تعود شمس الفعاليات الثقافية القطرية لتشرق من جديد، عبر تنظيم مهرجان الأغنية القطرية، بعد أن دخلت ما يشبه البيات الشتوي بسبب جائحة كورونا التي ألقت بظلالها المقيتة على العالم أجمع، وأثرت على مناحي الحياة وجميع المجالات، ومنها المجال الثقافي، فأصبح العالم في سبات ثقافي عميق، إلا أنه مع انحسار هذا الوباء بدأ الحراك الثقافي يعرف طريق النشاط، فأقامت بعض الدول فعاليات ثقافية، وكان مهرجان الأغنية 2021 في نسخته الثالثة، الذي يدعم الأغنية القطرية ويشجّع على الإبداع وتقديم أعمال فنية تسطر تاريخ قطر التراثي، وترسم ملامح حياة المجتمع على مر السنين.
«نحو مجتمع واعٍ بوجدان أصيل وجسم سليم» رؤية وزارة الثقافة والرياضة التي انطلق منها المهرجان، وهي بالفعل رؤية موفّقة وهادفة لإبداع أغنية قطرية تجسّد الارتباط بالهوية الوطنية والتراث وثقافة المجتمع، وتجسّد التقاء الغناء المبدع وذائقة الجمهور صاحب الذوق الرفيع، كما أن «ولين الحين يا سدرة.. عروقج عايشة فينا» شعار المهرجان يعبّر عن البيئة القطرية الأصيلة، ودورها البارز في إلهام المبدعين على مر الأجيال.
مهرجان الأغنية القطرية يستعيد الإبداع الأصيل ويدعم المواهب الشابة ويبرز دورها الحضاري في بناء المجتمع، ويوثّق التاريخ الغنائي القطري لتستفيد منه الأجيال، فكانت مشاركة نخبة من نجوم الغناء القطري والخليجي، وأصحاب المواهب الفنية الشابة، وفي لمسة وفاء معهودة تم تكريم الروّاد وكبار الفنانين وقامات بذلت الغالي والنفيس في خدمة الفن، ما أعطى رسالةً تأكيد على أن الوطن يثمّن العطاء الكبير الذي بذلَه هؤلاء المبدعون في دعم مسيرة الموسيقى والغناء. كما أن حرص أصحاب البصمات في مسيرة الأغنية القطرية من الفنانين القدامى على الحضور؛ من أجل دعم الشباب والتلاحم معهم، يعطي صورة مشرقة لتعاقب الأجيال، والحرص على إعداد كوادر ومواهب فنية شبابية مبدعة ترفع راية الفن القطري الأصيل.
المهرجان الثقافي يعمل على مد جسور التواصل بين المبدعين، ويعد نافذة جديدة للشباب من أجل استكمال مسيرة جيل الرواد، وفرصة كي يطوّر الشباب أنفسهم ومواكبة التغييرات التي طرأت على الأغنية ومكوناتها. وفرصة لميلاد مواهب في الغناء والتلحين والشعر، كما أنه يُساهم في رفد الثقافة القطريّة الأصيلة بأعمال إبداعيّة تثري المكتبة القطريّة.
الصورة المشرّفة التي خرج بها المهرجان تنم عن جهود كبيرة تبذلها وزارة الثقافة والرياضة في عودة الزخم الثقافي للدوحة من جديد، فلهم جزيل الشكر على هذا المجهود الرائع، وننتظر منهم المزيد في خدمة الثقافة القطرية.
أدام الله قطر منارة تهدي لدروب الثقافة والعلم.