الجامعة. وبيَّنت المعاضيد حرصَ جامعة قطر على إقامة العديد من الأنشطة الثقافية والفكرية والتي تتشارك في أهدافها مع استراتيجية وزارة الثقافة.
مشيرةً إلى أنَّ الندوات شاملة ومتنوعة، وتتجاوز النخب لتصل إلى كافة شرائح المجتمع، مشجعةً هذا التواصل الثقافي الذي يفتح آفاقًا جديدة للإبداع.
يرَى الشاعرُ حمد بن صالح المري أنَّ أهميةَ «موسم الندوات» تكمنُ في كونه يساهمُ بشكل كبير في فتح أبواب المعرفة والثقافة للجميع، ويجعل من المحاور الثقافية المتعددة جرعةً مكثفة من الفكر، يتناولها المرءُ في ندوة مدتها ساعة أو ساعة ونصف، يناقشُ من خلالها أبعادَها، ويستكشف تشعباتها ويصل من خلالها إلى النتيجة التي قد تستهلك منه عددًا كبيرًا من الكتب من أجل أن يصل إليها، فالكتب هي عصارة الفكر، والندوات هي عصارة الكتب. وأضاف قائلًا: يحسب أيضًا للندوات الثقافية -التي تقوم بها وزارة الثقافة- أنها دائمًا ما تفتح لنا أبعادًا جديدة في النظر إلى القضايا الثقافيَّة الكُبرى. وتحرك الساحة الثقافية وتبث فيها الحياة من جديد. فموسم الندوات يساهم في تحريك المياه الراكدة بالساحة الثقافية، حيث يتمُّ اختيار المُتحدثين على مُستوى عالٍ من المعرفة والثَّقافة والعلم.