ضمن مبادرة «رسالة مثقف» قدمت الباحثة الدكتورة ملك مصطفى محاضرة بعنوان «الهوية الوطنية وأهمية الحفاظ عليها في بلاد الغرب»، مؤكدة أن الهوية الوطنية، هي ما نكتسبه من الوطن، حيث ولدنا ونشأنا على عادات وتقاليد وقيم خاصة بهذه الأرض تاريخًا وموقعًا جغرافيًا. وهي الانتماء والولاء، القائم على المحبة والعطاء، المترجم بسلوكنا وأفعالنا واحترامنا والتضحيات. وللهوية الوطنية أهميتها في تقدم الأمم وازدهارها وبدونها تفقد الجماعات معنى وجودها واستقرارها وتطورها، وهي تمنح الفرد الشعور بالأمان والقوة. وأوضحت أن الأسرة هي التي ترسم المعالم الأولى للهوية، من قواعد التربية الأولى، من قيم ومبادئ ليُطعمَ كلُّ ذلك بالسّمات العامة التي تميز مجتمعًا عن آخر، من خلال الموروث الثقافي والمعرفي، فالثقافة المجتمعية المتوارثة هي ما يميز جماعة عن أخرى، بمكوناتها المادية، والتاريخية، والثقافية في إطار تنظيم متكامل. وأشارت إلى أن الهوية الثقافية متلازمة أساسية للهوية الوطنية، فهُما معًا مثل الجفن والعين. وهي ذاتُ الفرد بقيمها وقواعد تربيتها مُطعّمةٌ بالموجود الثقافي والمعرفي المتراكم والمُتأتى من اللغة والعادات والتقاليد، من الأعراف والدين والتاريخ. ومن دون الحفاظ على هذه الخصائص، من دون هوية وطنية اجتماعية ثقافية يضيع الشباب في المغترب والمهجر، فيغترب الأفراد عن بيئاتهم الاجتماعية والثقافية، وفي كثير من الحالات عن أنفسهم، والكارثة الكبرى، هي عندما يغترب هؤلاء في هوية أخرى، لا يُدركون منها شيئًا. ولهذا نجد الكثيرين من الشباب العرب الذين غادروا هويتهم، إلى هوية أخرى لا يعرفون عنها شيئًا، عندئذٍ يضيعون في المفترق. فلا هم أبناء الوطن الذي رحلوا عنه، ولا هم أبناء الوطن الثاني الذي هاجروا إليه لأنهم لم يندمجوا فيه ولم يتعايشوا مع أفراده بمختلف شرائحه الاجتماعية. ولهذا هم عاجزون عن إنجاز أي مشروع مهما كان نوعه. الإنسان لا يمكنه أن يتحرك دون أن يكون له ذات تميزه عن الآخرين. مضيفة: عندما نتعامل مع بلد المهجر كوطن ثانٍ، نستطيع أن نحافظ على موروثنا الثقافي، من خلال أعمالنا وحضورنا في المجتمع الجديد، من خلال دورنا فيه وسعينا وراء تلاقح اجتماعي ثقافي معرفي. فلا نفقد ما نشأنا عليه ولا نذوب بالجديد.
«رسالة مثقف» تدعو للحفاظ على الهُوية الوطنية
13 أكتوبر, 2020
