قدم الملتقى القطري للمؤلفين حلقة جديدة من برنامج «أخلاق الرسول» صلى الله عليه وسلم لتسليط الضوء على سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، واستلهام الدروس والعبر من أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام.
ويستعرض البرنامج نماذج من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وتعامله مع أزواجه وأهل بيته، وكذلك معاملته لأصحابه ومحبته لهم.
وسلطت الحلقة الجديدة من البرنامج الذي يعده الأستاذ محمد الشبراوي، وقدمها الإعلامي سالم الجحوشي، على حياة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته.
وقال الاستاذ سالم الجحوشي: «إن القدوة أفعال وليست أقوالا وقد كان نبينا الكريم أسوة بخلقة وفعله كما كان ذلك بقوله ومن تعامله في بيته نرصد دلائل تواضعه ورحمته، تصديقا لقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
وسرد الجحوشي الكثير من الأدلة من السنة النبوية التي تدل على تواضعه وأخلاقه صلى الله عليه وسلم في بيته ومنها ما أخرجه البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
وكان صلى الله عليه وسلم يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم، لا يترفع عن المساعدة أو يتشاغل بدعوى التفكير في أمور الدعوة.
وأضاف: ومن أخلاق الرسول ما رواه ابن حبان «ما عاب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طعامًا قطُّ إنِ اشتهاه أكَله وإنْ كرِهه ترَكه»
وكان يعلم الصبية كيف يكون آداب الطعام من خلال عمر من أبي سلمة «الذي قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك»، فما زالت تلك طُعمتي بعد.
وروى أنس بن مالك «لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، أخَذَ أبو طَلْحَةَ بيَدِي، فَانْطَلَقَ بي إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ أنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قالَ: فَخَدَمْتُهُ في الحَضَرِ والسَّفَرِ فَوَاللَّهِ ما قالَ لي لِشيءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هذا هَكَذَا، ولَا لِشيءٍ لَمْ أصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هذا هَكَذَا».
وعندما يدخل عليه رجل فيؤخذ بجلال النبي وهيبته لكن الرسول يهون عليه ويهدئ من روعه فيقول إني لست ملكا ولكني ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة.
وكان صلى الله عليه وسلم يبتسم لضيوفه وينزلهم منازلهم ويحض على احترام كبيرهم وصغيرهم، ويشجع على المعروف قولا وفعلا، قال صلى الله عليه وسلم: «… ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه» (رواه أحمد، وأبو داود، وصحَّحه الألباني).
ومن تأثيره إلى المجتمع تنتقل دائرة التأثير الفعال ويؤسس الرسول الكريم لبناء الأجواء الصحية في المجتمع، فالصدق ركيزة لا غنى عنها في المجتمعات على اختلاف مستوياتها، يروي عبدالله بن عامر بن ربيعة «دعتْني أُمي يومًا ورسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قاعدٌ في بيتِنا فقالتْ: ها تعالَ أُعطيكَ فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وما أردتِ أنْ تعطيهِ ؟ قالتْ: أُعطيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أما إنك لو لمْ تُعطيهِ شيئا كُتبتْ عليكِ كَذِبةٌ».
ليقدم الرسول الكريم نموذجا للأمة في أهمية الصدق.
وتابع أن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هديه مع الصبية وتعليمهم مثل عبدالله بن عباس وعمر بن أبي سلمة وأنس بن مالك وعمير بن سعد وغيرهم فتحولوا في سنوات قلائل إلى مصابيح اهتدى بهم من بعدهم.
وأشار الإعلامي سالم الجحوشي إلى هدي النبي مع جيرانه من تعظيم حقهم فيقول صلى الله عليه وسلم عن عائشة -رضي الله عنها- وعبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورِّثه»، ثم يؤكد على وجوب ذلك بقوله «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره».
وإمعانا في حسن في حسن الجوار يقسم الرسول الكريم «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله قال الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ».
فهذا خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته وخادمه وضيفه وجيرانه، فكان النبي لا يتصنع في سلوكه داخل بيته أو خارجه إنما يتعامل على سجية وهو أدعى لأهل الفطر السليمة للهدي النبوي فإمامها إنسان يدعو للمنهج الرباني ويمتثل له وتتطابق أقواله مع أفعاله ما يجعله قدوة للأنام وهداية لأولى النهى والأحلام.