على هامش الفعاليات الثقافية للمعرض العربي الافتراضي للكتاب في أوروبا وبالتعاون مع دار لوسيل للنشر والتوزيع، شارك الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ الدراسات النقدية والمقارنة بجامعة قطر، وعضو الملتقى القطري للمؤلفين، وأحد كتاب دار لوسيل، يوم الاثنين الماضي بالإشراف على إحدى الندوات الثقافية وقام بإدارتها، وكانت بعنوان مهم يقارب الواقع الذي نعيشه: ندوة القراءة والكتابة في زمن الجائحة، وتم بث الندوة عبر المنصة الافتراضية للمعرض.
قال الدكتور عبد الحق أنه في ظل ما يعيشه العالم من جائحة كورونا، نجد أن المثقف كان في الصفوف الأولى مواجها هذا الوباء بمشاريعه الفكرية والأدبية، فلم تمنعه هذه الجائحة من مقاومتها بفعل القراءة لمشاريع فكرية وأدبية وعربية ينقلها لجمهور قراءه عن بعد، ليحيي فيهم ثقافة القراءة كعلاج نفسي لصدمة هذه الجائحة، ونفس الشيء نجد أن الكاتب العربي غامر بكتاباته في الفضاءات الافتراضية ليشارك قراءه كتاباته الإبداعية والروائية ليخفف عنهم هذا الوباء، ويتجاوزه بفعل الكتابة، ولهذا تأتي هذه الندوة لتقف على أهداف القراءة الواعية والكتابة المبدعة التي تحاول أن تنظر لمستقبل المثقف العربي بعد الجائحة وفاعليته داخل مجتمعه.
وقد استضافت الندوة مجموعة من خيرة الكتاب والنقاد في الوطن العربي، منهم الكاتبة والشاعرة سميرة عبيد من قطر، والناقد حسن المودن من المغرب، والناقد اليامين بن تومي من الجزائر. ودار الحوار حول نقطتين أساسيتين، وهما كيف يمكن للقراءة أن تقاوم الجائحة، من حيث هي فعل مقاومة، وكيف تمكننا من تجاوز الجائحة، كونها فعل مغامرة وعلاج للجوائح.
وقد استفتح الندوة الدكتور حسن المودن، الذي تحدث عن تجربته الثقافية أثناء الحجر المنزلي، وكيف يمكن للناقد أن يسافر في منزله بجعله القراءة مسكنه ليعيد التفكير في مشروعه النقدي ومشاريع أخرى بفعل الكتابة المقاوم للوباء، من هو مثقف عضوي يعمل على تحدي الحجر المنزلي بالمساهمة في العديد من الجلسات الثقافية والعلمية التي تفكر فيما بعد الجائحة، وقد ضرب مثالا مهما عن كيف للناقد أن يصبح مبدعا، ويخرج من الصورة النمطية التي وضع فيها، مشيرا الى احد الذين اشتغلوا على هذه الفكرة وهو الناقد الفرنسي فرويان بنانيش في كتابه (شعرية النقد الأدبي)، الذي ينظر للنقد بوصفه أدبان ليطرح بعد ذلك كتاباته المستقبلية حول العقدة الأخوة في النصوص الدينية والأدبية من منظور نفسي من التصارع الى التصالح والتسامح، لتصبح القراءة دواء، والكتابة علاجا.
وبعده تدخلت الكاتبة والشاعرة القطرية سميرة عبيد عضو الملتقى القطري للمؤلفين، حيث أكدت أنها تمكنت الكاتبة من تجاوز هذه الجائحة في فترة الحجر المنزلي من خلال كتابة الشعر والقصة، ومشاركاتها كمثقفة قطرية في العديد من النشاطات الثقافية والمجتمعية من ندوات وتحكيم مسابقات وحضور فعاليات، وتقديم مبادرة في الملتقى القطري للمؤلفين عن ترجمة بعض الأعمال المحلية، وبهذا استطاعت أن تتجاوز هذه الجائحة من خلال الفعل الثقافي الواعي الذي يحقق روية الوطن المستقبلية.
لتتختم الندوة بمداخلة الناقد الجزائري اليامين بن تومي، عن كيفية إعادة قراءة الذات العالمة زمن الجائحة لمشاريع نقدية عربية مؤسسة، وهذا من خلال حصته الفيسبوكية عن الترميمات الثقافية وما طرحته من أفق للقراءة والكتابة، لهذه المشاريع، وبذلك الناقد أن يتجاوز توابع الحجر المنزلي من خلال فعل الكتابة باعتباره فعل مقاومة للشرط الزمني من جهة، وفعل تجاوز للحتمية الوبائية التي يعيشها العالم.
وهذا ما ختم به الدكتور عبد الحق بلعابد أن القراءة نحيا بها، لأنها الدواء الذي تنمو به العقول والأبدان، والكتابة تحيا بنا، لأنها هي العلاج لكل جوارح الإنسان.
مثقفون يرسمون ملامح القراءة في زمن كورونا
30 أغسطس, 2020