عقد الملتقى القطري للمؤلفين الحلقة الثالثة عشرة من «مرقاة قطر للخطابة»، وذلك عبر قناته على «يوتيوب»، والتي جاءت ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021.
جرى تقديم المبادرة من بيت الحكمة في مقر وزارة الثقافة والرياضة، وقدمها الخبير اللغوي الدكتور أحمد الجنابي، والذي أكد أن المبادرة تعد أحد أنشطة فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي. لافتًا إلى أن هذه الجلسة تعد الجولة الثالثة من جولات «الخطيب الناقد والخطب النقدية، التي يستمع فيها الخطباء إلى خطبة نموذجية، ومن ثم ينقدونها نقدًا بنّاءً، وسيركز النقد في هذه الجولة على لغات الجسد حصراً».
وقد أعلن د. أحمد الجنابي أسماء الفائزين في هذه الجولة من المرقاة، حيث فاز بالمركز الأول الخطيب آيات حماد، بينما حصلت الخطيب حفصة ركراك على المركز الثاني، فيما حجب المحكمون المركز الثالث.
وقد استفتح الحلقة الأستاذ عبدالله الخلف بإلقاء إحدى خطب قس بن ساعدة الأياديّ خطيب العرب الشهير، وهي الخطبة التي تأتي إحياء للتراث العربي الخالد، ومن جانبه قدم الأستاذ محمد الشبراوي الشريك اللغوي للمبادرة تعريفاً عن لغة الجسد؛ لتهيئة الخطباء حين يحين دورهم بتوظيفها في خطبهم واصفاً لغة الجسد بأنها «لغة عالمية، فالنطق يختلف من لسان إلى آخر، أحدهم يتكلم بالفصحى، والآخر يتكلم باللهجة، وبعض يتكلم بالعربية، وآخرون يتكلمون بلغات أخرى؛ إلا أنه ومع كل ذلك، فإن لغة الجسد واحدة، ولها دلائل كثيرة».
وقال: إن لغة الجسد قد تكون معبرة، وقد تكون مربكة، ويكون ذلك بالأمثلة، إذ نرى بعضهم يتقن لغة الجسد، ويعبر بها، ويزيد من قوة فاعليته مستخدماً لغة جسده، وآخرون يقفون مكتوفي الأيدي، وفي بعض الأحيان لا يتحرك من مكانه أبداً، وقد كان أبو شمر من خطباء الجاهلية يقف أمام الناس لا يحرك ساكنًا طوال خطبته، فأخذوا عليه ذلك مقابل غيره يُحسن الكلام والتعبير منهم الجاحظ، والمبرد، وغيرهما ممن أتقنوا استعمال لغة الجسد، وإن كان استعمالها مؤخراً حكراً على بعض الناس، فإن غيرهم لا يحسنون استخدام لغة الجسد، وآخرون يخشون استخدامها خشية أن يكون ذلك مشتتاً للجمهور.
بدوره قدم د.أحمد الجنابي الخطيب غياث الخيمي، والذي قدم خطبة أنموذجية بعنوان: (سباق الحواجز)، وقام الخطباء بنقدها، وتحدث الخيمي خلال خطبته عن الأسرة، واهتمام الأب بأبنائه، وأنه إذ صلح الأب، فسوف ينصلح حال الأبناء، وأنه يجب على كل أب الاهتمام بتربية أبنائه بالطريقة المثلى.
أما الخطيب آيات حماد، والتي شاركت أيضاً لأول مرة في المرقاة، فقد وصفت الخطبة الأنموذج بأنها كانت مميزة، وشهدت تناغمًا بين حركات الجسد، وبين كلمات الخطبة ما جعل الخطيب يبدع في انتقاء الكلمات، وانعكس ذلك على تميزه في استغلال المنطقة المتاحة له على المسرح، فضلاً عما اتسم به من نظرات للجمهور، والتي كانت توجه في المكان السليم تماماً، واستوقفها بعض العبارات التي استخدمها الخطيب الأنموذج، بالإضافة إلى حركة دورانه على المسرح مرة باتجاه اليمين، وأخرى باتجاه اليسار.
أما الخطيب حفصة ركراك، والتي سبق لها المشاركة في الجولة الماضية من المرقاة، فقالت إن الخطيب الأنموذج استطاع تحويل الموضوع الرياضي، وهو القفز على الحواجز إلى موضوع اجتماعي بامتياز، وركزت على النقاط المتعلقة بلغة الجسد، والتي جاءت متوافقة والموضوع الذي تم طرحه، ما أدى إلى جذب الجمهور.
وقدم د.الجنابي المحكمين، ليوازنوا بين نقد النقاد، وبين معايير مرقاة قطر للخطابة في مجال الخطب النقدية، وهل قاموا بدورهم وفق هذه المعايير أم لا؟
وبدوره، قال عبدالله الخلف، وهو من أعضاء اللجنة الدائمة للتحكيم في مرقاة قطر للخطابة إن الخطباء قدموا ما يثلج الصدر، ما يعكس أن المرقاة تسير في طريقها الصحيح نحو الأفضل موجهاً الشكر للأستاذ غياث الخيمي، والذي قدم خطبة أنموذجية تتوافق تماماً مع هدف هذه الجولة من الخطب، حيث وظف فيها لغة الجسد توظيفًا سليمًا، وكان نموذجاً يُحتذى به، وحاول الخطباء الاقتراب من هذا النموذج.
وركز الخلف في تحكيمه على خطبة الأستاذ ياسر الوكيل، مؤكدًا أنه كان منخفض الصوت بشكل كبير، وهذا ما يُسجل على الخطبة والخطيب الذي عليه إيصال الفكرة للجميع بوضوح، والتركيز على لغة الجسد بما يجعلها تنعكس على أدائه بصفته ناقداً للخطية، كما أنه استخدم مفردة الغائب، بدلا من مفردة المخاطب، في تحليله لخطبة الخطيب الأنموذج، كما وقع في بعض الهنات اللغوية، وبذلك فهو بحاجة إلى العمل والتطوير، ليرتقي في مجالات أخرى إذا اجتهد، وواصل التطوير.
أما المحكم الأستاذ أحمد الحزام، وهو أيضاً من أعضاء اللجنة الدائمة للتحكيم في مرقاة قطر للخطابة، فقد أكد أن لغة الجسد أحد مكونات التواصل مع الآخرين، وهو مكون رئيس للتعبير عن الأفكار، ونقل الأحاسيس والمشاعر، وأحياناً تغني عن التواصل اللفظي.