ستظل الــدورة الـحـاديـة والـثـلاثـون لمـعـرض الـدوحـة الدولي للكتاب عالقة في الأذهان، يسجلها التاريخ بأحرف من نور، لما حققته من تميز، ظهر في حجم مشاركاتها وحضورها فضلًا عن كونها واكبت الـذكـرى الـخـمـسـين لانـطـلاق أولــى دورات المـعـرض، الأمــر الــذي سـيـكـون لـه مـا بـعـده فـي إثــراء المشهد الثقافي. وحول حصاد هذه النسخة، وصف السيد جاسم أحمد البوعينين، مدير إدارة المكتبات في وزارة الثقافة ومدير معرض الدوحة الدولي للكتاب، الدورة المنقضية بأنها تميزت في مختلف جوانبها، سواء من حيث أعداد الـنـاشـريـن، أو الفعاليات، مـا جعلها الــدورة الأكبر فـي تـاريـخ مـعـرض الـدوحـة الـدولـي لـلـكـتـاب، والـذي يعد أقـدم معرض خليجي.وأكد البوعينين أن عدد العناوين التي شاركت في هذه النسخة بلغت قرابة 150 ألف عنوان، ما يعكس الثقة الكبيرة التي بات يحظى بها المـعـرض مـن قبل الـنـاشـريـن، لافـتًا إلى أن الـــدورة المـنـقـضـيـة حـمـلـت الـعـديـد مـن الـجـوانـب التي أكسبتها صفة التميز، ومنها تقديم الخدمة الجديدة «مرشد القراءة»، كأول خدمة يتم تقديمها في معارض الكتاب، وقدمت خدماتها لما يقرب من 280 مستفيدًا.

ما تقييمكم للنسخة المنقضية من معرض الدوحة الدولي للكتاب؟

بــــدايــــةً، نـــتـــوجـــه بـــخـــالـــص الــشــكــر والتقدير إلى سعادة الشيخ عبدالرحمن بـن حـمـد آل ثـانـي وزيــر الـثـقـافـة، لـدعـمـه الكبير لإقامة هـذه النسخة، التي جاءت بحق نسخة مميزة بكل المقاييس، واكبت مـرور خمسين عـامـاً على انـطـلاق الـدورة الأولى للمعرض عام 1972. وفي ظل المقارنة بين مشاركات أول دورة، وآخــر نـسـخـة، يـبـدو مـا اكتسبه المـعـرض مــن ثــقــة كــبــيــرة فــي أوســــاط الـنـاشـريـن الـعـرب والأجــانــب، إذ سـجـلـت مـشـاركـات أول دورة قــرابــة 20 دار نــشــر، بـيـنـمـا سجلت النسخة المنقضية مـشـاركـة 430 دار نــشــر، ومــشــاركــة 37 دولـــة، لـتـصـبـح ذات الـدورة هـي الأكـبـر فـي تـاريـخ دورات المــعــرض، مـا يـعـكـس تـاريـخ وعــراقــة هـذا المعرض الأقدم خليجياً. ولعل ما شهدته ذات الـدورة من حضور جـمـاهـيـري كـبـيـر مــن رواد الــقــراءة مـن مـخـتـلـف فــئــات وشــرائــح المـجـتـمـع، بـمـن فيهم الأطـفـال، الذين سمح لهم بالزيارة خلال الفترة من 18 إلى 22 يناير الجاري، يـؤكـد أن المـعـرض حـرص على استقطاب الجميع إلى ساحة القراءة، للحث عليها، ومــن ثـم اقـتـنـاء الـكـتـاب، وهــو مـا يعكس بدوره وعي أفراد المجتمع تجاه القراءة.

اقتناء الكتب

ومـــا هــي أبـــرز الأهــــداف الــتــي تـــرى أن المعرض حققها خلال نسخته المنقضية؟

مـــن أبــــرز الأهــــــداف الـــتـــي حـقـقـهـا المـعـرض، توطين الكتاب في دولـة قطر، فـوطـنـنـا الـحـبـيـب صـاحـب رصـيـد كبير وتاريخ عريق من المعرفة واقتناء الكتب، والحث عليها، وتشجيع إصدارها. ومع الحرص على ذلك، نكون بذلك قد حققنا أحــد الأهـــداف المـهـمـة لاقـتـنـاء الـكـتـاب، وهـــو مـــا يــجــعــل المــجــتــمــع، مـجـتـمـعـاً قـــارئـــاً، الأمـــر الـــذي سـيـنـعـكـس حـتـمـاً عـلـى مـسـيـرة النهضة والـتـطـور اللذين تـشـهـدهـمـا قـطـر فـي مـخـتـلـف المـجـالات، ولــلــثــقــافــة بــالــطــبــع نــصــيــب مـــن هــذا التطور، في ظل النهضة الثقافية التي تـعـيـشـهـا دولــــة قــطــر، بــصــعــود أقــلام شبابية واعدة، تتلألأ في سماء الإبداع المحلي.

هل تم حصر عدد العناوين المختلفة التي شاركت بها دور النشر المختلفة في الـدورة الأخيرة من المعرض؟

لم تقف ملامح تميز هذه الدورة عند مشاركات دور النشر المحلية والعربية والعالمية فقط، وكذلك الـدول المشاركة، لــــتــــســــجــــل الأعــلــى عـلـى الإطـــلاق مــقــارنــة بـجـمـيـع الــــدورات الــســابــقــة، بــل تــأتــي عـنـاويـن الــكــتــب، والــتــي سـجـلـت الــعــدد الأكــبــر أيضاً مقارنة بالنسخ الماضية، إذ شارك فــي الـــدورة الــحــاديــة والــثــلاثــين قـرابـة 150 ألـف عنوان من العناوين المختلفة فــي مــجــالات الـثـقـافـة والـفـكـر والإبـــداع والعلوم، وغيرها، ما يعني تميز الدورة المنقضية من مختلف النواحي، وهو ما يعزز مـن أهمية المـعـرض، ويكسبه ثقة أكبر في أوساط معارض الكتاب عربياً ودولـيـاً، وهـو مـا يعكس بـالـتـالـي مـدى المكانة الكبيرة التي تحظى بها الثقافة القطرية إقليمياً وعربياً وعالميا.ً

الالتزام بالمعايير

وهــل شـهـدت ذات الـــدورة مــصــادرة لأي كتاب من الإصدارات المشاركة؟

جميع دور النشر التزمت بالضوابط والمعايير الـتـي وضعها المـعـرض، وهو مــا يـعـنـي الـثـقـة المـتـبـادلـة بــين مـعـرض الــدوحــة الــدولــي لـلـكـتـاب والـنـاشـريـن، وأن الجميع كـان هدفه الارتـقـاء بذائقة المـتـلـقـي بـكـل مــا يــثــري فــكــره وثـقـافـتـه وإبداعه.

تنوع الفعاليات

مـا رؤيـتـكـم لمــدى الإقــبــال عـلـى الـفـعـالـيـات الثقافية المصاحبة للمعرض؟

المـــعـــرض يــســتــهــدف إبـــــراز صــنــاعــة الـــكـــتـــاب، بــكــل مـــا تــشــتــمــل عــلــيــه هــذه الــصــنــاعــة مـــن تــألــيــف ونــشــر وطــبــاعــة وتــوزيــع، ولـذلـك نـجـح المـعـرض فـي إبــراز حركة النشر والتأليف، لتأتي الفعاليات الثقافية المصاحبة، دعماً لكل هذا الحراك، حــيــث امــتــدت هـــذه الــفــعــالــيــات لـتـنـاقـش مجالات مختلفة، جمعت بين رموز ونخب الـثـقـافـة الـقـطـريـة والـعـربـيـة، وبــين الجيل الــصــاعــد مــن الــشــبــاب المـــبـــدع، تـحـقـيـقـاً لامــتــزاج الـخـبـرات بـالأنـامـل والإبــداعــات الشبابية. وهـنـا أشـيـر إلـى خـدمـة «مـرشـد الـقـراءة»، فـي نسختها الأولـى، والـتـي حظيت بدعم وتـوجـيـه ســعــادة وزيــر الـثـقـافـة، وقـدمـت خـدمـاتـهــا لمــا يــقــرب مــن 280 مـسـتـفـيـدًا، وتوجه بها نـحو 32 مرشدًا، توزعوا على مــدى فـتـرتـين صـبـاحـيـة وأخـــرى مـسـائـيـة عـلـى مــدى أيــام المـعـرض، حـيـث تـم تقديم هـــذه الــخــدمــة لأول مـــرة عــلــى مـسـتـوى مــعــارض الــكــتــاب، مـسـتـهـدفـة الأشـخـاص المـبـتـدئـين فـي الـقـراءة، مـمـن ليست لديهم تــجــارب مــع الــقــراءة، لـيـتـم إرشــادهــم من خلال جلسة استشارة مع مرشد القراءة. كــمــا كـــان هــنــاك حــضــور لافـــت لــلــورش الــتــدريــبــيــة، والــتــي شــهــدت تــفــاعــلًا مـن جانب المشاركين، وعـلاوةً على ذلـك، شهد المــعــرض إقــامــة حــفــلات لــتــدشــين الـكـتـب لــطــيــفٍ واســـــع مـــن المــبــدعــين الــقــطــريــين والمــقــيــمــين، مــا عـكـس حــالــة مــن الـتـوهـج الثقافي، وطفرة إبداعية، أبـرزت أن هناك أسـمـاء شـبـابـيـة واعــدة فـي عـالـم التأليف والإبــداع، بالمؤكد سيكون لهم حضورهم وبصمات قوية في مسيرة الإبداع القطري والــعــربــي. كــل هـــذه الــفــعــالــيــات حـرصـت عـلـى الـتـنـوع، ومـخـاطـبـة مـخـتـلـف الـفـئـات والأعـمـار، وحظيت بـإقـبـال لافـت، كما هو الـحـال فـي الإقـبـال على اقتناء الـكـتـاب، ما يعكس بدوره وعي أفراد المجتمع.