استضاف الملتقى القطري للمؤلفين مساء الاثنين الدكتور محمد عابد من الهند، ضمن جلسة اقرأني فإني هذا الكتاب” للحديث عن “القيم الإنسانية في القصة القصيرة القطرية”، فيما أدار أطوارها عن بعد الدكتور عبدالحق بلعابد، أستاذ قضايا الأدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة بجامعة قطر.
وتحدث الدكتور محمد عابد ـ أستاذ مساعد ومشرف البحوث في قسم الماجستير والبحوث في اللغة العربية وآدابها بكلية فاروق بجامعة كاليكوت في كيرالا بالهند، والمتخصص في الأدب العربي والدراسات السردية ـ، عن القيم الإنسانية والعناصر التي تمتلكها القصة القصيرة القطرية من خلال إبراز ملامحها من خلال قصص الكاتبين جمال فايز وسميرة عبيد.
وأوضح أن القصة القصيرة في دولة قطر تمتاز بتنوع الأساليب والاتجاهات والموضوعات، وتمثل على المحور الاجتماعي العادات والتقاليد في الحياة القطرية، وتعالج العناصر الإنسانية كما توضحه من صراع الإنسان ونفسه والفرد ومجتمعه في سبيل ترسيخ هذه القيم الإنسانية، مشيرا إلى أن هذه القيم تستند إلى إرث ديني وتاريخي واجتماعي، لافتا في الآن ذاته، إلى أنه اختار نماذج للكاتبين الآنفي الذكر (جمال وسميرة).
واتكأ عابد على عدد من قصص جمال فايز من بينها “ليلة القرنقعوه” و”البحر لا يبرح مكانه” و”الباب الخشبي” “أرواح البيوت” “فحيح العاصفة”.. وغير ذلك من القصص.
في حين أن القصص المختارة لسميرة عبيد فهي على سبيل المثال: “إلى روح أبي”، لوحة لأمي”، العازف الأعمى “ياسمين” وشم هارب من الطين” سجن بلا جدران، “حلم قديم” ” من أحاديث المرايا”، وغير ذلك من القصص.
وعرّج على عدد من الأمور التي تتعلق بتطور القصة في دولة قطر، لافتا إلى أنها حديثة المولد، أما الرواية فهي أسبق من الظهور. منوها إلى أن القصة القصيرة هي الفن المسيطر في حياتنا المعاصرة، حيث تفتحت المواهب الأدبية في قطر وأصبحت القصة سيدة الموقف.
وذكر الباحث الهندي، أن قطر أنجبت عددا من الأسماء اللامعة في سماء القصة من بينهم يوسف النعمة، إبراهيم المريخي، كلثم جبر، أحمد عبدالملك، نورة آل سعد، حسن رشيد، زهرة المالكي، وداد الكواري، بشرى ناصر، دلال خليفة، هدى النعيمي، شعاع اليوسف، راشد الشيب، نورا محمد فرج، وغيرهم كثير..
وعن سبب اختياره للكاتبين جمال وسميرة، أوضح عابد أنهما من أكثر الكتاب الذين تناول القيم الإنسانية في قصصهم، حيث أن فايز يسعى في أعماله القصصية إلى إحياء القيم الإنسانية والثقافية والاجتماعية وشعر بأن هناك حاجة إلى عودة المجتمع إلى قيمه الأصيلة، لكي يستطيع الجيل الجديد إلى العودة إلى الطريق الصحيح، وهو ما تتحده عنه سميرة عبيد.
ومن أجل سبر أغوار القيم الإنسانية في قصص الكاتبين، انطلق من سيرتهما الذاتية وأعمالهما الفنية، حيث أن أعمالهما تعج بهذه القيم/ الفضائل التي تحث على مراعاة العنصر البشري من خلال مواقفه وسلوكه، مثل: الاحترام، والتعاطف والمودة والتقدير، ومن خلالها يتحلى الفرد بعناصر: الحلم والسلام واللطف والحب والتواضع وضبط النفس.. كما أن القيم الإنسانية تدعو إلى نبذ العنف والشر والحقد والظلم والكراهية، وتدفع الفرد إلى المشاركة إلى الأعمال التطوعية والالتزام بحسن الخلق مع البشر دون تفرقة على أساس الأصل أو الدين أو اللون أو الجنس، منوها أن هذه المقومات تملكها قصص جمال فايز وسميرة عبيد
ووجد ضيف الملتقى، أن جمال فايز تمثل هذه القيم، باهتمامه بالموروث القطري، وأهم ما يميزه تناوله الأحداث وهي حقائق واقعة في كل مجتمع. ونتلمس فيها حب الصغار وتوقير الكبار، وتتناول القيم في كل أبعادها، مشيرا إلى أن أعماله قيد الدرس والتمحيص لعدد من الباحثين غير العرب.
وأثناء تصديه للبحث في قصص سميرة عبيد، أوضح محمد عابد أن هناك تقاربا بينها وبين جمال فايز في القيم الإنسانية، لافتا إلى أن هذا “الوشم الهارب من الطين”، هو تعبير عن الحكاية التي تمثل مطلبا غريزيا لدى البشر ليجددوا بها هويتهم، ولابد من هذا الاحتياج، معتبرا أنها من أفضل القصص في هذا الباب..
وتتناول هذه المجموعة عدد من فضائل الأخلاق: حب الوطن، بر الوالدين، فضائل الخير واحترام الكبار، وتقدير الأمومة،. سواء بفصيح العبارة تارة أو برمزية تارة أخرى،
وكان قد أوضح الدكتور عبدالحق بلعابد، أن الهدف من هذه اللقاءات هو تغيير عاداتنا في القراءات النقدية، وأن نستذكر أن القراءة هي قراءتان، الأولى نحيا بها تناولا للفهم، والثانية نحيا بها تناولا للعلم.
كما استعرض الكاتب علي أبو النصر الرشيد كتابه “تجارب نسوية رائدة في العمل التطوعي والإنساني” الصادر حديثا عن قطر الخيرية مساء الثلاثاء خلال جلسة كاتب وكتاب التي أدارها الأستاذ صالح غريب مدير البرامج بالملتقى في جلسة تم بثها مباشرة عبر برنامج زووم.
وأشار الرشيد إلى أن العمل الخيري والتطوعي عمل حضاري يسهم به الأفراد ومنظمات المجتمع المدني التي تعاضد جهود الدولة لتنمية المجتمع، مؤكدا أن العمل التطوعي هو قيمة ترسخ في الوجدان وبعد ذلك تصبح ثقافة ثم يكون ممارسة تجني ثمارها على أرض الواقع،
وأوضح أن هذا الكتاب التوثيقي يندرج ضمن إطار نشر ثقافة العمل الإنساني وغرس قيم التطوع و نقل التجارب الثرية والناجحة لتكون قدوة للأجيال القادمة موضحا أن هناك نقص في المراجع في هذا المجال وأن الأعمال التي ترصد تجارب العمل الإنساني شحيحة لذلك حاول أن يضيف الى المكتبة هذا العمل الذي يمزج بين التوثيق و المشاعر والأحاسيس وسرد الأحداث والمواقف ووصف الشخصيات من خلال مفردات وعبارات بسيطة وسهلة
وقال إن الشخصيات النسائية التي تم استعراض تجاربهن في الكتاب الأستاذة شيخة المفتاح وبدرية الياقوت واستقلال الباكر هن شخصيات ذوات باع طويل في مجال العمل التطوعي، بدأت التجارب منذ سبعينات القرن الماضي وتستمر الى اليوم كما أن تجاربهم لم تكن تلقائية بل انخرطوا إلى منظمات المجتمع المدني، هذه الشخصيات تتمتع بخبرة واسعة داخل دولة قطر و خبرتهم متنوعة من العمل التوعوي وفي جهود حشد الدعم للعمل الإنساني من خلال المزادات و المعارض الخيرية كما أنهم من أصحاب المشاريع و المبادرات الهادفة التي أحدثت تغييرا وتقدما في هذا المجال ونجحن في تجاوز التحديات وقمن بالعديد من التضحيات في سبيل خدمة وطنهن.
وأضاف أن هذه الشخصيات تتميز عن غيرهن من الناشطات في المجال الإنساني الخبرة الطويلة في هذا المجال وشبكة علاقات متفرعة من الفاعلين في المجال الخيري مشيرا الى ان الكتاب يسهم في اثراء الجانب الثقافي والمعرفي في مجال العمل الإنساني في العالم العربي الذي مازال مبتدئا في مجال العمل التطوعي.
وقد استضافت جلسة كاتب وكتاب الأستاذة بدرية الياقوت والأستاذة شيخة راشد المفتاح للحديث عن تجاربهما الثرية التي وردت في الكتاب.
حيث قالت المفتاح أن البذور الأولى هي أساس كل عمل فإن كانت البذرة سليمة تنتج ثمارا طيبة من اخلاق حميدة وحب للخير مؤكدة أن والدتها غرست فيها حب الخير وروح التطوع منذ الطفولة، فقد تربت في مجتمع متماسك وعائلة كريمة تتفانى في العطاء ومساعدة الآخرين، وتحدثت عن بداية تجاربها في العمل التطوعي في المدرسة ثم الجامعة وعن بعض الزيارات التي اقامتها لبعض الدول لمساعدة الطلاب.
وأوضحت الأستاذة بدرية الياقوت أن الأسرة هي المدرسة الأولى التي تعلم الخير، وأنها ورثت حب الخير من عائلتها وبعد زواجها وسفرها الى طوكيو مع زوجها اتيحت لها الفرصة للمشاركة في معرض خيري لفائدة صبرة وشتيلة وشعرت أنها تنتمي إلى هذا المجال، وقررت الدخول إلى مجال العمل التطوعي ولم تنقطع عنه منذ ذلك الوقت مؤكدة أنها ستواصل العمل في هذا المجال، وتحدثت عن تجربتها في مساعدة الأيتام أندونيسيا والريحانية في سوريا لإيصال قافلة المساعدات وعن مشاعر الفرح الممتزجة بالألم التي يشعر بها فريق اشراف قطر الخيرية عندما يقابلون المتضررين والمنكوبين والفقراء حول العالم.
كما أعلن الملتقى يوم الأربعاء عن اطلاق حملة أطلق فكرك بقلمك من خلال جلسة تعريفية قدمها مدير البرامج الأستاذ صالح غريب حيث شرح أهداف الحملة وقام بتنزيلها في إطارها المرتبط بالخطة الاستراتيجية للملتقى ورؤيته، وتم بهذه المناسبة إجراء سحب للإعلان عن أسماء الفائزين في مسابقة فوازير رمضان التي كانت تهدف الى التعريف بشخصيات ساهمت في تطوير المجتمع من خلال الكتابة وخلدت أسمائهم من خلال مؤلفاتهم وأفكارهم و فاز في هذه المسابقة كل من عادل محمد علي ومحمد حسن علي وإسراء علي محمد بجائزة قيمتها 3000 ريال قطري لكل منهم.
ونشر الملتقى عددا من المنشورات التي تبرز أهمية طرح الفكر من خلال الكتابة في مختلف المجالات، وتشجع على الكتابة والابداع إضافة الى عدد من المقولات عن فضل القراءة والكتابة عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالتزامن مع إطلاق الحملة قدمت الإعلامية بثينة عبد الجليل مبادرة جديدة بعنوان “آراء الكتاب” التي ترصد أهم مقالات الرأي التي نشرها أعضاء الملتقى في مختلف الصحف اليومية والتي تتناول مسائل آنية و مهمة ووجهات نظر مختلفة وذلك في اطار التشجيع على حرية التعبير و تقبل الرأي المخالف و الفكر المختلف وتناولت في الجلسة الأولى من هذه المبادرة موضوع: العودة التدريجية للحياة الطبيعية”.
الملتقى القطري للمؤلفين يسبر أغوار القصة القصيرة القطرية وما تكتنزه من قيم إنسانية
06 يوليو, 2020
