سلط د. رضوان منيسي عبد الله عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية في كلية الآداب والعلوم بجامعة قطر الضوء على كتاب الصاهل والشاحج لأبي العلاء المعري، وذلك ضمن الحلقة الثالثة من مبادرة زائر لتراث الأدب التي يقدمها الملتقى القطري للمؤلفين بالتعاون مع دار الشرق بهدف إحياء الموروث الأدبي العربي والاستفادة منه.
وطاف د. منيسي في ثنايا الكتاب التراثي الذي هو رسالة أدبية عالية القيمة لأبي العلاء ذات أبعاد دلالية رمزية متعددة في اللغة، والثقافة، والتاريخ الاجتماعي والسياسي؛ فعرَّف بالكاتب وهو أَبُو اَلْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْقُضَاعِي اَلتَّنُوخِي اَلْمَعَرِّي الشهير اختصارًا بِـ«أَبِي اَلْعَلَاءْ اَلْمَعَرِّي» هو شاعرٌ ومُفكِّر ونحويّ وأديب وفيلسوف من كبار أعلام الحضارة الإسلاميَّة عُمومًا وأحد كبار شُعراء العرب والعربيَّة، وُلد ومات في المَعَرَّة في منتصف القرن الخامس الهجري.

أما عن كتاب “الرسالة” فبين د. منيسي أنه ألف سنة 411 هجرية بمناسبة سنة عرفت بـ “عام الجفلة في حلب” وهي السنة التي هدد فيها إمبراطور الروم بغزو حلب والسيطرة عليها وكانت مدينة حلب تعد ملتقى ثلاث قوى عظمى متنافسة في ذلك الوقت: الدولة العباسية في بغداد والدولة البيزنطية (الرومانية الشرقية في القسطنطينية)، والدولة الفاطمية في مصر.
وتحتوي الرسالة على مئات الأبيات الشعرية التي تمثل الأدب العربي من العصر الجاهلي حتى العصر العباسي زمن تأليف الرسالة، وكذلك مئات الأمثال العربية وشتى صنوف الآداب العربية مثل فنون الحكاية والمقامة القصيرة وفن الملاحن الذي استغرق حيزا بارزا من الرسالة ويستخدم الرمز اللغوي في سياق اجتماعي وثقافي بديع وفلسفي وهناك مئات الكلمات التي تحتاج إلى المعجم والإشارة الرمزية الدالة وتدور محاور الرسالة على ألسنة مجموعة من الحيوانات والطير أبرزها الخيل (الصاهل، والبغل الشاحج).
وقال د. منيسي: بدأ الكاتب هذا العمل على أنه رسالة شخصية لوالي حلب آنذاك (الوالي المعروف بفاتك الرومي العزيزي وقد كان غلاما روميا عند منجوتكين الموالي للعزيز بالله الفاطمي في مصر ولذلك لقبوه بالعزيزي).
وحول اختيار العنوان أوضح أن الكاتب اختار عنوانا لافتا بمصطلحات دقيقة فالصاهل من مملكة الخيول وصوتها هو الأعلى صوتا وتمثل الطبقة الأعلى صوتا، والأفضل مكانة في المجتمع، أما الشاحج فهو صوت البغل وهو الحيوان الهجين بين الحمير والخيول ويرمز إلى الصوت الضعيف الذي لا يهتم الناس به كثيرا ولا تسمع شكواه ولا يلتفت إلى معاناته لكنه في هذا العمل فهو مركز الرسالة والأساس فيها.