إذا كان هناك الكثير من الدول استطاعت أن تعتمد على المعرفة والعلم والإبداع والابتكار، لتعزز من إنتاجها تأسيسًا لتوطين المعرفة، فإنه من الأهمية بمكان أن يكون للكتاب نصيب من هذا التوطين، خاصة أنه يحمل بين دفتيه العديد من المعارف والعلوم والثقافات والفنون والآداب، ليكون نابعاً من موطنه، وبالشكل الذي يعزز من قيمته.
وفي هذا السياق، يُعرف مصطلح التوطين بأنه تكييف منتج مع لغة وثقافة ومتطلبات أخرى لجمهور معين، سواء كان ذلك المنتج تطبيقًا أو محتوى، أو ملفًا، كما يطلق أيضاً على هذا التعريف مصطلح المحلية.
ولا يمكن بحال توطين الكتاب، من دون إشاعة القراءة في المجتمعات، إذ لا فائدة من كتب تتراص فوق الأرفف، دون أن يكون هناك من يتلقفها، ويسبر أغوارها، ويستوعب ما تضمه صفحاتها من معارف وعلوم وثقافات عديدة.
لذلك، يصبح الكتاب قرين صاحبه، فلا يمكن أن يكون الكتاب في معزل، وقارئه في معزل آخر، دون إغفال أهمية المنتج ذاته، الذي يضمه هذا الكتاب بين صفحاته، الأمر الذي يعكس بالتالي أهمية تكامل منظومة القراءة، في محتوى متميز، يتلقفه المتلقي، عبر وسيلة من الوسائل، سواء كانت مكتبة أو غيرها.
سعت وزارة الثقافة إلى التشجيع على القراءة على نـحو ما لمسه جميع المهتمين خلال الفترة الأخيرة، من تنظيم متميز للدورة الحادية والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، وما أعقبه من نسخة أولى لمعرض رمضان للكتاب.
مثل هذه المبادرات تشي بأن هناك حراكاً ثقافياً بدأ على الأرض، لتعزيز المعرفة في المجتمع، وتشجيع القراءة بين أفراده، والاستفادة من رغبة المجتمع في المعرفة، والتوق إلى اقتناء الكتاب، خاصة أن هناك بنية ثقافية ترسخ لهذا الحراك، من تعدد لدور النشر المحلية، وزخم في التأليف والإنتاج الإبداعي من جانب العديد من أبناء الجيل الصاعد، أياً كانت المعارف والآداب والعلوم التي يتطرقون إليها.
غير أنه مع الأفكار الداعمة لتوطين الكتاب، يطرح التساؤل نفسه، هل يمكن لدعوة توطين الكتاب أن تصطدم مع ما هو شائع بالحديث عن نُدرة اقتناء هذا المنتج المعرفي، ومن ثم وجود فجوة بين القارئ والمتلقي.
وفيما يطرح المبدعون وجهات نظرهم حيال الوسائل الداعمة لتشجيع القراءة والحث عليها، فإنهم يشددون على أهمية التوسع في إقامة معارض الكتب، والمهرجانات والفعاليات الثقافية المختلفة، بالشكل الذي تستقطب معه الجمهور، بما يجعله يعيش همًا ثقافيًا يقبل من خلاله على المعرفة، والتي يأتي الكتاب في طليعتها.
ويتناول المهتمون من الكُتّاب والمبدعين أهمية الدور الملقى على عاتق الجهات الرسمية والأفراد لتشجيع القراءة، والحث عليها، ونشرها في المجتمع، بما يمهد إلى توطين الكتاب، وإشاعة المعرفة، بالإضافة إلى دعوتهم إلى ضرورة البحث في وسائل غير نمطية لتشجيع القراءة، بعيدًا عن الطرق النمطية، مواكبة في ذلك لتطورات العصر، وما يشهده من تقنيات، يشكل بعضها تهديداً لقراءة الكتب، ما لم يتم تكييف هذه التطورات الحديثة، بما يدعم تشجيع القراءة والحث عليها.
توطين الكتاب
د. عبدالله فرج: كلي ثقة في “الثقافة” لإعادة الفصحى والفصاحة
يؤكد الكاتب والأكاديمي د. عبدالله فرج المرزوفي، حرصه على حمل لواء العودة إلى الفصاحة، التي يراها ضعفت إلى حد القول إنها أصبحت في العناية المركزة، وتستدعي تنفساً صناعيًا ثم طبيعيًا.
ويرى أن وزارتي الثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالي تقع على عاتقهما مسؤولية كبيرة لإعادة اللغة التي كانت في الستينيات والسبعينيات. ويقول: كلي ثقة في الوزارتين والوزيرين، فهما يدركان أهمية العودة إلى الفصاحة والفصحى. ويوجه الشكر إلى وزارة الثقافة على دعمها له من خلال إعداد وتقديم برنامج (أدبيات) عبر مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي للوزارة، فـ “أول الغيث قطرة ثم ماءٌ ينهمر”.
ويشير د.عبدالله فرج إلى أهمية إقامة معارض الكتب، والمتمثلة في معرض الدوحة الدولي للكتاب، والذي يصف دورته الأخيرة بأنها كانت رائعة، إلى جانب معرض رمضان للكتاب، والذي كان له مردود ثقافي إنساني ووطني، ولوحة ذهبية لمواطنة الثقافة وتثقيف المجتمع والمواطن.
كما يشير إلى أهمية المنتج الثقافي الراهن بما له من ثوابته التوقيفية، ومتغيراته التوافقية، وتوجهه الموضوعي لكل من النخبة وعموم المواطنين حيث الانتقال به من قراءة في المفهوم إلى العمل الإبداعي المهاري التقني مع مراعاة حجم ومقدار المسؤولية الاجتماعية، ودورها في الحفاظ على قيم المجتمع، وصيانة مسلكيات أفراده.
ويشدد على أهمية المواطنة، التي هي حب الوطن والتضحية من أجل أمنه وأمانه والإحساس بالرضا في الانتماء إليه والولاء لقيادته، والاندماج في نسيجه الاجتماعي، والتفاعل السوي مع قيمه ومعطياته الثقافية ودلالاتها التوافقية، لافتاً إلى أن الارتباط بالوطن الذي يمنح أفراده حقوقهم كاملة يجعلهم يدركون قيمة الموازنة بين طرفي العلاقة (مواطن) منتم، و(وطن) يفي له باحتياجاته، ومنها البعد الإرثي، والآخر الإجرائي، بجانب البعد المضاميني.
د. زكية مال الله: التوسع في المعارض داعم كبير لتوطين الكتاب
تؤكد الكاتبة الدكتورة زكية مال الله العيسى، أن القراءة فيض لا ينضب من الارتواء للعقل والذاكرة، وكلما ازداد الفرد نهمًا للاطلاع على الكتب اتسعت مداركه، وتضاعف إقباله على تصفح الحياة ومباهجها ودروبها، لافتة إلى أن من أهم فوائد القراءة أنها توسع العقل وتساعده في الوقاية من مرض الزهايمر، وتمنحه المزيد من الأفكار والرؤى الحيوية وتنشيط التفكير الإبداعي، فضلاً عن قوة التركيز وتدريب العقول على الهدوء، والاسترخاء الفكري، وإتاحة الوعي للتعمق، والخروج من الدوائر الضيقة، والانتقال بالخيال إلى أماكن ومسافات بعيدة من دون المغادرة أو السفر إليها.
وتشدد على أهمية القراءة بالنسبة للأفراد كوسيلة لتطوير الذات، وشحذ الهمم ومضاعفة الثقافة والتحصيل وتغذية المواهب الإبداعية، وشغل الوقت بما هو نافع ومجدٍ للانتقاء بالذوق والفكر والفن والأدب.
وحول ما تطرحه من أفكار داعمة لتشجيع القراءة، بما يؤدي إلى اقتناء الكتاب، ومن ثم توطينه، تقول د. زكية مال الله إنه يجب الحث على حمل الكتاب إلى كل مكان يذهب إليه الفرد، وتحديد أوقات معينة للقراءة، وإنشاء قائمة للكتب المقروءة، أو التي ينوي القارئ قراءتها، وتخصيص مكان معين في المنزل للقراءة، وإنشاء مكتبات في البيت والمدرسة وجهات العمل، مع تشجيع الأبناء والطلاب، وإقامة الندوات والمحاضرات ومعارض الكتب لعرض أحدث الكتب، ودعم أسعارها، تشجيعاً على الاقتناء، بالإضافة إلى دعم المؤلفين ودور النشر لإنتاج المزيد من الكتب لكافة فئات المجتمع، وطرح برامج إعلامية، تشجيعًا على القراءة، وشرح فوائدها.
وتتابع: إنه مع تطور وسائل الاتصال في الزمن الحديث وتعدد المصادر التي تتيح القراءة من كتب وأجهزة إلكترونية، فإن فاعلية القراءة تبدو أكثر تأثيراً في تعبئة العقول بالشحنات الإيجابية للكتاب أو المعلومة والاستفادة منها، بما يثري الفرد ويساهم في تحسين ظروف حياته ورفاهيته، فالقراءة تساعد في التخلص من التوتر للعضلات وتبطئ من معدل ضربات القلب، وتوفر الإحساس بالألفة مع الآخرين، إلى غير ذلك.
محمد حسن الكواري: من المهم تلافي الفجوة بين النخبة والقراء
يؤكد الكاتب محمد حسن الكواري، مدير إدارة الإصدارات والترجمة في وزارة الثقافة، أهمية البحث في الوسائل المشجعة لاستقطاب جمهور القراء إلى الكتاب، وذلك بما يؤدي إلى توطينه ونشره في أوساط المجتمع، ليكون لدى أفراده شغف بالقراءة.
ويشدد على أهمية أن تتواجد أمهات الكتب في المكتبات والبيوت ومختلف الجهات، على أن تتنوع هذه الكتب لتشمل مجالات مختلفة في التاريخ والسياسة والمعارف العامة والآداب والقصائد الشعرية المنتقاة كأشعار المتنبي وأحمد شوقي، وغيرهما، وكذلك قصائد من الشعر الجاهلي، لتؤدي كلها في النهاية إلى تنمية الثقافة في أوساط القراء، بما يسهم في نشر القراءة وتوطين الكتاب.
وما إذا كانت هناك فجوة بين الكُتّاب والقراء، تجنبًا للعزوف عن اقتناء الكتاب، يؤكد الكواري أن الكُتّاب أنفسهم هم من يملكون استقطاب القراء إلى مؤلفاتهم، أو تنفيرهم منها، وخاصة عندما يتوجهون بإنتاجهم إلى عموم الجمهور، فحينما يكتب الكاتب بمصطلحات صعبة ومتقعرة، ربما هو لا يفهمها، فإنه ينفر القارئ بالتالي من اقتناء الكتاب، ومن ثم يحول بينه وبين القراءة، على خلاف آخرين تلامس كتاباتهم ذائقة الجمهور العام، فيكتبون لهم بمفردات سهلة.
ويقول: إن الكتابات التي قرأها لأعلام المبدعين من أمثال محمد عبدالحليم عبدالله ومصطفى لطفي المنفلوطي ويوسف السباعي، وغيرهم، يراها أعمالاً لا تزال صالحة للقراءة من جانب الجميع، سواء كانوا نخبًا أو غيرهم، وذلك رغم مرور الزمن على إنجازها، لكونها أعمالًا راقية ورفيعة المستوى، على خلاف بعض كُتّاب اليوم، الذين يحدثون فجوة بينهم وبين قرائهم.
ويتابع السيد محمد حسن الكواري: إنه كمدير لإدارة الإصدارات والترجمة كثيراً ما يحث الكُتّاب على تجنب إحداث فجوة بينهم وبين القراء، وإنتاج أعمال ترغب الجمهور في القراءة، وترتقي بذائقتهم، لإشاعة المعرفة، ومن ثم نشر الثقافة في المجتمع.
جابر عتيق: دور النشر عليها مسؤولية في تبني الأعمال القطرية
يشدد الكاتب جابر عتيق على أهمية التعرف على أسباب عزوف المجتمع عن القراءة والمطالعة. ويقول: لا يمكننا أن نعالج القضايا دون دراستها من كل الجوانب، لنطلع على الأسباب التي تجعل المجتمع يحجم عن القراءة، ومن ثم نضع المعالجات المناسبة لهذه الظاهرة، ويمكننا أن نحدد بعض الأسباب التي ساعدت في هذه المسألة، مثل انتشار الهاتف الجوال وانتشار ثقافة رؤوس الأقلام وتسارع الزمن، وإغفال دور المكتبات المدرسية وحصص المطالعة، وغياب الفعاليات الثقافية لفترة طويلة من الزمن عن المجتمع، وغيرها من الأسباب.
ويضيف: لكي يُبنى جيل يحب القراءة يجب غرس أهمية القراءة والمطالعة بشكل منهجي في برامج التعليم الرسمية وغير الرسمية، فلا يمكن اهتمام الجيل بالمطالعة، إلا إذا كان واعيًا بأهميتها، ولا يتسنى هذا الأمر إلا إذا وُضعت القراءة في أساسيات التعليم ومناهجه، خاصة وأن التكنولوجيا أتاحت الكثير من الفرص التي علينا اغتنامها في تربية أبنائنا لرفع مستوى ثقافتهم.
ويلفت إلى أهمية أن يكون للمجتمع حضوره أمام ذلك، إذ لا يختلف عن الطلبة في المراحل الابتدائية للتعليم، بل المجتمع قابل للتعلم ولو بشكل أقل وأبطأ، ويمكننا عبر الدراسات أن نضع آليات توجه المجتمع نـحو القراءة والاطلاع، عبر الفعاليات الثقافية والمهرجانات والمسابقات الأدبية ووسائل أخرى يمكن استخدامها في هذا المجال.
كما يشير إلى دور المكتبات العامة والمدرسية التي أصبحت مع تطور التكنولوجيا متاحة ويسهل الوصول إليها عبر “الإنترنت”، دون الاقتصار على دور المكتبات للقراءة، إذ يجب أن تقيم المكتبات العامة فعاليات ثقافية وأدبية بشكل دوري لترسيخ أهمية المعرفة في المجتمع، وأن تتبنى دور النشر الأعمال القطرية لتكون حلقة وصل بين المثقفين والمجتمع، دون إغفال دور الفن في المساهمة بشكل قوي في هذا الجانب، إذ إن للمسلسلات والبرامج التلفزيونية والأفلام عاملًا مهمًا في توجيه المجتمع وخاصة جيل الشباب، فوجود شخصية مثقفة في أي عمل فني يمكنه أن يستقطب الكثيرين.
إبراهيم الجيدة: “الجسرة” حريص دوماً على توطين الكتاب
يؤكد السيد إبراهيم خليل الجيدة، رئيس مجلس إدارة نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي، أن النادي دأب على تشجيع القراءة ونشرها في أوساط أفراد المجتمع، وذلك في وقت مبكر منذ مطلع عقد الستينيات من القرن الماضي، ما يعني حرص النادي دومًا على نشر الكتاب.
ويقول الجيدة: إن نادي الجسرة سبق أن أقام في فترة الثمانينيات من القرن الفائت معرضين للكتاب كان الأول تحت رعاية الشيخ ثامر بن محمد آل ثاني نائب رئيس المجلس الأعلى لرعاية الشباب في ذلك الوقت، بينما افتتح المعرض الثاني سعادة السيد علي بن أحمد الأنصاري وزير العمل والشؤون الاجتماعية حينها، واستمر النادي على هذا النهج محافظًا على دعم أفراد المجتمع لاقتناء الكتب، ومن ثم تشجيع القراءة، كما أن النادي يحرص على أن تكون مكتبته مفتوحة بشكل دائم أمام جميع الراغبين في قراءة الكتب، كما يعمل على تسهيل استعارة الكتب للراغبين في ذلك، وسط حرص منه أيضًا على المشاركة في معارض الكتب التي تقيمها وزارة الثقافة.
ويلفت السيد إبراهيم الجيدة إلى حرص النادي على تشجيع القراءة، وذلك بتوزيع إصداراته مجانًا وخاصة مجلة الجسرة الثقافية الفصلية التي يتم توزيعها بانتظام، إذ إنها متاحة للراغبين في اقتنائها، كما يتم إرسالها الى عدة دول بدون مقابل مادي وكذلك سائر إصدارات النادي ومنها سلسلة قضايا ثقافية، وذلك كله دعمًا للقراءة، وتعزيزًا لنشر الثقافة القطرية خارج حدود الوطن.
وحول الدور الذي تلعبه دار الجيدة للنشر والتوزيع، والتي يتولى المدير العام لها، في الحث على القراءة، يؤكد السيد إبراهيم الجيدة أن الدار تسعى إلى تقديم أسعار تنافسية، تشجيعاً للكُتّاب على نشر المزيد من الكتب، وذلك بفضل الأسعار المخفضة، التي تمكن القراء من اقتناء الكتب بأسعار رمزية، وهو ما يؤدي بالتالي إلى المزيد من القراءة في المجتمع.
عبير الكواري: نشر المعرفة من أولويات المكتبة الوطنية
تقول السيدة عبير الكواري، مدير شؤون البحوث وخدمات التعلم في مكتبة قطر الوطنية، إن نشر المعرفة وترسيخ ثقافة القراءة في المجتمع، خاصة بين أجيال الأطفال واليافعين، مكون أساسي من وظيفة المكتبة وجزء أصيل من رسالتها، والمكتبة تعتبر هذا الهدف من أولوياتها الرئيسية وتوليه عناية بالغة وتكرس له الجزء الأكبر من جهودها.
وتتابع: إن المكتبة حرصت منذ اليوم الأول على أن تجعل الحصول على عضويتها مجانًا من دون أي رسوم، وأتاحت للأعضاء إمكانية استعارة ما يزيد على مليون كتاب في مختلف التخصصات والمجالات للاستعارة المجانية، كما توفر للأعضاء أكثر من 722 ألف مادة إلكترونية.
وتلفت إلى أن غرس حب القراءة بين الأطفال واليافعين من الأهداف الأساسية للمكتبة، ولهذا تحرص على تنظيم العديد من الفعاليات الشهرية لتحقيق هذا الهدف، منها جلسات وقت القصة الأسبوعية للأطفال من 7 إلى 14 سنة وجلسات وقت القصة للأطفال الصغار من عمر شهور حتى 4 سنوات، وهناك أيضًا جلسات نادي كتاب نجم سهيل للأطفال من 7 إلى 10 سنوات.
كما تشير إلى تنظيم المكتبة لفعاليات تستهدف تنمية المهارات الأدبية للأطفال ومهارات الكتابة، مثل فعالية “لنكتب الشعر معًا”، كما تركز المكتبة على استكشاف الأطفال للعلوم من خلال فعاليات مثل “العلوم من حولي” و”مطبخ العلوم”. كما أنشأت المكتبة العديد من نوادي الكتب التي تقيم جلسات شهرية لقراءة الكتب.
وتقول: إن المكتبة تنظم فعاليات شهرية للآباء والمعلمين حول استكشاف مكتبة الأطفال الإلكترونية التي تركز على المصادر الإلكترونية المتاحة للأطفال واليافعين، كما تقدم لهم جلسات مختلفة حول مصادرنا الإلكترونية في العديد من المجالات لتساعدهم على اكتساب مهارات استخدام هذه المصادر والاستفادة من كنوزها المعرفية.
وعن مبادرات المكتبة الجديدة لتشجيع القراءة، تحددها في فعاليات القراءة المجتمعية، التي تحفز أفراد المجتمع على قراءة كتاب معين، حيث تستضيف المكتبة المؤلف الذي يتحاور مع الجمهور حول روايته ويجيب على استفساراتهم، ومؤخرًا شاركت المكتبة في تنظيم مهرجان “كتاب واحد مجتمع واحد” ضمن مبادرة “قطر تقرأ” بالتعاون مع مؤسسة قطر.
سعد الباكر: علينا بناء مجتمع مثقف حامل للواء المسؤولية
يستهل الكاتب سعد عبدالرحمن الباكر مداخلته بالآية الكريمة “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ”، ليؤكد من خلالها أهمية القراءة، وضرورة البحث في سبل تشجيعها وتوطينها، وكذلك النظر في سبل دعم فئات المجتمع، وتسليط الضوء على بواطن الضعف والإخفاق، وجعل القراءة هدفا وعادة إيجابية تحظى باهتمام وقبول وعناية فئات المجتمع بكل انسيابية وأريحية.
ويقول: إن ما يدعو للقلق أن دعم نشر ثقافة القراءة ما زال يخطو في أوساط فئات المجتمع بخطى متواضعة، فمن ناحية الدعم الفني والتكنولوجي والمعرفي والمادي نجد أن هناك عدم اهتمام بالصورة المثلى، بينما يفترض أن يتمثل ذلك الدعم في تكليف وإنشاء مؤسسات خاصة لتشجيع وزيادة كم ونوع القراء، والتركيز على المكتبات الرقمية بأنواعها، وتشييد مبان حديثة مجهزة فنيًا وبيئيًا لتتلاءم مع نفسية ومزاج شباب اليوم واليافعين وجذبهم، لتكون تلك الجهود بديلاً عن الإغراءات العقيمة وغير السوية المقيدة لإبداع وتفوق الشباب وانطلاقهم للعالمية.
ويتابع: إن الحكمة تقتضي بأن تجتهد الجهات الرسمية كوزارة الثقافة بجدولة منتديات ومناسبات ومسابقات لطلبة المدارس والمعاهد والجامعات في أوساط مؤسسات الدولة العامة والخاصة لتشجيع الموظفين على القراءة، وحثهم بمكافآت مادية وأوسمة أدبية، بهدف نشر الوعي الثقافي والتنبيه بأهمية القراءة والتثقيف في جميع مجالات الحياة.
ويشدد على أهمية ألا ينحصر تشجيع القراءة والاحتفاء بها في مناسبات شبه دورية، أو الاقتصار على النشر بالصحف وأجهزة الإعلام، على أن يكون دعم القراءة إلزامياً في مناهج وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي كمادة أساسية، وأن يكون الدعم المادي مبدأ أساسياً بوزارة الثقافة، ليشمل الأدباء والكُتّاب والصحفيين والمؤثرين والمفكرين واللغويين، وتشييد نواد خاصة بالقراء والقراءة تكون ذات طابع معماري فريد ومريح يجذب القارئ ليقضي الساعات الطوال بالقراءة والبحث والتصفح.
ويشدد على أهمية تشكيل لجنة مؤهلة من الكُتّاب والأدباء والمثقفين والمختصين لرسم خريطة واقعية تمهد لهذا الجيل والأجيال القادمة أسسًا عالمية لبناء مجتمع مثقف وحامل للواء المسؤولية، ليكون واعيًا بما يدور حوله، حتى تكون هذه الأجيال هي الحصن الحصين للوطن، والشعلة المضيئة للعلم والمعرفة إقليميًا ودوليًا.
حنان الشرشني: علينا تنمية القراءة لدى الناشئين
تؤكد الكاتبة والباحثة حنان الشرشني أن حب الإطلاع وممارسة القراءة كعادة أساسية جزء يومي في حياة الانسان، منذ النشأة، حيث يكون محاطًا بأهل مقبلين على القراءة ويستشعرون أهمية المطالعة، إذ كان والدي، رحمه الله، يبدأ يومه بقراءة الصحف وكان ذلك جزءًا من روتينه اليومي، حتى صرنا نـحن أفراد الأسرة نألف قراءة الجريدة اليومية، حيث كنت مع إخوتي نتسابق لخطفها من يد والدي بعد أن ينهي قراءتها، الأمر الذي أوجد لدينا شغفاً تجاه القراءة، ما يعكس أهمية أن يكون الأهل قدوة حسنة لخلق عادة القراءة بشكل مبسط في نفوس الأبناء، يبدأ كنوع من التقليد، ليصبح بعدها هواية ومن ثم عادة يومية.
وتشدد على أهمية تخصيص ركن خاص بالقراءة ومكتبة تضم الكتب والمجلات المتنوعة، مع اقتناء مجلات ثقافية وأخرى متنوعة، بما يخلق وينمي عادة القراءة عند الناشئين وتحفزهم على التعمق والمطالعة بصورة أكبر، لتبدأ كمصدر للمتعة والتسلية، حتى تصبح عادة حياتية.
كما تشدد على أهمية تشجيع نشر الكتب الإلكترونية والأخرى الصوتية بأسعار معقولة، ما يجعل القراءة في متناول الجميع، ومنهم ذوو الاحتياجات الخاصة، إذ إن الكتب الصوتية وسيلة مشجعة للتثقيف أثناء ممارسة مهام يتطلب منا الحركة أو قيادة السيارة.
وتدعو إلى ربط القراءة بمكافأة أو جائزة ذات قيمة في مجال الكتابة، لخلق حالة من التنافس لتقديم ما هو ذو جودة ولن يكون إلا من خلال البحث والمطالعة والقراءة في مجالات متنوعة، مع تغيير الصورة النمطية للمكتبة، وإنشاء نواد للقراءة، يتم من خلالها القراءة الجماعية، وذلك كنشاط اجتماعي، يتم من خلاله تبادل الآراء ومناقشتها من وجهات نظر مختلفة.
وتقترح الكاتبة حنان الشرشني أن تكون مواضيع الكتب، ذات صلة بحياة الجيل المعاصر، بما يحاكي أفكارهم وقضاياهم، أو يؤرخ لتجربة أو فترة سابقة، مع إنشاء منصات لتشجيع القراءة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو مواقع “الإنترنت”.