تختتم وزارة الثقافة يوم الخميس المقبل، موسم الندوات الذي بدأت في إقامته منذ يوم 17 الجاري، بالشراكة مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ليكون هذا الموسم قد شهد إقامة ثماني فعاليات نوعية، تنوعت عناوينها، حتى شملت قضايا ثقافيةٍ وفنيةٍ وفكريةٍ متنوعة، وهو ما انعكس على مستوى النقاش والحوار بين ضيوفها من المتحدثين، وبين جمهورها من الحضور.
عبّر عدد من الكُتّاب والباحثين عن آرائهم وتقييمهم لما تم إقامته من فعاليات، إذ رآها المبدعون تثري المشهد الثقافي، وتدعم المجتمع، بكل ما هو مفيدٍ من موضوعات، غلب عليها التنوع، لتلبي مختلف الشرائح والفئات، ما جعل هذه الفعاليات تخرج عن الطابع التقليدي للندوات، إلى مرئياتٍ تثير الحوار والنقاش، وتستقطب إليها مختلف المبدعين وجمهور المتلقين.
والملاحظ في هذه الفعاليات، تلك الحوارات الراقية بين النخب المثقفة وجمهور الشباب ما عكس أهمية مثل هذه الفعاليات في خلق بيئةٍ ثقافيةٍ وفكرية، تدعم مناقشاتها كل ما يخدم المجتمع، فتعزز في أوساط أفراده الوعي، وتثري في الوقت نفسه المشهد الثقافي في مختلف مجالاته.

د. ربيعة الكواري: “الموسم” ساهم في إبراز الحراك الثقافي

يوجه د.ربيعة بن صباح الكواري، أستاذ الإعلام المساعد بجامعة قطر، الشكر لمن يقف وراء هذه الخطوة الخلّاقة لخدمة المجتمع وتنويره من خلال نشر الوعي الثقافي المطلوب وعلى رأسهم سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة.
ويؤكد أهمية مثل هذه الندوات، لفاعليتها وتأثيرها في المشهد الثقافي داخل المجتمع، لكونها تثير الحراك وتنشر الوعي، من أجل خلق رأيٍ عام يعي ما يدور حوله من تغيراتٍ ومؤثراتٍ قد يغفل عنها الكثير وتحتاج من أصحاب الرأي المؤثرين إلى أن يكونوا أكثر انتباهًا في نشر الرسالة الحقيقية للإعلام لأننا عبر وسائل الإعلام نستطيع إرسال رسالة المثقف الحقيقية التي يحتاجها جيل اليوم.
ويقول: إن مثل هذه الفعاليات لا يجب أن تكون موسمية بل يجب أن تقام طوال السنة ودون انقطاع، فوزارة الثقافة بدأت منذ هذا العام هذه التجربة القوية، في أعقاب اختتام معرض الدوحة الدولي للكتاب، ما يدعونا للفخر بمثل هذه الأجواء، التي يتواصل فيها الكُتّاب والأدباء والمفكرون والإعلاميون والأكاديميون بصورةٍ جيدة مع الاستمتاع بالأجواء التي تعكس أهمية الرأي والرأي الآخر، بالتعرف على رؤية كل مفكر أيًا كان الاتفاق أو الاختلاف في وجهات النظر وهي ظاهرةٌ صحية.
ويبدي د.ربيعة الكواري إعجابه بندوات اللغة العربية وأهميتها كلغة عصرية، والتي مازالت تتمتع بمكانةٍ رفيعة داخل المجتمعات العربية وغير العربية وهو ما يؤكد حضورها المؤثر بشكل يسعد بني يعرب تجاهها، كما تابعت ندوات الهوية وهي من أفضل الفعاليات التي أقيمت حتى الآن، وإن كنت أتمنى التطرق إلى موضوع اللهجات داخل المجتمعات والتأثر باللهجات واللغات الأجنبية التي طغت على الساحة وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي في لغتنا الأم.
ويلفت إلى أن قضايا الطفل ما زالت تحتاج من المتخصصين والمفكرين التطرق إليها من كافة الجوانب سواء في مجال التعليم والتربية والاعلام ومنها لغة الطفل في وسائل الاعلام وهي من القضايا الجوهرية التي تستحق الحوار باستمرار مع عرض الحلول لها وإخراج التوصيات بشأنها لأنها من القضايا التي تواجه المجتمع المحلي والخارجي.

شبيب النعيمي: المجتمع الثقافي متعطش لإقامة الندوات

يصف الشاعر شبيب بن عرار النعيمي، مدير مركز قطر للشعر “ديوان العرب”، المجتمع الثقافي المحلي بأنه متعطش لمثل هذه الندوات، التي تقيمها وزارة الثقافة بالشراكة مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وذلك لاستقاء المعلومات منها، وهو ما يثري المشهد الثقافي في مختلف مجالاته، عن طريق المناقشات مع ذوي الاختصاص.
كما يصف موسم الندوات بأنه ظاهرة صحية ومتميزة في الوقت نفسه، بأن يكون هناك شكل من أشكال الحراك الثقافي المجتمعي، بتفاعل مختلف الشرائح والفئات مع مثل هذه الفعاليات، الأمر الذي يخرج هذه الندوات عن الإطار التقليدي للندوات، إلى فعاليات، تضم نقاشات وحوارات تفيد المجتمع، بكل ما هو مبدعٌ وخلاق.
ويؤكد أن مثل هذه الفعاليات تطرح العديد من القضايا الثقافية والتربوية والفكرية، إلى غيرها من القضايا التي تهم الجميع، وهو ما يكسبها أهميةً إضافية، الأمر الذي يفتح بدوره آفاق التوعية في أوساط أفراد المجتمع، لما تخلفه هذه المناقشات من تأثيرٍ توعوي بأهمية وأبعاد هذه القضايا.
ويلفت الشاعر شبيب بن عرار النعيمي إلى ملمحٍ آخر من ملامح تميز موسم الندوات، ويتعلق بحضور الشباب لمثل هذه الفعاليات، والاهتمام بتقديم موضوعاتٍ ثقافية وفكرية تخاطب وجدانهم، مطروحةً على الساحة، وهو ما يثري بدوره المشهد الثقافي والمعرفي عمومًا في المجتمع، ويواكب اهتمامات مختلف شرائحه وفئاته، ما يعكس مدى أهمية موسم الندوات، ويخرجه عن الطور التقليدي لنظيرتها.

جابر عتيق: الندوات مهرجانٌ ثقافي للتواصل مع الجمهور

يقول الكاتب جابر عتيق إنه بإقامة مثل هذه الندوات، فإن هذا يعكس هدفًا لإيصال صوت الثقافة للأشخاص، لذلك فإن إقامة موسم الندوات، يعتبر مهرجانًا ثقافيًا يتواصل فيه الجمهور مع مجموعةٍ كبيرةٍ من العلماء والمثقفين والفنانين والأدباء والمبدعين، لذلك فنحن سعداءٌ بأن الثقافة أصبح لها موسمٌ يسلط الضوء على مخرجات العقول المبدعة التي يمكنها أن تقدم المواد التي تتعامل معها قيمةً حقيقيةً تعكس مدى أهميتها، لأن العالم يفتح لنا نوافذ العلم والفنان يحدثنا عن دوره والأديب يرسم لنا صورةً لأعماله والمثقف ينقلنا لتصوراتٍ أخرى وآفاقٍ جديدة، ويقاس على ذلك كل المجالات والتخصصات.
ويتابع: إن موسم الندوات يعتبر إنجازًا على هذا النحو، واعتبره الموسم الأبرز وسط مواسم المهرجانات والتسوق والاحتفالات، التي اكتسحت الأقطار العربية، فكما للبهجة مواسم يجب أن يكون للثقافة والعلم والمعرفة مواسم، تحتفي بالعقول وترينا الإبداعات المحلية والعربية والعالمية في كل المجالات، وتتيح لنا الفرصة الالتقاء بالنخب المثقفة ونناقشها ونستفيد من معارفها.
ويلفت الكاتب جابر عتيق إلى أن الندوات تتجاوز حدود التنظير وتخلق جوًا من النقاشات وتبادل الآراء، وهذه الأمور تقلص فجوة التواصل مع الجمهور وتخلق أجواءً جاذبةً للشباب من الجنسيين للالتقاء بالرموز في كل المجالات لاكتساب المعارف وتنمية الخبرات لديهم، وعلينا أن نعمل على إنجاح موسم الندوات بكل الوسائل المتاحة ليحصل هذا الموسم على الزخم الذي يجعله مستمرًا ومتطورًا، فحاجتنا للمعرفة ضرورةٌ يجب ألا نهملها.
ويقول: إنه من الجيد أن نجد جمهرة ثقافية في هذا العام الذي ستقام فيه بطولة كأس العالم في قطر، ومن الطيب أيضًا أن تكون هناك فعالياتٌ ثقافيةٌ مصاحبةٌ للبطولة العالمية التي جعلت من قطر محط أنظار العالم، وعلى العالم أن يعرف أن الرياضة هي أحد المجالات التي تهتم بها الدولة وأن لدينا اهتماماتٍ أخرى لا تقل أهمية عن تلك البطولة العالمية نهتم بها ونقيم لها فعاليات، وموسم الندوات مرآةٌ جميلةٌ للمشهد الثقافي في قطر. متمنيًا انتقال ذات الفكرة لكل الدول العربية، لتصبح الفعاليات والمواسم الثقافية والعلمية والأدبية من الأولويات، وذلك لتجاوز أي مرحلة من مراحل الخمول.

حنان الشرشني: الفعاليات تسلط الضوء على قضايا ثقافيةٍ معاصرة

تستهل الكاتبة والباحثة حنان الشرشني، مداخلتها بتوجيه الشكر إلى وزارة الثقافة، والقائمين على موسم الندوات في وزارة الثقافة. وترى أن مثل هذ الندوات أولى الخطوات نـحو حراكٍ ثقافي، عايشناه في فترة من الفترات السابقة في الدوحة، وكنا من خلالها نلتقي بالقامات الثقافية التي أثرت العالم العربي بإبداعاتها، لنتبادل من خلالها الأفكار والخبرات.
وتقول الكاتبة حنان الشرشني: إننا ومن خلال موسم الندوات نجدد العهد لخدمة الثقافة، إذ يساهم مثل هذا الموسم في تقريب وجهات النظر، بين رواد الثقافة والفكر، على نـحو ما يبدو من مشاركة النخب المثقفة، وطرح همومها وآمالها، بالإضافة إلى تسليط الأضواء على قضايا ثقافية معاصرة مهمة، كان يتم إثارتها في السابق بشكلٍ متواضع.

الندوة السادسة

من المقرر إقامة الندوة السادسة من فعاليات موسم الندوات غدًا في مقر كلية القانون بجامعة قطر، وذلك تحت عنوان ” الشعر والأغاني.. مدى الاختلاف ولماذا تراجعت المستويات “. ويستهدف الموسم إثراء النقاش والحوار، حول العديد من القضايا الثقافية والفكرية والفنية عبر إقامة ثماني ندوات، بهدف نشر ثقافة التنوع ومنح نخب المجتمع من المفكرين والمثقفين والخريجين فرص تعزيز البيئة الفكرية، إذ تسعى وزارة الثقافة من خلال هذا الموسم إلى تأسيس بيئةٍ فكريةٍ تعزز دور الثقافة والمثقفين في خدمة المجتمع.