حزمة جديدة من المشاريع التي تدعم المواهب الإبداعية الشبابية، يعتزم الملتقى القطري للمؤلفين إطلاقها قريبًا، متضمنة أيضاً تحفيزهم على المشاركة في الأنشطة الثقافية والعمل على إفادتهم من خبرات وتجارب السابقين.
هذا ما يؤكده الكاتب حمد التميمي، مدير البرامج الشبابية بالملتقى القطري للمؤلفين، في حديثه لـ الشرق، وذلك بعدما تولى منصبه مطلع الشهر الجاري، مؤكداً أنه سيتم البدء في تنفيذ هذه الحزمة قريباً، لتضاف إلى المشاركة المرتقبة في ملتقى الشباب القطري، وذلك بتدشين مجموعة من المؤلفات من إصدار الكُتّاب الشباب.
وتناول التميمي في حديثه مدى تمكن المنصة الثقافية التي قدمها خلال الملتقى من الإلمام بالغالبية العظمى من الإبداعات المحلية، ورؤيته التي توصل إليها حول المشهد الثقافي، من خلال تقديمه لهذه المنصة. كما تعرض الحوار لجوانب إبداعية أخرى، جاءت على النحو التالي:
*بعد توليك منصبك الجديد، ما الإضافة التي يمكن أن تقدمها للمشهد الثقافي، وخاصة دعم المواهب الشبابية؟
** بدأية أؤكد أنني خلال الفترة الأخيرة، ضاعفت تركيزي على الأنشطة الثقافية وخصصت وقتا أطول للقراءة وإثراء معارفي، إضافة إلى الإشراف على المنصة الثقافية التي أعتبرها خطوة مهمة في مسيرتي، وهو ما دفعني للخطوات الموالية حيث تم تعييني مطلع الشهر الجاري مديراً للبرامج الشبابية بالملتقى القطري للمؤلفين، كما تم تكليفي بمهام نائب رئيس لجنة الاعلام والاتصال بالملتقى القطري للمدربين.
وأعقب تعييني مديراً للبرامج الشبابية بالملتقى القطري للمؤلفين تجهيز حزمة من المشاريع والخطط لتقديم مزيد من الدعم الموجه للكُتّاب الشباب وتحفيزهم على المشاركة بالأنشطة الثقافية وللربط بين الجيل القديم وجيل الشباب من الكُتّاب، لتمرير الخبرة والاستفادة من التجارب السابقة وتضييق الهوة بين الجيلين، وعرضتها على المدير العام للملتقى الأستاذة مريم ياسين الحمادي ولاقت استحسانها وسنبدأ التنفيذ في أقرب وقت، بالاضافة إلى استعداداتنا الحثيثة للمشاركة في ملتقى الشباب القطري، حيث بدأنا التخطيط للمشاركة في هذا المحفل السنوي خلال شهر فبراير عبر تدشين مجموعة من المؤلفات من إصدار الكُتّاب الشباب والتعريف بهم.
مبادرة ثقافية
* من خلال تقديمك لـ “المنصة الثقافية”، هل تعتقد أن هذه المبادرة تمكنت من الإلمام بالغالبية العظمى من الإبداعات المحلية؟
** حاولت من خلال المنصة الثقافية التي قدمتها تحت مظلة الملتقى القطري للمؤلفين خلال شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين تغطية مختلف المجالات الثقافية واستضافة مؤلفين في اختصاصات مختلفة للتعريف بالمثقفين والمشهد الثقافي في قطر، ولاحظت أن مجالات الإبداع متنوعة وغير محدودة ولا يمكن الإلمام بها بصفة كلية لاسيما أن المبادرة كانت محددة في فترة زمنية معينة، ولم يكن المجال يسمح باستضافة جميع المبدعين الذين نتمنى الالتقاء بهم في مبادرات ثقافية أخرى، لنوفيهم حقهم من الاهتمام.
* ومن خلال هذه المبادرة، ما رؤيتك للمنتج الإبداعي المحلي؟
** المبادرة استضافت نخبة من الكُتّاب والمثقفين ولم يكن الاختيار عشوائياً بل وفق مقاييس محددة وهو ما جعل مستوى المبادرة مميزاً، وحظيت بنسب متابعة ومشاهدة ممتازة كما لقيت استحسان وترحيب المثقفين والنقاد الذين أشادوا بالفكرة وحُسن اختيار الضيوف، وعكست المنصة المستوى العالي للابداع والثقافة على الصعيد المحلي. ويمكننا الجزم بأن المنتج الثقافي المحلي أصبح جاهزاً للمنافسة عربياً وعالمياً، وتجاوز الحواجز الجغرافية.
ثراء الموروث الشعبي
*لماذا حرصت على أن تكون أولى رواياتك “لولوة.. حكايات أسطورية شعبية قطرية”، ملامسة للموروث الشعبي؟
**لا يمكننا فهم حاضرنا أو الحديث عنه بمنأى عن موروثنا وتاريخنا، فموروثنا منبع كل القصص والحكايات، ومنه ينطلق الإبداع والفكر. ويزخر الموروث المحلي بالقصص الجميلة والرسائل الهادفة والمواعظ والحكم والقيم الإنسانية التي نحن في أمس الحاجة إليها في حاضرنا فكيف للمبدع ألا يستثمر هذا المخزون القيم وينطلق منه ليرسم خريطة طريقه في الابداع. لذلك، اخترت أن أبدأ طريقي في الكتابة من الأصل الثابت وأن أتشبع بالموروث الشعبي الأصيل، وهو ما ساعدني كثيراً في الخطوات الموالية.
* في هذا الإطار، هل يمكن تصنيف هذا العمل بأنه ينتمي إلى الروايات التاريخية؟
** حرصت في هذا العمل على نقل الأنساق الثقافية للماضي لحقبة تاريخية معينة في قطر ونقل عبق التاريخ وعطر الماضي وجماله مع مراعاة الأبعاد الثقافية والجغرافية والتاريخية، إضافة إلى استعمال مفردات تتناسب مع السياق العام لأحداث الرواية، ورغم ذلك لا يمكن وصفها بالعمل التاريخي لأنها لم تتناول أحداثاً تاريخية بعينها، كما أنني حرصت على كتابتها بنفس جديد وحداثي ومواكب للعصر.
تحفيز الإبداع
* وبرأيك، ما الخيط الفاصل بين الحفاظ على أصالة الموروث الشعبي، وبين الجانب الإبداعي في العمل الأدبي؟
** كما أشرت فإن الموروث الشعبي أصل الفكر والابداع فهو الجذور والمنبت ومنه يتفرع الإبداع وينمو، فالرواية الشعبية تحفز على الإبداع وتغذيه وليس هناك تعارض بين الحفاظ على أصالة الموروث والإبداع الأدبي بل هما يتكاملان، ففي كل رواية إبداعية مهما كان موضوعها نجد جانبا من الموروث، وفي كل رواية شعبية نجد مجالاً للإبداع وهو ما قمت به في روايتي الأولى حيث أعدت صياغة رواية شعبية بلمسات إبداعية شبابية وهو ما لم يفقدها قيمتها ولم يمس من جوهرها بل جعلها أكثر مواكبة للعصر وأقرب للشاب المعاصر.
تنوع المبدع
* هل صدور روايتين لك، يعني أنك حصرت أعمالك في هذا اللون الأدبي، أم إنه سيكون هناك تنوع إبداعي آخر لإثراء التجربة؟
**المبدع الحقيقي لا يجب أن يحصر نفسه في لون أدبي واحد، بل عليه إطلاق العنان لفكره ومشاعره وقلمه ليخط كل ما يخطر في باله، لإيصال رسالته بأي شكل إبداعي ممكن، فأعمالي السابقة كانت الخطوات الأولى في مسيرتي التي أتمنى أن تكون ثرية ومتنوعة، لكني أفضل التأني والمراجعة قبل الدخول في أي تجربة جديدة والتشبع من القراءة حتى لا تبقى أعمالي حبيسة الورق أو الرفوف وألا تكون مجرد عدد يضاف إلى رصيدي الشخصي بل تكون إضافة نوعية للمكتبة القطرية والعربية إجمالًا.
* هل يمكن القول إن هناك قاسماً مشتركاً من التحديات قد واجهتك خلال هذين العملين؟
**التحدي الأول والمشترك هو رغبتي في تحدي نفسي، فقد كنت ناقداً لاذعا لكتاباتي، دون تهاون، وأخذت مشروع الكتابة والتأليف على محمل الجد وهو ما جعلني في كل مرة أعيد الصياغة وأرتب الأفكار وأغير مسار العمل بعد أن أكون قد قطعت فيه شوطًا كبيرًا وهو ما يتطلب وقتًا ومجهودًا إضافيًا، ولا أنشر العمل إلا عندما أكون راضيًا عنه، وبعد مراجعات عديدة.
*ما مشروعك الأدبي القادم بما يثري المكتبات المحلية والعربية؟
** لديَّ أكثر من مشروع تأليف لكن ليست كلها أعمالًا أدبية، فخلال أيام سأقوم بتدشين روايتي الجديدة “مريم” وهي عمل أدبي يحمل فكرة جديدة وجريئة، ولدي أيضا العديد من الأعمال ما زالت في طور الكتابة منها توثيقي وآخر في مجال التنمية البشرية، وأحاول في المرحلة الحالية أن أثري وأنوع قراءاتي في مختلف المجالات حتى لا أحصر نفسي في مجال معين، لأكون قادراً على إيصال فكري ورسالتي بسلاسة أكبر، لأقدم إضافة مميزة في الكتابة في قطر.
“سجن الذكريات”
* في روايتك “سجن الذكريات”، يبدو أن الشخصية الأبرز نسائية، فهل هذا يعكس أن أولويات العمل موجهاً للعنصر النسائي؟
**رغم كون الشخصية الرئيسية نسائية إلا أن العمل ليس موجهاً للمرأة، بل هو موجه للجميع وقد لاحظت إقبال الجنسين على شراء وقراءة الرواية، ولربما اخترت أن تكون الشخصيات نسائية في معظم أعمالي الصادرة والتي ما زالت تحت الطباعة أو في مرحلة الكتابة لإيماني بأن التحديات التي تواجه المرأة أكبر من تلك التي تواجه الرجل وهو ما يجعلها أعمق وأخصب للكتابة والإبداع، فالمجتمع أكثر تساهلا مع الرجل، بينما حياة المرأة مليئة بالأحداث المختلفة.
احتواء الأفكار
* ما تفسيرك بأن أكثر الإبداعات التي يدفع بها المبدعون اليوم هي روائية بالدرجة الأولى؟
** الرواية جنس أدبي هجين تجمع مختلف الأجناس وتتداخل فيها مختلف الفنون ما يجعلها الأكثر إثارة وتشويقا والأقرب إلى قلوب القراء والأكثر احتواءً للأفكار والرسائل فهي قادرة على السيطرة والتأثير، بحيث تتماشى مع الطبيعة البشرية المركبة والعميقة، كما أن هامش الإبداع فيها أكبر حيث لا يوجد أي حدود أو ضوابط أو شروط للإبداع، كما أنها يمكن أن تنقل الأحداث والأفكار والمعلومات بسلاسة أكبر من بقية الأجناس.