تنمية جيل شبابي قيادي ومتمكن لديه القدرة على التميّز والإبداع في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والشخصية للعمل على تمثيل رؤية قطر الوطنية، تلك أهم الأهداف والرؤى التي تسعى مراكز شباب الدوحة لتحقيقها، ومن بينها مركز فتيات الدوحة الذي يعمل على تنمية شخصية الفتيات وتطوير قدراتهن، وتعزيز الشعور بالثقة بالنفس، فضلاً عن دور المركز في تنظيم استثمار وقت الفراغ بالبرامج التي تستغل طاقاتهن.
وعن أهم نشاطات المركز وأهدافه، وآفاقه ورؤيته المستقبلية، التقت «العرب» الأستاذة مزيونة محمد النعيمي المدير التنفيذي لمركز فتيات الدوحة، والتي نوّهت في البداية بحرص القيادة الرشيدة للدولة على دعم الشباب في كل المجالات، ومن هنا يأتي دور المراكز الشبابية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بفئة الشباب بتطبيق نموذج رائد في تمكين الشباب، وإكسابهم مختلف المهارات لتعزيز دورهم في مسيرة التنمية المستدامة لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 ضمن ركيزة التنمية البشرية.
وعرّفت مزيونة مركز فتيات الدوحة بأنه أحد المراكز الشبابية الخاصة بالشابات، ضمن الفئة العمرية 15-39، والذي يغطي ويخدم جميع مناطق الدوحة، وتتمحور رؤيته حول تحسين جودة التعليم والتدريب، والتفاعل معهم، من خلال الاستماع لآرائهم وأفكارهم الابتكارية وتوظيفها كمبادرات شبابية نحصد نتائجها على المجتمع بأيدي شابات يحملون طاقات ومهارات لا محدودة، وتم إنشاؤه كمركز منفصل ومستقل عام 2012.
وعن أهداف المركز ذكرت مزيونة النعيمي أن الأهداف التي يسعى المركز إلى تحقيقها عديدة ومنها:
- توفير بيئة حاضنة للاستماع إلى أفكار الفتيات والشابات وترجمتها إلى خطط تنفيذية لتوظيفها بالمجتمع بشكل جيد.
• تطوير مبادرات ومشاريع ذات صلة باهتمامات الشابات. - غرس القيم التي تتناسب مع ثقافة المجتمع القطري واحتياجاته
- تنظيم استثمار وقت الفراغ بالبرامج التي تبني شخصية الفتيات وتستغل طاقاتهن وتساعدهن على التنشئة الصالحة.
وكشفت مديرة مركز فتيات الدوحة عن مجموعة من البرامج التي قامت إدارة المركز بتكييفها مع الوضع الراهن وظروف الحجر الصحي، حيث قدم العديد منها عبر تقنيات برامج المحادثات أون لاين، وذكرت عدة نماذج من البرامج المطروحة بالمركز، وقسمتها إلى ثلاثة تصنيفات رئيسية منها:
البرامج الأكاديمية التي تهدف إلى اكتساب المهارات والخبرات على يد مدربات متخصصات في مجال محدد، مثل دورات اللغات، وكتابة المقالات الصحفية، وغيرها من البرامج التخصصية، والجهات الداعمة لنا كلية المجتمع وجامعة قطر، إضافة إلى البرامج التوعوية التي تقدم لإشباع حاجات المجتمع وتحقيق مبدأ التعاون والتكافل داخل المجتمع، مثل حملات التبرع للأيتام والمرضى، التي تعقد بالتعاون مع الجهات المختصة بهذا المجال.
وأضافت: وآخر تصنيف كان المبادرات الشبابية، وهي مبادرة تقدم من الشابات تهدف لتنمية المجتمع، وتزيد من ثقة الشابات بأنفسهم، وترفع تقديرهم لذواتهم؛ لأنّهم يُقدمون لمجتمعهم خدمات يشعـرون من خلالها بالإنجاز والجدارة والمكانة، وتحقيق الذات. وتبنى المركز (5) مبادرات شبابية منها مبادرة «قمم»، ومبادرة «عطاءك سر سعادتك»، ومبادرة «لغتي العربية هويتي»، ومبادرة «سفراء التطوع»، ومبادرة «حلقات نسائية»، ويمكنهم الرجوع إلى وسائل التواصل الاجتماعي ومعرفة تفاصيل عن المبادرات المقدمة من المركز.
آلية التسجيل
وعن آلية التسجيل بالبرامج، ذكرت مزيونة النعيمي أنه يتم التسجيل وفق برنامج شباب الأدعم الذي يعتبر منصة وطنية للشباب، بالإضافة إلى النشر بجميع وسائل التواصل الاجتماعي (إنستجرام وسناب شات وتويتر وقناة اليوتيوب)، والبرامج متاحة لجميع الفتيات والشابات بالمجان.
وأوضحت أن المركز يتبنى في الوقت الراهن عدة مبادرات، منها مبادرة تثقيفية معنية بالجوانب الرياضية والثقافية والأسرية، وتنفذ على مشاهد تمثيلية ومعسكرات وورش لإكساب الشابة السمات القيادية لإدارة حياتها في جميع الجوانب الحياتية.
ونوّهت بأن المركز أطلق مبادرة «قمم» كجزء من برنامجها للمسؤولية الاجتماعية، والتي تهدف إلى دعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال القطريين، والمُساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية لرؤية قطر الوطنية 2030. وأوضحت أنه يُشارك في المبادرة العديد من رواد الأعمال القطريين، من خلال مواد إعلامية مرئية تُنشر عبر منصة المركز يعرضون من خلالها تجربتهم في ريادة الأعمال وسر نجاح مشاريعهم، وما الصعوبات التي واجهتهم في مشاريعهم، وكيف قاموا بالتغلب عليها، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى تهم رواد الأعمال المبتدئين.
مبادرة «لغتي هويتي»
وقالت مزيزنة النعيمي إن المركز أطلق أيضاً مبادرة «لغتي العربية هويتي»، وهي مبادرة أطلقها المركز تهدف إلى التعرف على جمال اللغة العربية الفصحى، وذلك بإتقانها تحدثاً وكتابة، بهدف النهوض والتمسك باللغة العربية وتعزيز قيمتها لدى الفتيات، وتنفذ المبادرة على مدار العام.
وأضافت: ومن المبادرات كذلك مبادرة سفراء التطوع، وهي عبارة عن لقاءات مباشرة شبابية حوارية مع شخصيات ملهمة تنظم بصورة دورية عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمركز. وخلال هذه الحلقات، يتم عرض أفضل الممارسات ومناقشة أهم الموضوعات ذات العلاقة بالشابات وتطلعاتهن والتحديات التي يواجهنها، بهدف الخروج بحلول عملية وأفكار مبتكرة وسياسات فعّالة.
وأشارت إلى أن المركز يقدم «حلقات نسائية» تم ابتكارها لتكون بمثابة منصة حوارية تهدف إلى منح الشابات الفرصة للتعبير عن آرائهن وانطباعاتهن حول تطلعاتهن وتحدياتهن، والمشاركة الجماعية في التأثير الإيجابي.
تقطير مهنة التدريب
وأوضحت مزيونة النعيمي أن مركز فتيات الدوحة نفّذ خطة طموحة لتقطير مهنة التدريب بالمركز من خلال استقطاب الكفاءات الشابة من طالبات التميز العلمي بالمرحلة الثانوية وحديثات التخرج من جامعة قطر بالتخصصات المختلفة، لتنفيذ برامج المهارات الحياتية بالمركز، والمقصود بها مجموعة من المهارات البشرية التي تكتسب عبر التعلم، والتي تستخدم للتعامل مع المشكلات والأسئلة التي تواجه عادة حياة الإنسان اليومية، مثل مهارات الإدارة، والمهارات الإدراكية، والمهارات الاجتماعية، ومهارات العمل المشترك، ونقصد بها التخطيط والقيادة، وإدارة فرق العمل وغيرها .
وقالت مزيونة النعيمي في هذا الإطار: إن المركز يسعى إلى الاستمرار في تقطير مهنة التدريب في ظل النجاح الكبير الذي تم تحقيقه وكثافة الحضور والتفاعل من الجمهور مع مخرجات المواد العلمية المقدمة عبر المنصات الإلكترونية للمركز، حيث اتضح لنا أن هناك تقارباً كبيراً في انسجام المتدربات مع المدربات القطريات، فهن قريبات من البيئة يتكلمن معهن بأريحية تسهل الفهم والتواصل، وقادرات على إيصال المعلومة، وقد اكتشفنا ذلك بعد قياس الأثر التدريبي بارتفاع معدلات التقييم للبرامج المنفذة.
وأكدت النعيمي أن المركز يرحب باحتضان المواهب الشابة كصانعي محتوي إعلامي ومنظم فعاليات ومتطوعات ومتدربات، مشيرة إلى أن الفئات العمرية التي يتبناها المركز (١٥ سنة حتى ٣٩ سنة للإناث).
ويشارك مركز فتيات الدوحة سنوياً في الاحتفالات العالمية لمنظمة الأمم المتحدة، وكانت آخر هذه المشاركات الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في 5 يونيو، كما يخطط المركز للمشاركة في اليوم العالمي للشباب في 12 أغسطس، ضمن أجندة برامج المركز.
العمل عن بعد
وذكرت مزيونة النعيمي أن تجربة العمل عن بعد بإقامة ندوات افتراضية وورش ومسابقات ثقافية عبر الإنترنت أثرت بشكل إيجابي على ارتفاع مستوى المشاركات بالمركز من داخل قطر وخارجها، والتي أسهمت في إبراز مساهمات دولة قطر من خلال منظماتها بدعم فئة الشباب عبر مبادراتهم الشبابية ومشاركاتهم الفاعلة ضمن فعاليات المركز. وأضافت أنه في إطار سعي المركز للإسهام في الجهود الوطنية والحكومية ومساعي الجهات المعنية في مواجهة احتمالات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، وانطلاقاً من مسؤولياتها المجتمعية، فإن المركز أطلق حملة إعلامية نفذتها المها يوسف الحر، إحدى منتسبات المركز، بعدة لغات على مواقع التواصل الاجتماعي لتوعية المقيمين بشأن مخاطر كورونا وطرق الوقاية.
وتهدف الحملة التثقيفية إلى المساهمة للحد من انتشار فيروس كورونا من خلال إنتاج مقاطع فيديو بلغات مختلفة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية مثل فيسبوك، وإنستجرام، وتويتر، ويوتيوب الخاص بالمركز، ويصب كل ذلك في دعم أهداف المركز لاستهداف أكبر عدد ممكن من الفئات المعنية. وتركّز مقاطع الفيديو على معلومات أساسية، مثل ضرورة المحافظة على النظافة الشخصية كتنظيف المنازل، والفرق بين العزل والحجر الصحي، واقتراح أفكار للقيام بها أثناء البقاء في المنزل بما فيها التمارين الرياضية، والحرص على نظافة الطعام لحماية أنفسهم وعائلاتهم. وقد لاقت هذه الفيديوهات نسب تفاعل عالية.
ونعمل بالمركز على توفير البيئة المناسبة لإطلاق المبادرات والبرامج الرائدة والرامية إلى تنمية وتعزيز قدرات البنات، وإتاحة المجال أمامهم لاكتساب المزيد من المهارات التخصصية بجميع المجالات، مثل مبادرة قمم، والمزمع تنفيذ أنشطتها 25 يوليو المقبل، وهي تعتبر تجربة فريدة تجمع بين المعرفة والخبرة العملية لخلق قيادات شابة مستقبلية.
تحديات لمواكبة التغيّرات
قالت المدير التنفيذي لمركز فتيات الدوحة: إن العالم من حولنا يتغير بشكل متسارع، وإن ذلك يوجه تحدياً للمركز بمواكبة هذا التغيير باستحداث برامج تتناسب مع الظروف المحلية التي تشهدها الدولة، ومن أمثلة ذلك برنامج مشروع ريادي، بالتعاون مع مؤسسة «إنجاز قطر» للتعريف بأهمية ريادة الأعمال، وتأثيرها على فئة الشباب، وكيفية تأسيس مشروع خاص، وبرنامج الحرية لدى البنات والذي يستهدف الفئة العمرية من 15-39 سنة، والذي يشرح الضوابط القيمية للدين والمجتمع وأهميتها للمرأة المسلمة.