أكـد سـعـادة الشيخ عبدالرحمن بـن حمد آل ثاني وزير الثقافة، أننا نـحن العرب معروفون بحيائنا المبالغ فيه وأدبـنـا، وهـو مـا يجعل الشخص يجد حـرجًا فــي الـنـقـد، إضــافــة إلــى حـسـاسـيـة الـطـرف الآخـــر؛ وأن الـخـطـابـات المـفـتـوحـة تـكـسـر مــن حـدة الـحـيـاء تـدريـجـيـًا، وذلــك خـلال مـداخـلـة قـدمـهـا في محاضرة بعنوان «تفكير في التجربة الجمالية» للدكتور نزار شقرون. وأشــار سـعـادتـه إلـى أن مثل هـذه الـنـدوات تسمح لـلـجـمـهـور بـالاسـتـمـاع إلــى آراء وأفــكــار مختلفة، وتـفـتـح الآفــاق لـلـفـرد كـي يـفـكـر ويـنـظـر إلــى زوايــا أخـرى إلـى جانب الـزاويـة التي ينظر منها، منوهًا إلى أن الثقافة جزء أساسي من الأمن الوطني، وأن معرض الكتاب جـزء لا يتجزأ مـن وسـائـل ترسيخ الثقافة الاجتماعية التي تصب في الأمـن الوطني لدولة قطر. وتضمنت المحاضرة جانبًا مفاهيميًا مهمًا يتمثل في غياب الخطاب النقدي والمؤسسة النقدية، والذي أدى إلــى غـربـة الـفـنـان وســبــات الـنـقـد فــي المنطقة الـعـربـيـة. مــؤكــدًا أن الــخــروج مــن الـلـحـظـة المـأزقـيـة تتطلب وجـود مؤسسة ترعى الحركة النقدية، وأن يتم تشجيع التفكير النقدي. وقـال الـدكـتـور نـزار شـقـرون إن الإشـكـال الأسـاسـي فـي المشهد الثقافي والمشهد التشكيلي على وجه الخصوص أن الفنان يعرض والـدولـة تدعم ولكن الـفـنـان يـبـقـى غـريـبًـا مـا دام الـخـطـاب الـنـقـدي غير مـوجـود ومتعثرًا ولا يستطيع أن يـطـور التجربة الــفــنــيــة وأن يــســوقــهــا بــالمــعــنــى الــنــقــدي ولـيـس الإعلامي لأن الإعلام يقدم المعلومة ولكنه لا يعطي الأفكار، وقال: نـحن اليوم نعيش على ثنائية كبيرة جــدًا مـثـل مـعـرض الـكـتـاب، هـل نـحـن نـأتـي لـشـراء المـعـلـومـات أم لـشـراء الأفـكـار، هـل نـأتـي كـي نـتـزود بالمعلومة أم أن ننعش ذائقتنا الفنية، وأن نطور من ملكتنا؟. العين التي تجهض في حضارتنا لابد أن تـقـوم بوظيفتها ليس فقط البيولوجية ولكن الفنية أيـضًـا والإبـداعـيـة. وجـدت أن هـذا النموذج أن الفنان الـيـوم لـه حـق على مجتمع المثقفين. هل نـحـن الــيــوم فــي قـطـر والــــدول الـعـربـيـة لـديـنـا مـا يسمى مجتمع المثقفين فيه نقاد ومفكرون؟ نـحن لدينا أصـوات نقدية مبعثرة، وشـعـراء مبعثرون، ومفكرون في نفس الوضع. أشــار د. شـقـرون إلـى أنـنـا الـيـوم نعيش ثــورة على مـسـتـوى الـكـم ولـكـن عـلـى مـسـتـوى الـنـوع والمـقـاربـة الفكرية هناك غياب تام لما يسمى المؤسسة النقدية والبيئة الفكرية الـراعـيـة لـهـذه المـؤسـسـة، لـذلـك فإن الفن التشكيلي لا يتطور والحبكة الأدبية لا تتطور، وسنجد أنفسنا أمام فنانين تشكيليين ومسرحيين وسينمائيين وكتاب أدباء ولكن دون رعاية نقدية. ولفت إلى أن الغرب تطور لأنه أعمل التفكير في كل هذه التجارب الجمالية، وقـال إن المؤسسة النقدية هي الحلقة الـوسـطـى بـين مجتمع الـفـنـانـين والمـبـدعـين وبـين حركة الـواقـع والمجتمع، ولا معنى لثقافة إن لم تؤثر في الواقع، ولا معنى للوحة تشكيلية إن لم ترسخ في الذاكرة وتحرك الذائقة الجمالية وتحرك فينا الأفـكـار، ولا معنى لكتاب يحمل فكرًا ولكن لا أثر له في الواقع.
وزير الثقافة: غياب النقد سببه حياؤنا المبالغ فيهِ
16 يناير, 2022