أسعدنا جميعًا تكريم الفنان خليفة جمعان السويدي في فعاليات الأغنية.. ذلك أنّ هذا الفنان قد حمل فوق كاهله مع رفقاء الدرب سنوات وسنوات تقديم الأغنية بنكهة قطرية، وعبر هذه السنوات لم يتوقّف في مد الأصوات بالمفردات المرتبطة بنا..
ذلك أن المعايشة مع أجيال متعاقبة أمدته بزخم من المفردات، هذا بجانب قدرته على حفظ الموروث الموسيقي والشجن المرتبط بالإطار الغنائي، سواء ما ارتبط بعوالم البحر أو تلك الأهازيج والأغاني المُرتبطة بتراث الآباء والأجداد.
هذا الفنان عبر سنوات عطائه والتي تزيد على نصف قرن، عمل دون ضجيج، ودون الارتماء في أحضان الدعاية المجانية، ما يهمه أن يقطع كل المشاوير بحلمه الذاتي، وأن يغوص عبر موهبة حقيقية في تقديم الأغنية القطرية.
منذ عام 1968م عام انطلاق إذاعة قطر، وهو واحد من فرسان الغناء. البدايات مع رفقاء الدرب سالم تركي، محمد رشيد، إبراهيم علي، عبد العزيز ناصر، حسن علي درويش، وكوكبة أخرى ممن حملوا لواء الخروج بالأغنية في إطارها القديم والمتميز وأعني فن الصوت والبستة.
وهكذا ساهم خليفة جمعان في خلق أغنية قطرية عبر مفرداته وعبر ذخيرته التي تحتفظ بإرث الآباء والأجداد. واتخذ من الصمت والعمل دون ضجيج، ودعم مسيرة الفنانين نبراسًا لذاته. سنوات وسنوات وهو يغذي الأصوات بنتاجه، حتى تحولت إحدى أغنياته إلى أيقونة نجاح لمن يترنم بها، وأعني «غربي هواكم ياهل الدوحة»، واستمر في عطائه عبر كل الفنون وبخاصة المسرح في إطارَیه: ما يقدم للكبار أو ما يتم تقديمه لفلذات أكبادنا.
والأجمل في هذا الفنان أنه يعمل في صمت وكأنما لسان حاله ينطق بالمقولة الأزلية: ذات يوم سوف أحصد نتيجة ما قدمته، وها هو بعد سنوات من العطاء والتميز، يتم تكريم اسمه كواحد من فرسان الأغنية القطرية، وكنموذج عمل وما زال يعمل في صمت.
قليلون ونادرون أمثاله، كان لهم هذا الإسهام كرفيق دربه الشاعر جاسم صفر، الذين خرجوا بالأغنية من إطارها القديم، وما قدمه الشاعران «سبيج وإبراهيم الشاعر» عبر مفرداتهما. هذا التكريم لهذا الفنان تكريم لعطاء جيل بأكمله. فشكرًا لوزير الثقافة والرياضة بأن يكون هذا المهرجان وفي كل دورة من دوراته ليعيد لذاكرتنا الجمعية أسماء ساهمت وما زالت تساهم في تغذية الأغنية بالإبداعات.. مفردةً وشجنًا.. تعيش في الذاكرة.