أعرب الناقد المسرحي الدكتور حسن رشيد عن سعادته بالجيل الجديد الذي تابعه على خشبة المسرح سواء من قاموا بالتمثيل أو من حملوا مسؤولية التأليف أو الإخراج من شبابنا الذين تألقوا على خشبة مسرح قطر الوطني مؤخراً ضمن مهرجان المسرح الجامعي، الذي اختتم منذ أيام، والذي نظمه مركز شؤون المسرح تحت رعاية سعادة وزير الثقافة والرياضة.
وفي هذا الإطار قال الناقد الدكتور حسن رشيد إن هناك العديد والعديد من الأمور المبشرة لهذا الجيل والتي أتمنى أن تقف الجهات المسؤولة عن المسرح مع هؤلاء الشباب؛ ليتمكنوا من الاستمرارية ويحققوا تطلعاتهم ويجتهدوا على أنفسهم ومهاراتهم ويطوروا منها ليكتسبوا الخبرات اللازمة لأن يواصلوا مسيرة من سبقوهم في هذا المجال الإبداعي الملهم.
وأوضح رشيد أن هناك مجموعة من النقاط التي لابد من التطرق لها والتركيز عليها وسيقوم بتلخيصها في عشر نقاط مهمة، حيث قال: بداية أزف التهاني لوزارة الثقافة والرياضة ولمركز شؤون المسرح، ولأبنائنا وبناتنا عشاق المسرح هذا الاندفاع لخلق تواصل مسرحي، كان الاحتفاء بمهرجان المسرح الجامعي لوحة رائعة قوامها فرحة جيل آخر يحمل رسالته، والأجمل حقاً عودة النوخذة بو إبراهيم، هذا السندباد الذي يبحر في كل المحيطات ليقدم للمتلقي درره، والحقيقة أن هذه النقاط لا يمكن أن ندرجها في إطار النصائح أو الوصايا أو التوجيهات فقط، ولكن خلاصة تجربة حياتية تمتد لأكثر من نصف قرن مثلت فيها وطني في العديد من الملتقيات المسرحية، وساهمت قدر المستطاع في خلق جيل آمن بدور وأهمية المسرح في المجتمع.
وقال الدكتور حسن رشيد: ما سأطرحه من ملاحظات قد يؤخذ بها وقد لا يؤخذ بها، ولكن أقول وأكرر القول.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد، أولاً: الفنان الذي يريد أن يخلق تواصلاً مع موهبته، هذا إذا كان موهوباً حقاً وليس عالة على الفن وبخاصة فن المسرح، لابد أن يكون الكتاب رفيقه، ذلك أن القراءة هي الكنز المسرحي وكنز المنتمي إلى المسرح، ففي تاريخ مسرحنا هناك عدد من الأسماء ارتبطوا حقاً بالثقافة في موسوعية الثقافة، نعم هناك مبدعون ارتبطوا بالكتاب مثل النوخذة عبد الرحمن المناعي، والنجم غانم السليطي والمبدع حمد الرميحي، بجانب جيل الشباب أمثال أبنائي أحمد المفتاح وفهد الباكر وفيصل رشيد، وهم علامات حقيقية الآن، وهناك من حصد الشهادة ولا أثر لهم مع الأسف في حراكنا المسرحي.
وفيما يتعلق بالنقطة أو الملحوظة الثانية قال: هناك إضافة أخرى لابد وأن يضيفها المسرحي في اعتباراته وأعني المشاهدة والاحتكاك بالآخر، ذلك أن هذا الأمر يشكل حلقة أخرى من حلقات التميز، واسألوا الفنان القدير محمد أبو جسوم والدكتور مرزوق بشير عن قاهرة المعز أثناء الدراسة وتلك العروض الطلابية.
أما ثالثا فقال الدكتور رشيد: هناك نقطة مهمة أن لا يعتقد الفنان المسرحي أنه يمثل خلاصة الفن ولا ينفعل عند طرح الملاحظات حول العمل الذي قدمه، تأليفاً أو إخراجاً أو أداءً فوق خشبة المسرح، وخير من يمثل هذا الاتجاه في عدم خوض هذا الغمار الأساتذة الأجلاء عندما يعبر الأبرز في مسرحنا عبر جملة واحدة «أشكركم وسوف آخذ بملاحظاتكم».
هنا لا يمنح الآخر فرصة في فتح حوار بيزنطي لأن هناك عشاقا للاستعراض، في المهرجان الأخير أعجبت حقاً بالأعزاء إبراهيم لاري ومريم المالكي وتلك المبدعة إيمان المري، لعدم خوضهم في غمار جدال بيزنطي لا يضيف أي شيء، وشاهدت مع الأسف كيف أن أحدهم من أجل مكتسبات آنية طرح ما أعتقده خلاصة الفكر المسرحي، مع أن الكل يعرف جيداً أنه أبعد ما يكون عن الإخراج، وأراد أن يفند كل الآراء بدون وعي بمدارس الإخراج، فخلق فجوة في العرض، قديماً قيل «ما حك جلدك مثل ظفرك.. فتولّ أنت جميع أمرك»، فماذا لو تقدم للإشراف أبناء الوطن مثل الفنان سعد بورشيد صاحب التجارب في المسرح الجاد والمسرح الكوميدي؟
وفيما يتعلق بالنقطة الرابعة قال: عندما كنا في المرحلة الابتدائية وعبر كتاب القراءة، قرأنا قصة تحمل الكثير من المعاني، ولكني أكرر الجملة الخالدة «لا تصدق ما لا يكون أن يكون»، وتعلمنا في المدرسة أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن النائحة الثكلى أفضل وأصدق من النائحة المستأجرة، والمعنى معروف فتاريخنا المسرحي زاخر بعدد من الأسماء الذين شكلوا لبنات منذ نصف قرن في خلق كوادر مسرحية هي علامات في مسارنا المسرحي.
أما النقطة الخامسة: هؤلاء الشباب يملكون العزيمة والتحدي، ولابد من الاستمرارية، فالتوقف يعني الجمود، والجمود يعني الموت، فالاختلاف أمر صحي حتى بين العمالقة، وتاريخ المسرح قدم لنا صورة من تلك الصور، ما حدث بين أشهر اسمين في مسرحية النورس، حينما قال تشيخوف إن أعظم مخرج لم يفهم النص!، لذا آمل وأتمنى أن لا يقع أبناؤنا في بعض الأخطاء التي ستكون عواقبها سيئة على مستقبلهم المسرحي.
وعن الملاحظة السادسة قال: الاستمرار وعدم التوقف والانزواء وخوض غمار كل التجارب المسرحية.
وفيما يتعلق بالنقطة السابعة: الالتحاق بالورش والدورات المسرحية، وأن يكون زاد الفنان الشاب المسرحيات العالمية، وأعتقد في ظل الوسائط الحديثة هذا الأمر متوفر الآن، أما فيما يخص الإشراف فلابد أن يكون على وعي حقيقي بدور وأهمية المسرح لا أن يمارس أستاذيته ويورط أبناءنا في إشكالية وخلط في الرؤية الإخراجية، ومن يعيد قراءة تاريخ مسرحنا يكتشف أننا قد تعرضنا لعدد من الأسماء ممن ساهموا في جمود الحراك، ولأنهم في ذمة التاريخ فقد أسقطناهم من حساب المسرح.
أما ثامناً فقال: الوطن العربي مليء بالأسماء أصحاب الإنجازات المسرحية، وقد شكلوا لبنات حقيقية للمسرح العربي، ولذا آمل من الجهات الرسمية وبخاصة مركز شؤون المسرح الاعتماد عليهم، وقد سبق للمركز أن دعا لإقامة الدورة الفنان الكبير محمود أبو العباس، واستطاع خلال أسبوع – نعم.. أسبوع واحد فقط- استطاع أن يخلق فرجة بسيطة وحرك المياه الراكدة، ومن المؤسف أنه لم يكن عضواً في كافة الاتحادات المسرحية حول العالم!!.
وتاسعاً، كنت أتمنى من مركز شؤون المسرح ألا يترك الحبل على الغارب، أبناؤنا يحتاجون إلى فهم المدارس الإخراجية وفن كتابة المسرح، ففاقد الشيء لا يعطيه، حتى لا يتحول الأمر إلى سمك لبن تمر هندي!!
أما عاشراً فقال: أخيراً أبارك للجيل.. هذا الجيل الشاب ما قدموه في مهرجانهم الأخير وبخاصة إيمان المري ومنى العنبر، واجتهادات مريم المالكي كمخرجة تخوض غمار التجربة، وأتمنى أن تواصل العمل تحت إشراف متخصصين، فهناك أسماء إخراجية متميزة الرميحي وغانم وناصر عبد الرضا، وفهد الباكر وأحمد مفتاح وفيصل رشيد وغيرهم، ولا أنسى أبناءنا جميعاً تميم البورشيد والمبدع الصغير محمد الملا، جاسم عاشير، خالد الحميدي، إبراهيم لاري، وكل من أسعدنا عبر تلك العروض التي حملت حقاً أحلام وتطلعات وآمال جيل جديد.
وختاماً أريد أن أوضح للجميع أنني أركز على هذه النقاط في إطار حرصي على مسرحنا القطري.أبناؤنا يحتاجون لفهم المدارس الإخراجية وفن الكتابة حتى لا يتحول الأمر إلى سمك لبن تمر هندي!