نظمت وزارة الثقافة والرياضة على مسرح قطر الوطني أمس أولى جلسات «الأحداث التاريخية في قطر.. تحديات واستجابات»، من خلال ندوة (القطريون بين الفعل وردّة الفعل)، التي قدّمها سعادة السيد خالد بن غانم العلي، وأدارها الأستاذ صادق محمد العماري رئيس تحرير الشرق القطرية بحضور سعادة وزير الثقافة والرياضة وجمع كبير من المهتمين.
واستهل العلي محاضرته بنبذة عن فلسفة التاريخ وربطها بالوقائع التاريخية متعرضًا إلى الدور البطولي الذي سطّره القطريون بكل مكوناتهم وشرائحهم، وكيف قاد المؤسس طيب الله ثراه القطريين الذين عاهدوه على أن يكون الوطن عزيزًا أبيًّا على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وكشف خلال الندوة عن مجموعة من أهم الأحداث التاريخية معتمدًا في ذلك على العديد من المصادر، مستعرضًا ما جرى بالاعتماد على الوثائق البريطانية والعثمانية، بالإضافة إلى العديد من المراجع والوثائق لمؤرخين أجانب تثبت دور أهل قطر في الحفاظ على كيانهم وبناء دولتهم، وتطرق أيضًا لطريقة تحرك المؤسس على الجبهة المحلية والدولية وكيفية تعامله مع الأوضاع المحيطة به، مشيرًا إلى أن قطر كانت مطمعًا منذ التاريخ للغازين ومن أرادوا السيطرة على خيراتها والتحكم في قرارها السياسي، إلا أن تعاضد القطريين استطاع أن يمنع المعتدين عنها. وأراد العلي ان يربط بين ما يحاك ضد قطر حاليًا وما شهده تاريخها القديم، مؤكدًا أن انتصارات الماضي والحاضر وتكاتف أهل قطر عامل أساسي مشترك، وطالب العلي أن يتم المساهمة من قبل كل المهتمين لإيصال التاريخ بطريقة صحيحة، ومواجهة الزيف الذي تتخلله بعض المراجع مع ضرورة تقديم الأطروحات التاريخية عبر البوابات الكبيرة والتي تتناول الأحداث القديمة بصورة منصفة ولا تعتمد على الزوايا الضيقة، وقال: التاريخ يدون مرة لكنه يقرأ ألف مرة ولذلك يجب أن يتم التدقيق في تناوله، عبر طرح ينمي الوعي في الأجيال الحالية والقادمة مع أهمية إلقاء الضوء على المناطق المظلمة التي لم يكن يعلم تفاصيلها الكثير من الناس، وطالب العلي بضرورة عدم ترك الأجيال القادمة فريسة للمعلومات المغلوطة المتوفرة على الإنترنت والعمل على تصحيحها وإظهار الصورة الصحيحة عن ملحمة التأسيس وكذلك التحديات الكبيرة التي واجهتنا، وهو الأمر الذي من شأنه التأكيد على قدرة الإنسان القطري على الاستجابة لكل ما يطرأ أمامه من محن الطبيعة وآفات المعتدين بمختلف ألوانها وأهدافها.
وفي تعقيب على المحاضرة أكد سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة أن الهدف من هذه السلسلة التأكيد على لحمة أبناء الوطن وأن الجميع في سفينة واحدة، وأنه كما حمى الآباء والأجداد هذه السفينة، فإن جيل اليوم عليه أن يتحمل المسؤولية كل في موقعه لتعزيز التكاتف والترابط المجتمعي للنهوض بالوطن، مطالبًا الجميع وخاصة الشباب بالاهتمام بدراسة التاريخ لما يحويه من عبرة تنفع في التخطيط للمستقبل. وأشار سعادته إلى أن أهل قطر على مر التاريخ مروا بمحطات وتحديات مهمة، ولكنهم كانوا دائمًا وأبدًا على قدر التحديات، وأنهم كانوا وما زالوا يسطرون أروع الأمثلة في التضحية، منوهًا بالدور الوطني للمرأة القطرية في الماضي والحاضر.
هذا وشهدت الندوة من خلال عدد من المداخلات التأكيد على العلامات الفارقة للمجتمع القطري، التي شكلت الأحداث التاريخية الكبرى التي خاض فيها القطريون البطولات وقدموا فيها التضحيات، وطالبوا بضرورة قيام المراكز البحثية بملاحقة ما تم إدراجه من تزوير في بعض المواقع الرقمية، وتقديم طرح تاريخي ينمي الوعي في الأجيال القادمة، مع ضرورة أن يتم الترويج بالتاريخ الصحيح عبر أعمال فنية كإحدى أدوات التعليم، مشددين على أن وقائع التاريخ تعد بمثابة نقاط ارتكاز للشخصية القطرية، لا يفتأ القطريون يعودون إلى دراستها والتفكر فيها لأخذ العبر والاستفادة منها.
وتستعد وزارة الثقافة والرياضة لتسليط المزيد من الضوء على منعطفات التاريخ الوطني من خلال جلساتها الفكرية المقبلة التي تهدف للتعريف بالتاريخ القطري وتعمق النظر فيه برؤية معاصرة وعبر أدوات تحليلية تكشف للجيل الحالي وللأجيال القادمة مقومات هُويتها وشروط تقدم المجتمع، حيث تتضمن السلسلة خمس جلسات بواقع جلسة أسبوعيًا وذلك خلال الفترة التي تسبق الاحتفال باليوم الوطني للدولة، الذي يوافق الثامن عشر من ديسمبر من كل عام.