ضمن مبادرة “اقرأني فإني هذا الكتاب”، عقد الملتقى القطري للمؤلفين مساء الإثنين جلسة جديدة بعنوان:” الرواية الخضراء: الأدبي والبيئي في السرد القطري” والتي تندرج في إطار مشروع تعزيز النقد والتي بدأ في بثها منذ بداية شهر رمضان الكريم.
وقد استضافت المبادرة التي يشرف عليها ويديرها الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب ومناهج الدراسات النقدية والمقارنة بجامعة قطر، الباحث والأكاديمي الجزائري، والعميد السابق بجامعة بشار الدكتور محمد تحريشي.
واعتبر الدكتور عبد الحق أن هذا الموضوع مهم ودقيق باعتبار أن الدراسات البيئية ما تزال في حراك مفاهيمي لجدة مقاربتها النقدية للنصوص الأدبية في الآداب الغربية، ومنها العربية أيضا. لهذا كانت الجلسة النقدية فرصة لدراسة علاقة الأدبي والبيئي في الرواية القطرية، وكيف استطاعت أن تكون لنفسها معجما بيئيا من طبيعتها المحلية.
لهذا سلطت المحاضرة في بدايتها الضوء على هذه المقاربة النقدية الجديدة، المتمثلة في الدراسات البيئية فتتبعها المحاضر منذ تأسيسها في تسعينات القرن الماضي، وما أفزته من مقربات منها النقد البيئي الذي يدرس وعي المؤلف، ومنه المؤلف القطري بالمظاهر الطبيعية والبيئية، ليبدع نصوصا خضراء، وهذا ما يجعل من الموضوع ذو فائدة للباحثين والمتخصصين والمجتمع عامة لأنه من قضايا التنمية المستدامة.
وقد تناول د.محمد تحريشي مجموعة من الروايات القطرية المهمة، التي وجد أن لها وعي بهذه العلاقة بين الأدبي والبيئي، يمكن أم يطلق عليها تسمية الرواية الخضراء من بينها رواية أحلام البحر القديمة التي صدرت سنة 1993  لشعاع خليفة ، ورواية دنيانا مهرجان الأيام والليالي لدلال خليفة  الصادرة سنة 2000 من منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث، ورواية زبد الطين لجمال فايز 2013، إضافة إلى رواية الظل والضوء لشمة الكواري 2017.
واعتبر دكتور تحريشي  أن مصطلح الأدب البيئي مصطلح جديد يعبر عن تلك العلاقة بين الأدب والواقع وما يطرأ عليه من تغيرات فكرية وسوسيو ثقافية  تزامن ظهور حركة السلام الأخضر وانتشارها في العالم  وهو ما ساهم في تأسيس قيم فنية وجمالية لتأسيس بيئة نظيفة بكل الوسائل وجعل بعض الكتاب يتبنون هذه المبادئ ويترجمونها في نصوص أدبية وفنية فتحول الحراك البيئي من الشارع الى الأدب ، مشيرا إلى أن الرواية الخضراء من الأدوات الإجرائية الجديدة في مقاربة النصوص الروائية في الوطن العربي، وذلك لحداثة التناول الفني عند الكتاب من جهة، ولجدة الإجراء عند النقاد من جهة أخرى، ويقتضي هذا التوجه الوقوف عند هذا المفهوم والإجراء والمصطلح، ومن ثم الحديث عن الكتابة الخضراء والتجديد في البناء السردي للرواية، والتي تحقق أدبية تنهل من هذه الخصوصية الفنية والجمالية، وتقدم جديدا في مجال الكتابة الروائية في قطر وفي الوطن العربي بما تحققه من تفرد وتميز، وبناء  درامي يجعل السرد ينفتح على آفاق جديدة، يتجاوز تلك الطروحات التقليدية حول البيئة بوصفها جزءا مكملا للبناء السردي. إن رواية “دنيانا” رواية خضراء بامتياز بتناولها لموضوع البيئة ضمن رؤية فنية جديدة وتصور جمالي فيه الكثير من الإضافات للبناء السردي للرواية، ونمو النضج والوعي بالبيئة والمخاطر المحدقة بها، والدعوة إلى بيئة نظيفة على مستوى الفكر وعلى مستوى الممارسات اليومية وعلى مستوى التوجهات العامة للشعوب والأفراد.
وأكد د. تحريشي أن الأعمال الأدبية البيئية قدمت إضافة إلى التجربة السردية في قطر وفي الوطن العربي، حيث ارتبط هذا المفهوم بعلاقة التأثير و التأثر بين الكتاب في قطر و خارجها، حيث مثلت الروايات القطرية التي تناولها د.تحريشي  تجسيدا للثقافة المحلية و امتدادا  للفكر المنفتح والناضج فنيا تجاوزت به بعض الموضوعات التقليدية في الرواية العربية بقدرتها على ربط العلاقة بين الأدبي والبيئي بنماذج فنية و جمالية تجعل من رحلة القارئ نحو النص ورحلة النص نحو القارئ رحلة منتجة لفعل ابداعي وتجعل الكتابة الروائية تنفتح على أفكار جديدة كانت غائبة عن النصوص الروائية وهذه ما يعتبر تحديثا وتجديدا في الرواية القطرية .
ويشار إلى أن مبادرة «اقرأني فإني هذا الكتاب» تسعى إلى نشر ثقافة النقد بين الكتّاب والأدباء، وتمكين القارئ من وضع خطة استراتيجية لاختيار الكتب وقراءتها، على ضوء آليات نقدية واضحة تمكّنه من التمييز بين النصوص، وتحديد جماليتها الفنية والسردية.
وأوضح أن المبادرة تهدف إلى تعزيز ثقافة القراءة في ظل الحجر المنزلي، فلا نكتفي بقراءة النصوص الأدبية، ولكن معرفة كيفية تغيير عاداتنا في قراءتها ونقدها، ولهذا سوف تعقد سلسلة من الجلسات ويشارك فيها نقاد متخصصون من الوطن العربي وخارجه، لتحليل نصوص أدبية وسردية قطرية خاصة، وعربية عامة، لمعرفة كيف يتلقى الناقد العربي، ويحلل ما ينتجه المؤلف القطري من نصوص إبداعية.