نظرة تفاؤلية قدّمها العرض المسرحي «وادي المجادير» للمُبدع عبد الرحمن المناعي ضمن برنامج الاحتفال باليوم العالمي للمسرح الذي شهده مسرح قطر الوطني مُؤخرًا ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي، وعلى الرغم من حالة الشجن الكبيرة التي سيطرت على أغلب لحظات المسرحية ومع شحنات العاطفة المُكثفة التي قصد بها العرض إثارة وجدان المُتلقي إلا أن العمل انتهى بطريقة تدعو للنظر إلى الأمور بطريقة تحفّزه لاستغلال مُستقبله على نحو أفضل، فتنتهي أحداث المسرحية، بعد أن تم زرع الأمل في قلوب الجميع.

الفنان عبد الرحمن المناعي أعادنا من جديد من خلال هذا العمل إلى الماضي والأعمال التراثية، ورغم تشابه الشكل مع بعض أعماله السابقة إلا أنه حمل عبر هذا العمل شحنة عاطفية جديدة تتناول موضوعًا فلسفيًا من حيث القصة وأبعادها الإنسانية، وكذلك من حيث الرؤية الإخراجية التي تعكس إبداع المناعي الذي يرتكز إلى حد كبير على شاعرية مُفرطة قادرة على التماس مع قلوب الجمهور والالتحام في الوقت ذاته مع عقولهم. والعمل الذي قامت بإنتاجه فرقة الدوحة المسرحية من بطولة الفنانين أحمد عفيف في دور «المداوي»، وزينب العلي في دور «أم سعيد»، وجاسم السعدي في دور «المجدور».

والمسرحية تتناول ثنائية الحياة والموت، وتحوّلات الإنسان في ظل الكوارث التي تحلّ به، وتلجأ في ذلك إلى أبعاد وجودية عبر أحداث تتناول قصة انتشار وباء تفشى إبان فترة الثلاثينيات، وقتل الكثير من الناس في قطر ومناطق أخرى في الخليج.

ولا شك أن جوهر المسرحية ليس في مُحاكاة الحدث، بل في إبراز قيمة الإنسان الذي يحمل في داخله قوته وضعفه في آن واحد. العمل تراثي لكنه يحمل أبعادًا وجودية، ويعتمد على تقنية تفتيت الشخصيات، حيث نشعر أننا أمام شخصية واحدة لكنها تجزأت عبر قصص ووقائع مُختلفة، فعلى الرغم من أن لكل شخصية حكاية مُختلفة، إلا أنهم يعزفون جميعًا على أوتار ثنائية الحياة والموت، والأمل واليأس، والإرادة والعجز، الإحساس برتابة الحياة والإقبال عليها رغم ذلك. ويقتصر العمل على ثلاث شخصيات، فالمداوي هو ذلك الشخص الذي كان هانئًا إلى أن وجد نفسه وحيدًا بين حقيقتين، وهما: الماضي الذي كان يعيشه، وحاضره الجديد، وهو شخصية مُركّبة، كغيرها من شخصيات المسرحية، أما شخصية «أم سعيد»، فهي الأم التي فقدت ابنها «سعيد» بسبب المرض، وتعيش حاضرها على ذكراه، وذات الصورة تنطبق على المداوي الذي يعيش حياته الحاضرة في ماضيه. ولا شك أن جوهر المسرحية ليس في مُحاكاة الحدث، بل في إبراز قيمة الإنسان الذي يحمل في داخله قوته وضعفه في آن واحد. العمل تراثي لكنه يحمل أبعادًا وجودية، ويعتمد على تقنية تفتيت الشخصيات، حيث نشعر أننا أمام شخصية واحدة لكنها تجزأت عبر قصص ووقائع مُختلفة، فعلى الرغم من أن لكل شخصية حكاية مُختلفة، إلا أنهم يعزفون جميعًا على أوتار ثنائية الحياة والموت، والأمل واليأس، والإرادة والعجز، الإحساس برتابة الحياة والإقبال عليها رغم ذلك. ويقتصر العمل على ثلاث شخصيات، فالمداوي هو ذلك الشخص الذي كان هانئًا إلى أن وجد نفسه وحيدًا بين حقيقتين، وهما: الماضي الذي كان يعيشه، وحاضره الجديد، وهو شخصية مُركّبة، كغيرها من شخصيات المسرحية، أما شخصية «أم سعيد»، فهي الأم التي فقدت ابنها «سعيد» بسبب المرض، وتعيش حاضرها على ذكراه، وذات الصورة تنطبق على المداوي الذي يعيش حياته الحاضرة في ماضيه.

ومن خلال رؤية إخراجية تستعرض طرحًا شعبيًا، جاء عبر أحداث درامية، سعت لصنع جسر تفاعلي، اندمج المُتلقي مع الخشبة وسط حالة من الفرجة المسرحية التي اعتمدت على شاعرية الأداء في إطار التراث. قدّم المناعي العمل بطريقة تراثية أشبه بالصورة السينمائية مُستخدمًا الديكور المُعقّد بعض الشيء والذي حاول من خلاله أن يتواءم مع الشكل الواقعي للأحداث فاعتمد على التفاصيل أكثر، مُبتعدًا عن التجريد الذي كان من المُمكن أن يُعطي الإيحاء المسرحي فقط، مُحاولًا الوصول لأقصى حد من الشكل الواقعي، وهو الذي ساعد على تحقيق رؤية المُخرج بصفتها جزءًا أساسيًا في إكمال الحالة التراثية المراد تحقيقها عن طريق استحضار الماضي، مُتمثلًا في شواهد القبور في كل مكان على المسرح، وهو ما أعاق جزئيًا حركة المُمثلين التي انحسرت في أماكن مُعينة، فاكتفت السيدة التي جاءت لزيارة قبر ابنها بالحركة حول المكان الذي يحوي جسده، كما تحرك الرجل بصورة أفقية في الجزء الأعلى من المسرح، فيما لم يتم اللجوء للمُستوى الأدنى نهائيًا. وعلى الرغم من أن الديكور ساعد على تحقيق رؤية المُخرج بصفته جزءًا أساسيًا في إكمال الحالة المُراد تحقيقها عن طريق استحضار الماضي وبث شحنات عاطفية تولّدت باقترابهم من قبور أحبابهم، إلا أن تلك الحالة التراثية كانت ستبدو أكثر تجليًا إذا تخلى المُخرج عن هذا البُعد الحداثي الذي ربما أصر على أن يرفقه بالعمل لينشئ من خلاله حوارًا بين القديم والجديد، حيث توازى وجود شاشة سينمائية تعرض مشاهد مُختلفة تكمل المنظر المسرحي إلى جانب الديكور التراثي الذي استعرض شكل المقابر. كما لجأ كذلك العرض إلى مزيد من الإضاءة شأنه في ذلك شأن أعمال الفيديو، رغم أنه كان يمكن تلوينها وتوظيفها للمُساهمة في تجلي شاعرية النص والأداء.

ولأن المسرحية تناولت أحداثها ضمن إطار التراث، عمد المُخرج إلى أن يجعل الملابس لا تدل على منطقة بعينها من مناطق الخليج لكنها كانت مُمتزجة وذلك في إطار حرصه على إظهار جماليات الفلكلور الخليجي، وللمُساعدة على إبراز الحالة العامة للمُشاهد، وهو الأمر الذي أفاد بلا شك إبراز الجو العام المُسيطر على كل مشهد. أما عن فريق التمثيل فيمكننا وصفه بكونه تمكن من الحفاظ قدر إمكانهم على الإيقاع، إلا أن المُبالغة عابت بعض اللحظات، إلا أن كلمات المناعي الرقيقة مكّنت الإيقاع من العودة مُجددًا للعمل ما ساهم في استقطاب لب المُشاهد في أغلب مشاهد المسرحية.