تواصلت أمس فعاليات معرض رمضان للكتاب الذي تنظمه وزارة الثقافة ممثلةً بمركز قطر للفعاليات الثقافية والتراثية تحت رعاية سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة.
خلال الفترة من الثامن وحتى السادس عشر من شهر أبريل الجاري في الساحة الغربية من سوق واقف، ويشهد المعرض إقبالاً من الجمهور كونه يقام لأول مرة، ويستغل روحانيات الشهر الكريم في حث الناس على القراءة واقتناء الكتب، ويشهد المعرض مشاركة 35 ناشراً من 9 دول، وهي: المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية، ولبنان، وسوريا، وتركيا، والهند، وأستراليا.
ويأتي هذا المعرض الذي سيشهد عدداً من الفعاليات المهمة والندوات والمحاضرات التوعوية والفكرية والثقافية، امتداداً لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، لإثراء الساحة الأدبية، والتنوع الثقافي، بالإضافة إلى إقامة فعالية رمضانية تهتم بالجانب الثقافي والديني، وتستقطب المثقفين والمهتمين خلال الشهر الفضيل.
وأقيمت ضمن فعاليات المعرض أمس الأول ندوة «الفكر الإسلامي وإسهامه في الرقي الحضاري» التي نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على هامش معرض رمضان للكتاب، وأدارها فضيلة الشيخ عبدالله البوعينين، بمشاركة الداعية بشير عصام المراكشي.
وتناول الداعية بشير المراكشي، خلال الندوة، تأثير الدين على الدائرة الفردية الخاصة، وكيف كان للدين الإسلامي شرائع واضحة في كل مجال سواء في الفكر أو الاقتصاد والسياسة والثقافة، مبينًا أن لدى الدين الإسلامي جملة من القيود الواضحة والنصوص الجلية والتراث الفكري التي تتكلم عن علاقة العبد بربه وكيفية الالتزام بذلك سواءً كان داخل دائرة العبادة أو حتى خارجها، وذلك بعكس الديانات الأخرى التي يكون فيها الإنسان عابدًا لربه في دائرته الخاصة، ولكنه إذا خرج إلى المجتمع والاقتصاد والسياسة، فإنه يطلق العنان حينئذٍ لأفكاره بطريقةٍ لا تنضبط بأي شرع.
ولفت الداعية المراكشي إلى ضرورة أن ينطلق الفكر الإسلامي من الشرع، وأن تكون نتائجه شرعية، وحينها يستلزم ألا يخرج هذا الفكر بجميع مباحثه عن دائرة المشرع، داعيًا إلى ضرورة الانطلاق في تناول عديد القضايا الفكرية من منطلقات شرعية، على غرار موضوع العلمانية، ومحاولة ربطها بالواقع وتنزيلها عليه، مثل التنزيل الذي يصنعه المجتهد الفكري حين ينزل النصوص الشرعية على واقعةٍ معينة. وحول ما قدمته الحضارة الإسلامية للبشرية جمعاء، قال الداعية بشير المراكشي «إن الحضارة الإسلامية هي الوحيدة التي استطاعت أن تقدم حضارة مادية بالرغم من انضباطها بشرع رباني، ما يجعلها متفردة ولا مثيل لها في غيرها من الحضارات»، لافتًا إلى أن الحضارة الكنيسية التي كانت سائدةً بأوروبا في القرون الوسطى مرتبطة بالدين وبأقوال أهل الكنيسة، ولكنها بالمقابل لم تستطع أن تتطور من الناحية المادية حين ألغت الجانبين الرباني والروحي. وأوضح أن الحضارة الإسلامية تمكنت، بخلاف غيرها، من الجمع بين الجانبين الرباني والروحي إبان قرون الظلام، التي كانت تسمى لدى الأوروبيين القرون الوسطى، وحينها لم تكن لدى المسلمين قرون ظلام بل كانت لديهم حضارة بارقة جدًا في الأندلس وفي صقلية وبغداد وفي مناطق مختلفة من العالم الإسلامي بمجالات متعددة، لاسيما في علم الفلك والفيزياء والكيمياء، وحتى في السياسة. ويهدف معرض رمضان للكتاب إلى توطين الكتاب من خلال التشجيع على القراءة، ودعم الناشرين القطريين بتسويق الكتاب وتوسيع دائرة القراء، واستثمار أجواء الشهر الفضيل في تنمية المعارف، والاحتفاء بالموروث القطري لتعزيز القيم الثقافية الأصيلة. وتقام على هامش المعرض الفعاليات والأنشطة الثقافية والدينية، وعروض مسرحية، أنشطة متنوعة للأطفال، كما يقدم المعرض العديد من العناوين الجديدة المتخصصة في العلوم الدينية، والتربوية، والثقافية، باللغتين العربية والإنجليزية، لتتناسب مع مختلف الفئات العمرية.