ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021، نظم الملتقى القطري للمؤلفين بالتعاون مع مركز قطر للشعر “ديوان العرب” ملتقى “كتاب الشعر الفصيح” بعنوان “دواوين الشعر العربية بين الحداثة والأصالة” وذلك بمناسبة اليوم العالمي للشعر الذي يوافق 21 مارس من كل عام.

وناقش الملتقى الذي تم بثه عبر الانترنت واقع كتابة الشعر الفصيح وأهم المواضيع التي يركز عليها الشعراء ومظاهر الحداثة والأصالة فيها، بمشاركة عدد من الشعراء والنقاد والباحثين من داخل وخارج دولة قطر.

وتحدثت السيدة مريم ياسين الحمادي مدير عام الملتقى القطري للمؤلفين في كلمتها الافتتاحية عن دور الشعر في تعزيز الانسانية المشتركة باعتباره حجر الأساس في الحفاظ على الهوية والتقاليد الثقافية الشفهية على مر العصور، وقدرته الفائقة على التواصل الأكثر عمقا للثقافات المتنوعة، مشيرة إلى أن اليونسكو تحتفل سنويا باليوم العالمي للشعر، بهدف دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، ولإتاحة الفرصة للغات المهددة بالاندثار بأن يستمع لها في مجتمعاتها المحلية، إلى جانب دعم الشعر، والعودة إلى التقاليد الشفوية للأمسيات الشعرية، وتعزيز تدريس الشعر، وإحياء الحوار بين الشعر والفنون الأخرى مثل المسرح والموسيقى والرسم وغيرها.

واضافت أن العالم يشهد منذ عشرين عاما حركة حقيقية لصالح الشعر، وصارت الأنشطة الشعرية تتزايد في مختلف الدول ويزداد الشعراء عددا تعبيرا عن حاجة اجتماعية تدفعنا إلى العودة إلى المنابع وتشكل وسيلة يمكنهم بها مواجهة الذات، مؤكدة حرص الملتقى القطري للمؤلفين على الارتقاء بالمستوى الثقافي للمؤلفين على اختلاف وتنوع تأليفهم ومصدر إبداعهم.

وفي كلمة مماثلة أكد السيد فيصل السويدي مدير إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة والرياضة، أن الوزارة أنشأت مجموعة من المراكز الثقافية والفنية المتخصصة في سبيل إعطاء دينامية أكثر للعمل الثقافي ، ومنها مركز الشعر  ديوان العرب والملتقى القطري للمؤلفين، الذي يتقفى أثر الكتابة ويتابع حركة المؤلفين وسيرورتهم، بإيقاع متناسق ومنسجم في جميع مجالات الإبداع والتأليف، موضحا أن ملتقى كتاب دواوين الشعر الفصيح، هو احتفاء بمنجز شعري متميز ، جمعته دفات دواوين الشعر العربي، فأضحى منبعا يستقى منه عذب الشعر، ومرجعا للاستشهاد والقراءة والنقد”.

وقال إن اليوم العالمي للشعر فرصة ليستعيد فيه الشعراء الإحساس بالوجود الشعري ويعملون على تخليده وتعزيز حضوره في المشهد اليومي بجديد الإبداع، وهو أيضا يوم لنثر بذور الشعر في منابت الأرض وإشاعة لحظات الفرح، لأن الحاجة إلى الشعر تزداد بقدر حاجتنا للحياة..

وبدوره قال الشاعر شبيب بن عرار النعيمي مدير مركز  قطر للشعر “ديوان العرب” ، إن الشعر لطالما كان على امتداد العصور لغة الوجدان و المشاعر الصادقة، وأن تاريخ الشعر في البلدان العربية ضارب في القدم منذ عصر المعلقات في العصر الجاهلي مرورا بالفتوحات الاسلامية وصولا الى عصرنا الحالي، وقد حافظ الشعر على دوره الفعال كما حافظ الشاعر على رسالته في إحياء قيم مجتمعه وتسليط الضوء على أهم قضايا مجتمعه، و هو ترجمة لكل الرسائل النبيلة والمشاعر الانسانية، مشيرا إلى ان دولة قطر تعنى بالشعر من خلال الفعاليات والأنشطة والمسابقات التي تقيمها وزارة الثقافة والرياضة والتي تحمل القيم الاجتماعية و الأسرية.

وتضمن ملتقى “كتاب الشعر الفصيح” جلستين الأولى أدارتها الاعلامية حصة السويدي، وتحدث خلالها الشاعر محمد السادة عن أهمية اكتساب الخبرة لكتابة الشعر واستلهام المواضيع من البيئة المحيطة، فيما تناول الشاعر عبدالرحمن الدليمي مكانة الشعر ضمن الأجناس الأدبية، ليقدم الشاعر ظافر دركوشي ، نصيحة للكتاب والشعراء بأهمية التطوير والقراءة ومراجعة كتاباتهم باستمرار للتجويد إلى الأفضل.

أما الجلسة الثانية من الملتقى والتي أدارها الإعلامي صالح غريب مدير البرامج بالملتقى فشهدت مناقشة عدد من الورقات البحثية، حيث قدمت الدكتورة امتنان الصمادي أستاذ الأدب والنقد بجامعة قطر، ورقة بعنوان “شخصية الرسول الأكرم في الشعر بين التقليد والتجديد”، حيث تناولت تاريخ المدائح النبوية في الشعر لتتواصل عبر التاريخ حتى عصر شوقي، وإبراهيم طوقان وفاروق شوشة ، مشيدة في هذا الشأن بجائزة كتارا “شاعر الرسول” وما أفرزته من نماذج وبعث للقصيدة المحمدية.

ومن جانبه قدم الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب والدراسات النقدية والمقاربة بجامعة قطر مداخلة بعنوان “عودة الشعري، باب الشعر منازل القراءة”.

وبدوره أوضح الناقد الدكتور محمد القاسمي مدير مختبر الدراسات الادبية واللسانية وعلوم الإعلام والتواصل بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، أن تحديد الشعرية في النقد الأدبي  يستلزم الوعي برؤية تاريخية وأخرى مقاربة، مبرزا أن أهم مفاهيم الشعرية مبنية على ثلاثة تصورات رئيسية وهي شعرية النظم والشعرية الشكلانية والشعرية الكلاسيكية، حيث أثبتت شعرية النظم جدارتها وأصالتها وقدرتها على تجاوز حدود الاصطلاح لتكون عملا منهجيا مدروسا ومنظما، مشيرا أن النظم في جوهره هو النحو في أحكامه التي تراعي صورة المعنى في الكلام والعلاقة بين أجزاء الكلام وليس مجرد الاكتفاء عند الحكم بالقواعد النحوية.