استضاف الملتقى القطري للمؤلفين مساء الثلاثاء ضمن جلسة كاتب وكتاب الأسبوعية التي يديرها الأستاذ صالح غريب مدير البرامج باحثة الدكتوراه والكاتبة الأستاذة خولة مرتضوي لمناقشة دراسة «الصحافة القطرية والإعلام الجديد»، الصادِر عن دار روزا للنشر، وقد تم بث الجلسة مباشرة عبر حساب الملتقى على إنستجرام. وقالت الأستاذة مرتضوي إن هذا البحث هو دراسة وصفية تحليلية ميدانية أجريت على عدد من الصحف القطرية وهو يتميز عن بقية الأعمال السابقة في نفس المجال سواء من حيث الطرح أو الأسلوب والمعلومات، مشيرة إن فكرة البحث روادتها منذ أكثر من 3 سنوات لكنها لم تتمكن من إصداره إلا بداية العام الماضي، بعد أن جمعت كما كبيرا من المعلومات التي تطلبت وقتا وجهدا كبيرا بسبب صعوبة الحصول على الوثائق اللازمة، وصعوبة التواصل مع الصحفيين نظرا لضيق وقتهم والتزاماتهم الكثيرة وهو ما شكل لها تحديا كبيرا، إلا أنها تمكنت في النهاية من ملء الاستمارة بطريقة دقيقة وحققت نتائج طيبة ومتساوية.
وأضافت مرتضوي أن الكتاب يتضمن في مقدمته تأريخا لمسار الصحافة القطرية، حيث إنه لم يصدر أي عمل تأريخي في هذا المجال لأكثر من 35 عاما، وهو كتاب «الصحافة القطرية والقضايا العربية» وهو ما تسبب في خلق فجوة تاريخية سحيقة مما جعلها تركز في هذا المتن البحثي على التاريخ الجديد للصحافة القطرية وأهم منحياناته ومحطاته، لا سيما أن الصحافة القطرية تتميز بالنماء وتماشيها مع المسجدات التقنية العالمية حتى أنها بعض النماذج الصحفية مثلت تجارب ريادية من خلال المواقع الاكترونية وتقنيات الفيديو ومختلف البوابات الإلكترونية.
وأوضحت ضيفة الملتقى أن الإعلام الجديد أصبح سلاحًا حقيقيًا بيدِ الصحفيين وبيد المواطنين الصحفيين، وهو ما دفعها لإجراء هذه الدراسة بهدف تجلية اتجاهات الصحفيين العاملين في أبرَزِ الصحُف القطريَّة الصادرة باللغة العربيَّة، نحو استخدام منصَّات الإعلام الجديد المختلفة في خدمتهم الصحفيَّة.
وقالت «إنَّ تحوُّلات الإعلام الجديدة من شأنِها أن تُلامِس، بشكلٍ مباشِر، اتّجاهات الصحفيين في قطر نحو استخدام هذه الوسائل الجديدة في الخدمة الصحفيَّة، فلا حَزَرَ أنَّ مهارات ومُؤهِّلات وقُدرات الصحفيين في التعامُل مع منصَّات الإعلام الجديد أصبحَت من أهَمِّ المعايير التي على أساسها يتم اختيار وتوظيف القائم على إعداد وإنتاج الرسالة الإعلاميَّة في العصر الحديث، وعليه، فإنَّ الصحفيين اليوم يجدون أنفسهُم أمام تحدِّيات مهنيَّة جديدة بسبب ما تفرضُهُ عليهم البيئة الإعلاميَّة التقنيَّة الجديدة، إضافةً إلى كمٍّ كبيرٍ من الميِّزات والخصائِص التي تمنحُهُم إياها هذه الوسائِل التي سهَّلت الكثير من العناء أمام أبناء بلاط الصحافة العتيقة الكلاسيكيَّة.
أصبحَ يزداد كل يوم إدراك الصحفيين لأهميَّة تطويع مهاراتهم وأدواتهم باستخدام أدوات الإعلام الجديدة لتحقيق خدمة صحفيَّة سريعة ومتميزة ولافتة، فقواعد البيانات الضخمة وما تحتويه من معلومات وحقائق والمصادر الإعلاميَّة المتنوعة المتاحة على الشبكة العنكبوتيَّة الدوليَّة سهلت حياة الإعلامي والصحفي في العصر الحديث بشكلٍ كبيرٍ جدًا، فعلاوة على ذلك سهّلت البيئة الإعلاميَّة الجديدة على الإعلامي عمليَّات التغطية الخبريَّة والتحليل والبحث الإلكتروني والتحقُّق من مصداقيَّة الأخبار، إضافة إلى إمكانيَّات استخدام أشكال صحفيَّة جديدة في العمل المهني، كإنشاء المجموعات الإخباريَّة، وعقد المؤتمرات الصحفيَّة والمقابلات الشخصيَّة عن بُعد، وعمل استطلاعات للرأي العام، وغيرها من الأشكال التفاعليَّة المتاحة حاليًا عبر منصَّات الإعلام الجديد الذي يتميَّزُ بجمهورٍ نشِط متفاعل ويُسهِمُ بشكلٍ سهل وإيجابي، في كثيرٍ من الأحيان، في تنفيذ الكثير من الأفكار الإعلامية، حيثُ يُعبِّرُون بكل أريحية عن آرائهم ويُوصلون أصواتهم في مختلف القضايا المطروحة أمام الرأي العام في هذا الفضاء الكوني الفسيح.
ثمَّةَ فرقٌ شاسِعٌ بين مهنة الصحافة في مرحلة ما قبل الإعلام الجديد، ومرحلة ما بعد الإعلام الجديد، حيث أصبحت مهنة المتاعِب والتضحيات أقَلُّ تعبًا من ناحية وأكثر مسؤوليَّة من ناحيةٍ أُخرى، فالصحافة المُلقَّبَة عُرفًا ببلاط صاحبة الجلالة (لقب التشريف والتكليف معًا) عليها ألا تتحوَّلَ إلى بلاط صاحبة (الضلالة) بفعلِ تلوُّث أقلام بعض غير المهنيين الذين يُزيفون الحقائق ويُصدِّرُون الكذب والإشاعة ويُضللون الرأي العام لأهدافٍ غير نبيلة.
ففضاءُ الإعلام الجديد، فضاء الثنائيَّات والمُضادَّات، نظام دينامِي شديد التعقيد، وضمن هذا النظام، ومع ما يتضمَّنُهُ من عناصِر ماديَّة ورمزيَّة، تحدث الكثير من السُلوكيَّات غير المنظمة، التي تصدُرُ بشكل أساسي من المُرسِل القائم بالاتصال، وعليه فإنَّ توفير الأدوات الإعلاميَّة الجديدة والحُريَّات التامَّة الممنوحة للصحفيين والإعلاميين دون التأكيد على أهميَّة الحفاظ على المهنيَّة والأخلاقيَّات الإعلاميَّة ودون الحرص على بَثّ المعلومات والأخبار الدقيقة الصحيحة وتوجيه الأفكار والرسائِل الحضاريَّة البُنيويَّة النهضويَّة؛ لن تُغَيِّر من واقِعنا الإعلامِي العالمي المأسوف عليه شيء، بل ستزيدُهُ تردِّيًا وتراجُعًا.
«المؤلفين» يناقش «الصحافة والإعلام الجديد»
14 مارس, 2021
