استعرضت مبادرة «ما بين الرفوف»، للكاتبين حسن الأنواري، وريم دعيبس، رواية «العجوز والبحر»، للكاتب أرنست همنجواي، واستهل الأنواري الحلقة بالحديث عن جوانب من حياة ومسيرة مؤلف الرواية، موضحاً أنه ولد في عام 1899 م في ولاية إلينوي الأميركية، من أب طبيب مولع بالصيد، وأم متزمتة ذات اهتمام بالموسيقى، إلا أنهما عاملاه بقسوة، راسمين له خطة قاسية من أجل نجاح حرمه من الاستمتاع بطفولته، وهو الأمر الذي جعله يعترف فيما بعد بأنه كان يكره والدته، وأشار إلى أن تلك الحياة القاسية التي عاشها أرنست في طفولته شكّلت طبيعة ما قدمه من أعمال أدبية، وأضاف موضحاً أن الكاتب يعد من أهم الروائيين، وكتاب القصة الأميركيين؛ حيث كتب الروايات والقصص القصيرة، ولُقِبَ بـ «بابا»، وغلبت عليه النظرة السوداوية للعالم في البداية، إلا أنه عاد ليجدد أفكاره فعمل على تمجيد القوة النفسية لعقل الإنسان في رواياته، ويؤكد الكاتب حسن الأنوار أن هناك معاني عديدة يمكن استخلاصها من رواية «العجوز والبحر»؛ منها تسليط الضوء على أهمية الإصرار والعزيمة، وهو الأمر الذي يتجلى من خلال أحداث الرواية، حيث نجد أن ذلك الرجل العجوز سنتياغو يعمل على صيد السمك وحدَه في قارب عريض، ويواصل ذلك الأمر رغم أنه قد مضى أربعة وثمانون يوماً من غير أن يفوز بسمكة واحدة.
ويضيف: في الأيام الأربعين الأولى كان يصحبه غلام صغير، حتى إذا قضى أربعين يوماً من غير أن يوفّق إلى صيد ما، وعلى ذلك قال والدا الغلام مانولين لابنهما: إن العجوز منحوس.
وأضاف أنه في المقابل نرى سانتياغو يؤمن أيضاً أن الخسارة التي جناها كانت بسبب حظه السيئ لا غير، وهو ما رآه والدا مانولين، حين حذّرا ابنهما من مرافقة العجوز سانتياغو إيماناً منهما أن حظه عاثر، وكانا يصفان ابنهما كذلك بأنه «ذو حظ سيئ جداً». وشفقة من الشيخ على الشاب أشار سانتياغو على مانولين أن يبقى مع قارب آخر «يملك حظاً كبيراً». لكن مانولين يصر على ملازمة سانتياغو.
ويرى الأنواري أنه وفي ضوء هذه القراءة، يمكن أن نعيد فهم الرموز التي استخدمها همنغواي في روايته، فنجد أن سانتياغو ومانولين يُمثّلان الشعب الكوبي بطيفيه، الأطفال والشيوخ، وهو ما يعد رسالة للسعى نحو بناء كوبا والنهضة بها.
كما يرمز البحر إلى الاقتصاد الكوبي الذي أرهقه تدخل الولايات المتحدة ودعمها للانقلابات وتأجيجها لنيران الصراعات الداخلية. أما الشعب الكوبي فيتجسد في سانتياغو، ببساطته ومعاناته من الأمية ومن ظروف معيشية سيئة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة.
بدورها قرأت ريم دعيبس بعض من الصفحات الأولى لرواية «العجوز والبحر» كما قامت باستعراض القصة مؤكدة أن النهاية المأسوية للعجوز في تلك الرواية مثلت إعلاناً لنهاية سلسلة معاناة ومكابدة عاشها الكاتب وأدت به إلى الإنتحار، منوهة بأن تصفح حياة الكاتب قبل الدخول إلى عالم الأدبي أمر ضروري لفهم الكثير مما يأتي فيما بعد في كتاباته.
وحول نهاية هيمنجواي المأسوية قالت: في آخر حياته انتقل للعيش في منزل بكوبا. حيث بدأ يعاني من اضطرابات عقلية، وبعد ثلاثة أشهر في 1961، في صباح أحد الأيام قالت ماري زوجته في المطبخ: «وجدت همنغواي يحمل بندقية»، فقامت بتهدئته وأرسلته إلى المستشفى وتلقى هناك المزيد من الصدمات الكهربائية، وأطلق سراحه في أواخر يونيو، ووصل إلى المنزل وبعد ذلك بيومين، في الساعات الأولى من صباح يوم 2 يوليو 1961، قام همنغواي «عمداً إلى حد كبير» بإطلاق النار على نفسه من بندقيته المفضلة لديه.
وأضافت أن لأسرة همينغوي تاريخ طويل مع الانتحار، حيث انتحر والده (كلارنس همنغواي) أيضاً، كذلك أختاه غير الشقيقتين (أورسولا) و(ليستر)، ثم حفيدته مارغاوك همنغواي. ويعتقد البعض وجود مرض وراثي في عائلته يسبب الاكتئاب أو عدم الاستقرار في المخ، ما دفعه إلى الانتحار في النهاية خوفاً من الجنون.