تشهد الفعاليات الثقافية بدرب الساعي إقبالاً من الزوار، حيث تستقطب جمهورًا متنوعًا يتفاعل مع الباقة الغنية من الندوات الفكرية والأمسيات الشعرية والعروض المسرحية والفنون البصرية التي تنظمها وزارة الثقافة ضمن فعاليات اليوم الوطني للدولة، بالمقر الجديد والدائم لدرب الساعي.

وأشاد الزوار بتلك الفعاليات التي تتماشى مع أهداف اليوم الوطني وتبرز الثقافة القطرية والهوية الوطنية والتراث الأصيل وتواكب استضافة الدولة كأس العالم فيفا 2022.

قبلة الزوار

ويتميز “درب الساعي” هذا العام بجناح “ليوان الفن” الذي يستعرض الإبداع القطري في مجالات الفنون التشكيلية وفنون التصوير الضوئي وجماليات الحرف العربي والزخرفة الإسلامية وفنون الخزف التي تستعرض مضامين الهوية الوطنية.

ويضم “ليوان الفن” مجموعة من المعارض هي: ليوان الرواد، ليوان الخزف، ليوان الحرف العربي والزخرفة الإسلامية، وليوان جماليات قطر للتصوير الضوئي، وليوان الورش الفنية، وذلك بمشاركة عددًا من المراكز التابعة لوزارة الثقافة وهي: مركز الفنون البصرية، ومركز قطر للتصوير، ومركز النادي القطري لهواة الطوابع والعملات.

ويحظى ليوان الحرف العربي والزخرفة الإسلامية بإقبالًا كبيرًا من الزوار المحليين ومشجعي كأس العالم، حسب الخطاط والفنان التشيكي المشارك بالفعالية يوسف شلار.

وقال شلار إن “تفاعل الزوار مع فعالية الخط العربي تفاعلًا كبيرًا جداً، والناس تأتي لليوان الفن للاطلاع على فنون الخط وكيفية كتابة الخط العربي من خلال الورش التعليمية التي نقدمها للزوار، مشيراً إلى استمتاع الزوار بالفعالية واهتمامه بتعلم كتابة أسماءهم بالخط العربي حتى وإن كانوا غير ناطقين بالعربية”.

وأضاف الفنان التشيكي أن وفدًا من مشجعي منتخب الأرجنتين الذين زار ليوان الحرف العربي وأمضى نحو ساعة في تعلم كتابة اسم بلادهم بالخط العربي، بالإضافة إلى كتابة أسمائهم التي أخذوها كتذكار من قطر”، معتبراً تفاعل الزوار مع الفعاليات الثقافية والفنية انعكاسًا لـتنوع وجمال العناصر الأصيلة الملهمة في الثقافة العربية والقادرة على ترك أثر وبصمة في الناس حتى وإن كانوا غير ناطقين بالعربية.

ويضم “ليوان الرواد” مقتنيات من أعمال الفنانين التشكيليين القطريين الرواد. ويشتمل على جزء خاص بلوحات الفنان التشكيلي القطري الرائد جاسم زيني “1942 – 2012” أحد أبرز الفنانين التشكيليين القطريين المعاصرين. كما يشتمل “ليوان الرواد” على أعمال مختارة لكبار الفنانين التشكيليين القطريين من رواد الفن التشكيلي وهم: حسن الملا ويوسف أحمد ووفيقة سلطان العيسى وعلي حسن وفرج دهام وسلمان المالك ومحمد علي عبدالله. ويوفر المعرض فرصة لزوار درب الساعي للاطلاع على نماذج من تجارب هؤلاء المبدعين الرواد.

وقال ناصر الدهيمي أحد زوار ليوان الرواد إن المعارض الفنية في الليوان تجذبه بتنوعها بين المحتوى التشكيلي والخط العربي، مشيرًا إلى دور المعارض الفنية في درب الساعي في تعزيز الثقافة الإسلامية ولا سيما في فترة تستضيف فيها الدولة مناسبة بحجم كأس العالم.

الطوابع والعملات

من جهة أخرى جذب “ليوان الطوابع والعملات” عددًا من الأسر القطرية الشغوفة بالاطلاع على تاريخ الطوابع والعملات واستخداماتها، بجانب النماذج النادرة منها، والتي ضمها الليوان، منذ أول الإصدارات القطرية حتى الآن.

وقال ناصر الدوسري، أحد زوار الفعالية إن الجميل في درب الساعي هذا العام هو أنه أجمل نسخة بين النسخ السابقة من حيث الإبداعات الموجودة والطوابع والعملات التراثية التي تذكر بالماضي، مضيفًا أن ليوان الطوابع والعملات بجمعه عددًا كبيرًا من العناصر التراثية في مكان واحد لا يجتذب الجيل الأصغر سناً الساعي للتعرف على ماضيه فقط، وإنما الكبار ايضاً الذين تمثل لهم هذه العناصر ذكرى لا تزال راسخة في أذهانهم.

ويشارك مركز قطر للتصوير التابع لوزارة الثقافة بمعرض “جماليات قطر” الذي يضم أعمالًا تعكس النهضة العمرانية والاقتصادية، وتعرف العالم بمعالم قطر وبيئتها الطبيعية.

ويستقطب ليوان الخزف بدوره اهتمام زوار درب الساعي ولا سيما من الفئات الشبابية، وأشادت مدربة الخزف بمركز الفنون البصرية سوسن الشعار بتفاعل الزوار مع ورشة الخزف والإقبال الكبير الذي شهدته خلال الأيام الماضية، سواء التشكيل اليدوي أو التشكيل بالدولاب الكهربائي، مشيرة إلى إقبال المواطنين القطريين على المشاركة بورشة الخزف.

فعاليات ثقافية وفنية

ويشهد المسرح الرئيسي بدرب الساعي عدداً من الفعاليات الفنية والثقافية المتنوعة التي تسعى للوصول إلى أكبر قدر من الجماهير بمختلف جنسياتها وثقافاتها من خلال تنوع المواضيع المطروحة في 23 ندوة، و6 أمسيات شعرية و3 عروض مسرحية، وذلك بمشاركة مميزة من مركز شؤون المسرح، ومركز شؤون الموسيقى، مركز الفنون البصرية، مركز قطر للشعر (ديوان العرب)، والمركز الإعلامي القطري، والملتقى القطري للمؤلفين، ومركز قطر للتصوير.

وتتناول الندوات الثقافية التي احتضنها المسرح الرئيسي منذ انطلاق الفعاليات وحتى اليوم عدداً من الموضوعات التي تهم الجمهور بمختلف أطيافه، ومنها دور الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في إبراز الثقافات وكيفية صناعة المحتوى والتأثير على منصات الإعلام الجديد، والإرث والتأثير العميق للتراث القطري، كما تناولت الأدوار والإنجازات الكبيرة التي حققتها المرأة القطرية.

واستهلت ندوة “دور الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في إبراز الثقافات”، فعاليات مسرح درب الساعي، بمشاركة كلّ من الإعلامي والكاتب د.عبدالله فرج، ومدير تحرير العرب السيد حسن المحمدي، والسيدة مريم ياسين الحمادي، مدير إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة، فيما أدار النقاش الإعلامي أحمد السعدي.

واستعرضت الحمادي في مداخلتها بالندوة العلاقة بين الثقافة والإعلام، مؤكدة أن كل من وسائل الإعلام والثقافة الاجتماعيّة العامّة تؤثر على بعضها البعض، حيث يُمكن لوسائل الإعلام أن تؤثّر على المُجتمع وثقافته السائدة، لذا أصبحت الحاجة للإعلام لحماية المجتمع وثقافته من خلال جبهة تحمي المجتمع وتساعد في تعزيز قيمه ومبادئه.

وتعليقًا على دور المؤثرين الاجتماعيين قال الدكتور عبدالله فرج، على هامش الندوة: “فترة المونديال تعطي دفعة لكل شرائح المجتمع سواء كانوا إعلاميين، كتاب، مؤلفين، مبتكرين قراء ومن لديهم أي وسيلة للتواصل الاجتماعي أن يكونوا لبنة لبناء صرح إعلامي قطري جديد دعمًا للمسيرة الإعلامية”، معتبرا أن “درب الساعي ملتقى للحضارات والثقافات وفرصة للاطلاع ضيوف المونديال على هويتنا وثقافتنا، ونتعرف على ثقافاتهم ولغاتهم بدورنا”.

وثمن المشاركون في ندوة “التراث.. إرث ممتد وتأثير عميق”، دور وزارة الثقافة ومؤسسات الدولة كافة في الحفاظ على التراث والعمل على توثيقه ترسيخا للهوية الوطنية وتأكيدا على عراقة هذا التراث.

وأشادت د. عائشة الكواري في مداخلتها خلال ندوة بعنوان “المرأة القطرية.. أدوار وإنجازات كبيرة في المجتمع” بالتقدم الذي حققته المرأة القطرية ودورها في تحقيق أهداف استراتيجية ٢٠٣٠.

وأكدت الإعلامية حصة السويدي على دور المثقفة القطرية كسفيرة لبلادها على المنصات الاجتماعية وأمام العالم المنفتح على قطر، وذلك بدينها الإسلامي وهويتها الأصيلة.

ديوان العرب

ونظم مركز قطر للشعر “ديوان العرب”، ندوة بعنوان “الشعر والقيم” في درب الساعي، ضمن برنامج الندوات الثقافية المصاحبة لفعاليات واحتفالات اليوم الوطني للدولة، وشارك في الندوة كل من الشعراء لحدان الكبيسي، عضو لجنة الدراسات في مركز قطر للشعر “ديوان العرب”، والشاعر علي المسعودي، والشاعر محمود الزيبق، وقدمها الإعلامي عطا محمد.

وتناولت الندوة أهمية الشعر والقيم، وتعريفهما، كما تناولت معاني القيم المختلفة، وخطورة توظيف الشعر توظيفا سلبيا، ما قد يُحدث أضرارا على المجتمع، كما تناول التعريفات المختلفة للشعر ودوره في نشر الوعي بين أفراد الجيل الجديد.

وشهدت الندوات الموسيقية التي نظمها مركز شؤون الموسيقى التابع للوزارة تفاعلا كبيرا من الحضور مع نغمات فن الفجري في ندوة “فن الفجرة.. لؤلؤة البحر”، التي أطربت الجمهور. تفجر حماسهم على وقع الأغنية الرياضية في ندوة بعنوان “نغمات حماسية بروح رياضية” استضافت الفنان علي عبد الستار والشاعر شهاب الشمراني.

وأعرب المشاركون في الندوة، عن سعادتهم بالأجواء التراثية وجهود وزارة الثقافة في تقديم التراث القطري ضمن احتفالات اليوم الوطني بدرب الساعي.

وقال الباحث محمد الصايغ وصاحب كتاب “الفجري وفنون العمل على ظهر السفينة” “إن فن الفجري فن عريق في قطر وهو غني بأهازيجه وكلماته، حيث كان مصاحبا لرحلات الغوص على اللؤلؤ باستمرار، مشيرا إلى تأثيره الإيجابي والنفسي في رفع أداء البحارة وعملهم.

من جهته، تحدث الفنان الشعبي خالد جوهر عن تاريخ فن الفجري وارتباط الناس به قديما، مشيرا إلى أن فن الفجري كان المحفز والطريقة التي تهون عليهم تعب الأيام.

الفنون البحرية

بدوره، قدم النهام عمر سلطان الكواري شرحا حول الفروق بين الفنون البحرية والسمات الخاصة لكل فن من الفنون البحرية، وامتع الحضور بتقديم نماذج من فن الفجري بأشكاله الخمسة الأساسية بمصاحبة الفرقة الشعبية التي استخدمت أدواتها التقليدية المرتبطة بفن الصوت.

الاغنية الرياضية

وأكد الفنان علي عبد الستار، خلال ندوة “نغمات حماسية بروح رياضية، أن الأغنية الرياضية لها تأثير كبير في إثارة الحماس لدى الجماهير واللاعبين على السواء، مشيراً إلى إعداده أربعة أعمال غنائية رياضية جديدة مؤخرا، قامت وزارة الثقافة بإنتاج إحداها، وذلك بالتزامن مع استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.

من جهته، قدم الشاعر شهاب الشمراني عددا من القصائد المتنوعة التي لقيت تفاعلا لافتاَ من الجمهور.

وكانت اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني للدولة 2022، كشفت في وقت سابق، عن أن درب الساعي هذا العام سيشهد أكبر تجمع للفعاليات الثقافية والفنية والأدبية في تاريخه، حيث تم إعداد باقة غنية ومميزة من الأنشطة الفنية والتراثية والندوات الفكرية والأمسيات الشعرية والعروض المسرحية والفنون البصرية التي تستهدف إبراز الثقافة القطرية والهوية الوطنية والتراث الأصيل، فضلاً عن إثراء ذائقة الجمهور طوال فترة الاحتفالات التي تستمر من 25 نوفمبر وحتى 18 ديسمبر المقبل.