ثمن سعادة السيد المختار ولد داهي وزير الثقافة والشباب والرياضة الموريتاني، لقاءه بسعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، والجهود المبذولة في دولة قطر من أجل الارتقاء بالمشهد الثقافي.
ووصف المشهد الثقافي القطري بأنه يتمتع ببنىً تحتية عديدة، تجعل الدوحة من أكثر العواصم العربية نشاطاً في هذا المجال الثقافي. مؤكداً أن قطر مؤهلة لاستعادة المجد الثقافي العربي، بكل ما تزخر به من مقومات ثقافية تؤهلها للقيام بذلك.
وعرج الحوار على محاور ذات صلةٍ بآفاق التعاون الثقافي المشترك بين قطر وموريتانيا، والانطلاق منه إلى وضعية المشهد الثقافي العربي الراهن، دون أن يغفل التوقف عند المشهد الثقافي في موريتانيا، وما يتطلع إليه من ألقٍ ثقافي، وذلك وفق ما جاء على النحو التالي:
*بدايةً، ما تقييمكم لزيارة الدوحة، وانعكاسات هذه الزيارة على تعزيز التعاون الثقافي بين قطر وموريتانيا؟
بدايةً، أؤكد أن تقييمي لزيارة الدوحة هو تقييم إيجابي، إذ التقيت بأخي سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، وناقشنا وتبادلنا الأفكار حول المشتركات من التعاون فيما يتعلق بقطاع الثقافة في البلدين.
كما تحدثنا خلال اللقاء عن الثقافة عموماً، ودورها في بناء المشترك، وتعزيزه، ووجهت الشكر لسعادته على هذا اللقاء، والوعد بالتعاون الثنائي بين بلدينا في مختلف المجالات الثقافية، ووجهت لسعادته دعوة لزيارة موريتانيا، ولبى مشكوراً هذه الدعوة، على أن يتم تحديد موعدها في وقت لاحق.
بنى ثقافية
*ومن خلال زيارتكم الحالية للدوحة، كيف رأيتم المشهد الثقافي القطري؟
حقيقةً، لمست في الدوحة أنها من أكثر العواصم العربية نشاطاً ثقافياً، وذلك لما تتمتع به من بنىً تحتية ثقافية، إذ أن قطر من أكثر الدول العربية تمتعًا ببنىً ثقافية، جعلتها جاذبة للعمل الثقافي، وأكثرها حرية في ذات هذا العمل.
وأؤكد أنه حينما تتوفر الحريات والبنى الثقافية التحتية، فإن كل هذا يستكشف المواهب على الصعيد المحلي، وفي الوقت نفسه يستقطب المواهب من خارج الحدود، وخصوصاً المواهب العربية.
وخلال زيارتي للدوحة، زرت المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، ولمست فيها صرحًا ثقافياً رفيعاً، إذ أن بها ما تشتهيه الأنفس من أدبٍ وفكرٍ وثقافةٍ وفنون، وبها خدماتٌ مساعدة لذلك. من هنا، أؤكد أن الدوحة الآن بها كل المستلزمات الكفيلة لتحقيق نهضة ثقافية لفائدة دولة قطر، وكذلك دعم للثقافة العربية.
*وبرأيكم، كيف يمكن لهذه البنى التحتية أن تعزز من مجالات التعاون الثقافي المشترك بين البلدين؟
هناك آفاقٌ واعدة في التعاون المشترك بين البلدين، إذ أن هناك العديد من منصات التعاون والمشتركات بين البلدين، وتحدثت مع أخي سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة في هذا الشأن، إذ أن هناك العديد من المجالات الثقافية التي يمكن التعاون بشأنها، فدولة قطر بها ورشة ثقافية متميزة تعمل بشكلٍ متواصل، ومتطلعون دائماً لتوجيه الدعوة لنا في كل مرة للمساهمة في أي نشاطٍ ثقافي يقام بالدوحة، وكذلك نسعد بمشاركة الثقافة القطرية في أي نشاطٍ ثقافي يقام في موريتانيا، خاصة أن لدينا العديد من المجالات الثقافية، ومنها مهرجان المدن القديمة، وهو من أكبر المهرجانات التي يتم تنظيمها في موريتانيا، وكذلك مهرجان للشعر، وغيرهما من الفعاليات والمناشط، بما يمكن لدولة قطر أن تشارك فيها، وبالشكل الذي يجعل كل هذه الفعاليات جسراً لتعزيز التعاون الثقافي المشترك بين البلدين.
كما أننا يمكن أن نفكر سويًا في إقامة أسبوع ثقافي موريتاني في قطر، وكذلك أسبوع ثقافي قطري في موريتانيا، وكل ذلك يساعد على تعريف الموريتانيين بالثقافة القطرية، وكذلك تعريف القطريين بالثقافة الموريتانية.
تعاون عربي
*وكيف يمكن إسقاط هذا التعاون الثقافي بين قطر وموريتانيا على التعاون الثقافي العربي – العربي المشترك؟
أعتقد أن التعاون الثقافي العربي المشترك أمر واجب، وهو قائم، غير أنه دون المطلوب، لأنه لابد من تضافر جميع جهود الدول العربية في المجال الثقافي، حتى نستعيد مكانتنا الثقافية العربية في الدائرة العالمية.
وإذا تفحصنا مؤشرات مجال مطبوعات الكتب والمحتوى الرقمي عن الثقافة العربية، والمنشورات العربية على “الإنترنت” لوجدنا أنها مؤشرات غير مشجعة، لذلك فإنه لا يمكن استعادة المجد الثقافي للعرب، إلا بتضافر مختلف الجهود.
وأعتقد أنه في ظل ما تتمتع به قطر من بنى ثقافية تحتية وحريات، فإن كل ذلك يمكن أن يشجع على استعادة الألق الثقافي العربي، والذي لا يمكن له أن يتحقق إلا بضمير الجمع.
مشاريع ثقافية
*إذا انتقلنا بالحديث عن المشهد الثقافي في موريتانيا، فكيف يسير هذا المشهد لدعم الثقافة والمثقفين؟
المشهد الثقافي في موريتانيا الآن، أكثر نشاطًا عن ذي قبل، لكنه يمكن أن يكون أفضل من ذلك، ونـحن في القطاع، لا ندّعي أنه الأفضل، غير أننا نقول إنه في ظل رئاسة فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، نرى أنه طرأ تحسنًا في هذا المجال، محوره تمويل الدولة لبعض البنى الثقافية التحتية، وتشجيع الحريات الثقافية، ونـحن عاملون على أن يكون هذا المشهد أفضل بالفعل.
ومن جانبنا، نعول على تعاوننا الثنائي مع دولة قطر الشقيقة، خاصة أن لها سبق وتجربة في هذا المجال، وخبرات بشأنه، ونـحن طامحون للاستفادة من تجاربها الثقافية، وكذلك نعول على تعاوننا الثقافي مع جميع الدول العربية.
*وبرأيكم، ما الذي يتطلع إليه المثقف الموريتاني من قبل المؤسسة الرسمية؟
المثقفون في موريتانيا لديهم مطالب عديدة، وهي مشروعة، فهم يريدون صندوقًا لدعم العمل الثقافي، وكذلك دارًا للنشر، فضلاً عن تشجيع المبدعين، وتحريك الصناعات الثقافية، وبدأنا في تلبية العديد من هذه المطالب بالفعل، لكن المشوار يبدو أنه غير قصير، ولكننا عاملون على تذليل كافة الصعوبات، ونعول على التعاون الثنائي والدولي في هذا الجانب، بالإضافة إلى الآفاق الاقتصادية، والتي تشهد تحسنًا حاليًا في بلدنا.
*وإلى أين وصل مشروع تبني موريتانيا لمشروع الصناعات الثقافية؟
هذا من المشاريع التي نعمل عليها، وتتطلب وقتًا وجهدًا وخبرة كبيرة، ونعول في ذلك على إخوتنا في قطر والعالم العربي لنقل تجاربهم الناجحة في هذا المجال، خاصةً أن لدينا مزايا تنافسية، وخصوصًا فيما يتعلق بصناعة السينما، إذ لدينا صحراء تصل مساحتها إلى حوالي مليون كيلو متر مربع، يمكن الاستفادة منها في تصوير الأعمال السينمائية العالمية.
*وهل هناك ثمة استقطاب للشركات العالمية لتصوير الأفلام السينمائية في موريتانيا؟
هناك أفكار ومشاريع في هذا المجال، سواء من جانب القطاع المنظم، أو من جانب الخصوصيين الموريتانيين، ممن لهم علاقات وتجارب وخبرات في هذا المجال، إذ دائمًا يطرحون مشاريع وأفكار عديدة، وخصوصًا في مجال التصوير. ولدينا هدف في القطاع، وهو استكشاف المواهب الموريتانية، ذات السمعة العالمية، نعمل على الاستفادة منها في تطوير السينما الموريتانية.
إرث ثقافي
*في ظل ما تتمتع به موريتانيا من إرث ثقافي، هل هناك ثمة طموح بتسجيله ضمن قائمة التراث العالمي لـ “اليونسكو”، بتعاون عربي؟
لدينا اهتمام كبير بالتراث في موريتانيا، ومخزون من المخطوطات تصل إلى مائة ألف مخطوط، منها ما لم يتم جرده أو استكشافه، نظرًا لاحتفاظ العائلات به، والتي تعتبره ملكاً شخصياً لها، ولا تسمح بالولوج إليه، كما لدينا مدناً مصنفة كتراث إنساني، تقام بها كل عام العديد من مهرجانات.
كما لدينا تراث غير مادي، ومنها “المحضرة”، التي أفرزت علماء موسوعيين، ذاع صيتهم في كل بلدان العالم، وما زال هذا النموذج حاضراً، عالمًا ومعلمًا، ونسعى إلى تسجيل هذا الإرث ضمن التراث العالمي باليونسكو، ونعول في ذلك على دعم الدول العربية والإسلامية، وسبق أن حصلنا على تصاريح بدعمه، وعاكفون على انتهاء هذا الملف، وتقديمه في الدورة القادمة لليونسكو.
*إلى أي حد تأثر المشهد الثقافي في موريتانيا بتداعيات جائحة كورونا؟
**الجائحة، كان لها تداعيات عديدة، إذ أصابت المشهد الثقافي بالركود، غير أنها بدأت تنقشع في بلادنا، وبدأ المشهد الثقافي بالتالي يستعيد نشاطه، وبدأت معه إقامة المهرجانات، وعادة ما يكون لدينا موسمٌ ثقافي، يبدأ من مارس وحتى سبتمبر، وبدأ هذا الموسم بالفعل، وتشهد معه بلدنا حراكاً ثقافياً لافتاً.
*وأخيراً.. ما الطموح الذي تسعون إليه من أجل الارتقاء بالمشهد الثقافي في موريتانيا؟
أطمح أن يستعيد المشهد الثقافي في موريتانيا ألقه، كما أطمح إلى أن يستعيد العالم العربي مكانته الثقافية، وتوحيد جهودنا كعرب عمومًا، ونـحن قادرون كعرب على ذلك، فلدينا الكوادر والمصادر والبنى الثقافية، غير أنه ينقصنا توحيد الجهود لاستعادة مكانتنا، وإسهاماتنا في الثقافة العالمية، لأن المؤشرات الحالية غير مشجعة، ما تستوجب معه توحيد جميع الجهود العربية.
جالية نخبوية
خلال الحوار، وجه سعادة الوزير التحية إلى الجالية الموريتانية المقيمة في قطر، ووصفها بأنها جالية نخبوية تمثل مورويتانيا أفضل تمثيل.
وقال: لقد زرت الدوحة عدة مرات من قبل، غير أن زيارتي هذه تختلف عن سابقتها، إذ لمست تطوراً في دولة قطر، شمل جميع المناحي، وهو ما يعكس أن هناك جهدًا كبيرًا بُذل في هذا الجانب، أهنئ الأشقاء القطريين عليه، فهم قدوة تُحتذى، وهو أمر يشرفنا في موريتانيا، وكذلك يشرفنا كعرب.