حقق مهرجان الدوحة المسرحي في نسخته رقم «34» التي اختتمت أمس الأول نجاحًا كبيرًا على كافة المستويات، فقد أشاد النقاد والفنانون بهذه النسخة التي كان لمخرجاتها أثرًا مميزًا على الجميع، فقد استفاد الفنانون الكبار من الجمع الفني المميز، واستفاد أيضًا النشء الفني والمواهب الصاعدة بالخبرات التي اكتسبوها من النقاد والفنانين سواء في الندوات التطبيقية أو الندوات المصاحبة للمهرجان أو باحتكاكهم بالمسرحيين الذين تواجدوا لمشاهدة العروض، والمشاركة في فعاليات هذا الحدث المهم.
وطالب النقاد والفنانون بضرورة استمرار المهرجان لتتعاقب الأجيال المسرحية على خشبة المسرح من جديد ويتواصل إمداد هذه الخشبة للأجيال الجديدة وتفرز للمجتمع والحركة المسرحية أجيالاً جديدةً قادرةً على مواصلة المسيرة التي بدأت قبل 50 عامًا.
وثمن المشاركون في المهرجان من الفنانين والنقاد قرار عودة المهرجان لما لهذا القرار من أهميةٍ بالغةٍ في عودة الحراك المسرحي والفني في قطر، مؤكدين أن توقف الحركة المسرحية في قطر بمثابة توقفهم عن التنفس، فالمسرح بالنسبة لهم هو الحياة، مبينين أن قيمة الفنان المسرحي الاجتماعية والوطنية تكمن في عمله وتقديم رسالته على خشبة المسرح، وبالتالي مع انقطاع هذا المهرجان وغيابه وتوقفه لن يكون للفنان المسرحي رسالةً فنيةً يقدمها أو دور يلعبه في تعزيز الوعي وتنوير وتثقيف العقول، عبر القضايا الاجتماعية التي يعكسها من خلال الأعمال والأدوار التي يجسدها.
ومن جانبه أشاد الفنان غازي حسين بعودة المهرجان وبالفرق المشاركة والفنانين الذي تواجدوا طيلة هذا الحدث، مطالباً بضرورة استمرار الفعاليات المسرحية من أجل أن تعود المنافسة القطرية الخارجية وكذلك لكي تعود الحياة إلى الحركة الفنية في قطر.
وقال الفنان سعد بورشيد إن استمرارية النشاط المسرحي تمثل دفعة قوية للشباب، كما تشجع المسرحيين على تقديم كل ما لديهم من إبداع، وأثنى على إشراك الشباب في المهرجان، قائلًا: إنَّ خوض الشباب منافسات بحضور قطاعٍ كبيرٍ من الجمهور يكسبهم قدرًا كبيرًا من الثقة ويصقل خبراتهم، وأضاف: إن مثل تلك الفعاليات من شأنها أن تمثلَ رافدًا لميلاد مسرحيين كبار في المستقبل، كما أشاد بمشاركة قطاع كبير من الشباب من خلال دخول عدد أكبر من المعتاد من الجامعات للمنافسة، وأكد أنه وأبناء جيله حريصون على مشاهدة عروض أبنائهم من الشباب والذين يعبرون عن ثقافتهم، الأمر الذي يساهمُ في تشكيل شخصياتهم، وفي نهاية حديثه قدم شكرَه لوزارة الثقافة على ما بذلوه من جهود كبيرة جمعت الشباب بطموحاتهم وما يمتلكونه من موهبة مع تركيز الضوء على إبداعات الفنانين الكبار.
الفنان سالم المنصوري أشاد من جهته بقرار سعادة وزير الثقافة الخاص بعودة هذا الحدث المهم، مثمنًا دور وزارة الثقافة في إنجاح المهرجان، متمثلاً في مركز شؤون المسرح الذي وصفه بأن رجاله كانوا أشبه بخلية النحل التي واصلت العمل ليخرج هذا المهرجان بهذا الشكل وهذا النجاح المبهر.
وفيما يتعلق بإيجابيات المهرجان أشاد الحضور بالجانب التنظيمي والجهود الكبيرة لفريق التنظيم من قبل مركز شؤون المسرح، وكذلك للتشديد على الإجراءات الاحترازية، والتباعد الاجتماعي المطلوب وارتداء الكمامات داخل وخارج قاعة العرض والندوات للحفاظ على سلامة الجميع.
فقد بذل فريق عمل المهرجان واللجنة المنظمة قصارى جهدهم للخروج بأفضل نسخةٍ للمهرجان بما يتناسب مع قيمته ومكانته المعتادة، وأهميته بالنسبة للمسرحيين وعشاق المسرح في قطر، ولسلامة الجميع قامت اللجنة المنظمة بتطبيق كافة الإجراءات الاحترازية حفاظًا على سلامة الجميع، فكان هناك تشديد على ارتداء الكمامة والحفاظ على المسافة الاجتماعية في مختلف الأماكن بالمسرح، وكذلك في الأماكن المخصصة للجمهور والحضور سواء داخل المسرح أو في قاعة الـنـدوات المخصصة للتعقيب على العروض، كما عبر الفنانون عن سعادتهم بالتوافد الكبير والحضور الجماهيري الملحوظ، فقد أكدوا أن المهرجان يشهد مولد العديد من النجوم الشباب بشهادة الجميع ممن تابعوا وحضروا العروض والفعاليات، مشيرين إلى أن هؤلاء الشباب ستكون لهم بصمة في مستقبل الحركة المسرحية في قطر، لأنهم يمتلكون الموهبة ولكنهم في أمس الحاجة إلى الخبرة والدعم والاستمرارية، وهذا ما سيقدم لهم في الفترة المقبلة بلا شك.
من جانبه، قال السيد عبدالرحيم الصديقي، مدير مركز شؤون المسرح، إن المهرجان وفى بوعده وحقق النتائج المرجوة وحصد الإشادة من النقاد والفنانين الذين أكدوا أن المهرجان قدم العديد من المواهب المميزة التي سيكون لها بصمتها مستقبلاً، وأشار الصديقي إلى أن المهرجان كذلك ضم العديد من الندوات والعروض المميزة التي اجتهد المشاركون فيها على مدى الفترة الماضية ليعززوا من نجاح تلك النسخة ويضيفوا لها الكثير على المستوى الفني.
وكان الصديقي في كواليس المهرجان يوجه ويعطي التعليمات طوال الوقت وبجانبه الإعلامي تيسير عبدالله عضو اللجنة المنظمة، وذلك لكي يتفادى الفريق أي خطأ ولو كان بسيطًا، ولكي يفسحوا المجال إلى المواهب الشابة للاستفادة قدر الإمكان من الخبرات الموجودة في الفعاليات، وهو ما حدث فعلياً، فقد عبر الشباب عن سعادتهم بهذه المشاركة التي أكدوا أنها أضافت لهم الكثير عن طريق الاحتكاك الفني المهم بالخبرات المميزة المتمثلة في نجوم المسرح القطري الذين شرفوا فعاليات المهرجان.
وتزامنت النسخة المختتمة من المهرجان مع مرور «50» سـنة على انطلاق الحركة المسرحية في قطر، إذ أثرى المسرح خلال تلك العقود الخمسة الماضية المجتمع القطري بالقيم الفنية المسرحية، وعزز العادات والتقاليد وعكس الهوية الوطنية، من خلال العديد من الأعمال التي خلدها أرشيف الفن في قطر، وتركت بصمة واضحة ومؤثرة في الذاكرة، وضم المهرجان عروض الفرق الأهلية بجانب عروض المسرح الجامعي (شبابنا على المسرح)، إضافة إلى العديد من الندوات الرئيسية والتطبيقية، وانطلقت العروض بمسرحية «ست شخصيات تبحث عن مؤلف» لكلية المجتمع، وضمت كذلك: مسرحية «ما وراء سنتارا» لجامعة قطر، عرض مسرحية «الفيل يا ملك الزمان» لمعهد الدوحة للدراسات، فيما شهد اليوم الرابع عرض مسرحية «وادي العميان» لجامعة الدوحة للعلوم والتكنولوجيا، وفي 20 مارس عرضت مسرحية «مجلس العدل» لجامعة لوسيل، واحتضن المهرجان في 21 مارس ندوة خاصة قدمها مركز شؤون المسرح تحت عنوان «المسرح القطري.. 50 عاماً»، وفي 22 مارس عرضت مسرحية «الغبة» لفرقة قطر المسرحية، كما يشهد المهرجان يوم 23 مارس ندوة «تجربة الفنان عبدالعزيز جاسم المسرحية»، وفي 24 مارس عرضت مسرحية «صانع الدمى» لفرقة الدوحة المسرحية، وفي 25 مارس نظمت ندوة «المهرجانات المسرحية إلى أين؟»، فيما شهد يوم 26 من الشهر الجاري عرض مسرحية «قصة حب دانة» لفرقة الوطن المسرحية.
واختتم المهرجان بحضور سعادة وزير الثقافة يوم 27 مارس، كما ألقيت في الحفل كلمة اليوم العالمي للمسرح، بالإضافة إلى تقديم العرض المسرحي «مسرح نجمة»، وكذلك مراسم التكريم وتوزيع جوائز المهرجان، وكرم المهرجان في نسخته الـ34 الفنان علي حسن «شخصية المهرجان»، فهو من المؤسسين لفن التمثيل في قطر، حيث كان من أوائل المشاركين في الأعمال المسرحية والتليفزيونية، كما فاز بعدة جوائز خلال مسيرته المسرحية وكُرّم في العديد من المهرجانات المحلية والدولية، كما سيتم تكريم رؤساء قسم المسرح السابقين، وذلك لأول مرة في تاريخ المهرجان.