بث الملتقى القطري للمؤلفين مساء الأربعاء الجلسة الثانية من مبادرة “اخترت لكم من مكتبة قطر الوطنية ” التي أطلقها بالتعاون مع المكتبة في إطار مجهوداته لتوثيق العلاقات مع مختلف الجهات العاملة في مجال الثقافة  لخدمة المؤلفين والتعريف بأعمالهم الأدبية، وتم بث الجلسة التي تم خلالها تسليط الضوء على رواية ” ميهود والجنية” للروائي الدكتور أحمد عبد الملك  عبر قناة يوتيوب الخاصة بالملتقى.
واختارت   الأستاذة ريم السادة أخصائية معلومات بالمكتبة الوطنية عرض هذه الرواية باعتبارها أحدث روايات الدكتور عبد الملك الحائزة على جائزة كتارا للرواية العربية فئة الرواية القطرية في دورتها الخامسة لسنة 2019.
وفي بداية الجلسة تم التعريف بالدكتور أحمد عبد الملك وأهم المحطات في مسيرته الحافلة سواء في الإعلام أو الأدب أو الأبحاث الأكاديمية أو الدراسات النقدية، وباعتباره أحد أبرز الكتاب والإعلاميين في الوقت الحالي.
وقالت  السادة أن هذه الرواية هي  فانتازيا فيها استدعاء لرواية سابقة لصاحبها بعنوان “أحضان المنافي” حيث أن الشخصية  الرئيسية في “ميهود والجنيه” هي التي كتبت أحضان المنافي، إذ نجد  في هذه الرواية أسلوبا جديدا لم نعهده في الروايات العربية، وهو ارتباط شخصيات الرواية بروايات سابقة، لتتلاقى شخصية الرواية الجديدة مع شخصيات الرواية السابقة، فهذه الرواية مبنية على طبقات سردية متشعبة من رواية لأخرى، حيث تتداخل السيرة الذاتية للدكتور عبد الملك مع السيرة الذاتية لبطل الرواية، ويمزج لنا الكاتب بين شخصه و قالب الفنتازيا الروائي، فيلتقي عالم الإنس بالجن.
وقد أوضحت أن اسم ميهود معناه في اللهجة القطرية الشخص المريض أو المتعب وهي رمزية يستخدمها الروائي لوصف حالة الشخصية الرئيسية من تعب وإجهاد بعد عمر طويل من خدمة وطنه “وردة”.
تنطلق أحداث الرواية بعد إحالة الشخصية الرئيسية ميهود إلى التقاعد من عمله من قبل الوزير من دون سابق إنذار، ومن دون ذكر أسباب واضحة، مما يؤدي إلى دخول ميهود في حالة اكتئاب بعد تلقي الخبر الصادم، في بداية الرواية يصور لنا  الكاتب ميهود باعتباره يشغل منصب مستشار في إدارة، وهو في سن الخمسين، ويصفه  بكونه شخصية متفانية في العمل  خدمة وطنه، وهو ذلك الموظف الصادق الذي لا يجامل أحدا على حساب وطنه، ليدخل ميهود  في حالة من السوداوية والاكتئاب، و يصف هذا الخبر بأنه أنهى حياته المهنية، وقضى على أحلامه في خدمة وطنه، حتى أن الصدمة تسببت في إصابته بمرض السكري وحاول التأقلم مع وضعه الجديد من خلال السفر المستمر، ولقاء أصدقائه القدامى، والاعتناء بأخيه المريض بالسرطان الذي يرقد بمستشفيات العاصمة البريطانية إلى أن يتوفى بعد صراع من المرض وهو ما زاد في تأزيم حالته.
تناقش الرواية موضوعات سياسية و اجتماعية مختلفة منها استخدام شباب اليوم لمواقع التواصل الاجتماعي كما تتطرق للوضع السياسي بشكل غير معمق كنظرة الغرب للإسلام والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر، وثورات الربيع العرب، والحصار على قطر، وأوضاع اليمن، والأوضاع السياسية في سوريا، وغيرها من البلدان العربية.
في إحدى زياراته للولايات المتحدة الأمريكية يستنكر ميهود الإجراءات الأمنية  المكثفة المتخذة تجاه العرب مقارنا إياها بالإجراءات قبل أحداث 11 سبتمبر حيث كانت أكثر سلاسة، وفي أحد فصول الراوية يدور حوار بين ميهود وأحد رجال الأمن بعد احتجازه وزوجته في المطار للتحقيق معهما عن أسباب الزيارة، ومن خلال هذا الحوار يستفز الضابط ميهود من خلال الأسئلة عن الإسلام والمسلمين  والتلميح له أن الإرهاب مرتبط بالدين الإسلامي،  وما هو ما يجعل ميهود يرد بذكاء وحنكة ويقول له أن لم يسمع عن أسامة بن لادن إلا من خلال القنوات  الإخبارية الأمريكية،  بهذا الرد يوجه ميهود أصابع الاتهام لوسائل الإعلام بخلق صورة إعلامية مشوهة عن الإسلام، والتي علقت في عقول الناس في مختلف بلدان العالم.
وتتواصل أحداث الرواية حيث أنه بعد سنوات طويلة من التقاعد يتفاجأ البطل باستدعائه من قبل الوزير الجديد ليطلب منه إعادته على رأس عمله، وهو ما أدخله  في حالة من الدهشة لاسيما بعد إلحاح الوزير، والتأكيد له أن الوزارة والبلاد في حاجة إلى خبرته، وهو ما يجعله يدخل في دائرة الحيرة من جديد، وبعد ذلك يتم استدعائه من قبل شخصية مرموقة في الدولة حيث يستقبله بحفاوة ويعبر عن إعجابه بما أنجزه لوطنه ومنحه مبلغا ماليا ضخما مكافئة له على ما قدمه من خدمات، ومن هنا تنتقل الرواية إلى الفانتازيا حيث يلتقي عالم الإنس بالجن في هذه اللحظ.
بعد حصول ميهود على المال سافر مع زوجته  إلى لندن  وأقام في نفس الفندق الذي وقعت فيه جريمة قتل في رواية الأقنعة، وهو ما يرجعنا للطبقات السردية التي استخدمها الكاتب في عدة مواضع ومن روايات مختلفة له، وجعل ميهود يروي الطبقات السردية ليقنع القارئ أنه عاصر جميع الأحداث، حتى أن  إحدى الشخصيات الرئيسية في رواية الأقنعة  الجنية زارته فتشكلت له في صورة فتاة جميلة، و بدأت تذكره بأحداث وقت في رواية الأقنعة، في البداية أنكر ميهود علمه بأحداث الجريمة لكنه بعد ذلك اعترف بعلمه بها، وخلال المحادثة بين ميهود و الجنية تستيقظ زوجته و تبدأ في طرح الأسئلة  ليعترف أنه قابل جنية .
وبعد مرور فترة تتواصل العفاريت لتؤرق نومه وتعتدي عليه  وهو ما جعل الفتاة الجميلة للظهور مرة ثانية بينما كان في رحلة مع أصدقائه وأعطته خرزة حمراء لتساعده على التخلص من أذى بقية الجنون، وأعلمته أنها حزينة لأنه فرض عليها الزواج من ابن عمها من عالم الجن، ويدخل من هنا في عالم الجن فيكون عداوة مع بعضهم وصداقة مع البعض الأخر، ليعرض عليه في النهاية كبير الجن الصالح أن يعمل مستشارا لصالحه، و من هنا ترجع الحيرة لدى ميهود كيف تمت إقالته من وظيفته في عالم الإنس لتعرض عليه وظيفة مستشار  في عالم الجن، ويعود ميهود بعد هذه الرحلة إلى عائلته لكن الجنية الجميلة تواصل زيارته، وهو ما تسبب له في العديد من المشاكل مع زوجته، وجعله يرجع لكبير الجن ليطلب منه الكف عن أذاهم ويؤكد رفضه الوظيفة، بعد هذا اللقاء مرض ميهود مرضا شديدا ودخل في غيبوبة استمرت لمدة 12 سنة ليستفيق بعدها و يجد عائلته حوله، وتنتهي أحداث الرواية المشوقة بسؤال  ميهود هل أنه خاض فعلا هذه التجربة أم أن تجربته تلاقت وامتزجت مع حياة رجل شقي عاش تجربة مريرة.