يواصل الملتقى القطري للمؤلفين بالتعاون مع إدارة شؤون الاسرة بوزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، تقديم جلساته العلمية التي يقدمها أسبوعياً عبر برنامج ميكروسوفت تيمز والتي” يقدمها الدكتور خالد أحمد عبدالجبار استشاري الطب النفسي واختصاصي العلاج المعرفي السلوكي، حيث طرح في الحلقة الرابعة من هذه السلسلة موضوع “اضطراب الوسواس القهري وأزمة كورونا المستجد”
واعتبر الدكتور عبد الجبار أن الحاجة لتناول هذا الموضوع تأتي من أهميته وضرورة طرحه في المرحلة الحالية مع انتشار فيروس كورونا، إضافة إلى كونه من بين الامراض ال 10 الرئيسية المسببة للإعاقة حسب منظمة الصحة العالمية.
وعرف الدكتور هذا الاضطراب، بحسب القاعدة المعرفية، بأنه مكون من خمسة مجالات، أولها الموقف المثير، والذي يؤدي إلى الوسواس (الأفكار أو الاندفاعات أو الصور) ثم القلق ثم الأعراض الجسدية والسلوك القهري.
والوساوس توصف بأنها، مقتحمة -متطفلة -مستمرة وثابتة وملحة، حيث يحس المريض مع كل موقف بالرعشة والخوف والعديد من الأعراض الجسدية المجهدة.
ويقوم المصابون ببعض السلوكيات التي تخفض القلق والإحباط لمدة قصيرة فقط، ثم تزيد بعض ذلك وتؤدي إلى الدائرة المفرغة، حيث يحاول المصاب جاهداً تحييد المخاوف بأفعال قهرية تتصاعد تدريجياً بقصد تقليل الإحباط والقلق.
ومن العلامات الدالة على إصابة شخص بهذا الاضطراب استهلاك وقت طويل في اتخاذ إجراءات وقائية وتصرفات متكررة ومبالغ فيها، وهو ما يؤدي إلى ضعف في الأداء المهني والأكاديمي والاجتماعي والحياة عامة، كما أن المريض في فترة النوبة لا يشعر أن القلق غير منطقي ويتأثر لديه الاستبصار ولا يقتنع بسهولة أن أفعاله مبنية على أوهام ومخاوف غير واقعية ويكون على تمام الاقتناع انه على صواب وتصرفاته طبيعية.
ويمكن أن تظهر أعراض الوسواس القهري عند بعض المدمنين ولكنها تكون عرضية لذلك لا بد على المعالج في هذه الحالة الرجوع إلى تاريخ المريض وتاريخ عائلته للتأكد من التشخيص الصحيح للحالة.
و أشار الدكتور عبد الجيار أن المرض لا يستمر بنفس الوتيرة فهو متقلب  و متصاعد حسب الظروف، كما أن هناك تشابه بين الوسواس القهري واضطراب الشخصية الوسواسية القهرية هما متقاربين بشكل كبير، الفرق بينهما أن الشخصية الوسواسية تشخص من خلال معايير أخرى وهي سعى المصاب للكمال في عمله، ولا يمكن أن يفوض مهامه لشخص ثان إلا إذا كان مقتنعاً بقدرته على  إتمام المهام على أكمل وجه، و بخيل يسعى على تكديس المال نظراً لتخوفه من المستقبل، كما يكون عاجزاً عن التخلي عن الأشياء القديمة والبالية في البيت ودائماً متصلب ومعاند في أرائه، كما أنه صاحب مبادئ ومتقيد بالقوانين بطريقة لا يضع لها استثناءات، وهو مدمن على العمل بطريقة ملحوظة .
الوسواس القهري الشدة تختلف من فترة لأخرى، ويمكن ملاحظته في الكثير من تصرفات المصاب.
وحدد ضيف الملتقى أشكال الوساوس بالخوف الشديد من التلوث والشك المتواصل والتأكد أكثر من مرة من قفل الأبواب والمخاوف المستمرة، وتوهم دهس شخص، إضافة الى وساوس متصلة بالجوانب الدينية وفي بعض الأحيان مرتبطة بالجنس واندفاع عدوان من خلال الضرب أو شتم. وتنقسم الأفكار الوسواسية   إلى أفعال جسدية وأخرى عقلية، الأشكال الجسدية تتمثل في كثرة غسل اليدين والتحقق والترتيب وتكرار الإجراءات مثلا إعادة غلق الباب أكثر من مرة وطلب الطمأنينة المتكرر من خلال متابعة الاخبار، أما العقلية فهي على سبيل الذكر إعادة الوضوء والصلاة أكثر من مرة وتكرار كلمات أو جمل بصمت عد لمبات مطبات في الطريق.
ومن اشكال اضطراب الوسواس الأخرى هي الإيمان بالأرقام المحظوظة وغير المحظوظة يعني التشاؤم أو التفاؤل ببعض الأرقام إضافة الى أفكار وسلوكيات خرافية حيث يؤمن بعض المصابين ببعض الخرافات وينعكس ذلك على تصرفاتهم وحياتهم اليومية.
ونبه اخصائي العلاج المعرفي السلوكي الى أهمية الانتباه لهذا المرض لأن شدة الأعراض وتكررها يدخل صاحبها في مرحلة الإحباط الشديد وفي الدائرة المفرغة، كما أن أعراض هذا المرض تتفاقم في الظروف الاستثنائية على غرار ما يحدث في مع جائحة كورونا حيث يصاحبها في معظم الأحيان اضطراب الاكتئاب واضطراب القلق العام والخجل الاجتماعي.
ومن بين أسباب هذا المر النموذج المعرفي والنموذج السلوكي وخلل النوافل العصبية أو أسباب وراثية أو نتيجة عدوى pandas.
وأشار في نفس السياق الى أن نسبة 2 أو 3% في المجتمع  مصابين بهذا الاضطراب، و أغلب المرضى يتأخرون في طلب العلاج مشيرا إلى أن العلاج المعرفي السلوكي والدوائي ينصح بهما مجتمعين لتقليل الانتكاسة، أن من واجب المعالج تقديم شرح وافي قبل إجراء علاج التعرض ومنع الاستجابة، كما أن يجب أن يبدأ العلاج بالجوانب المعرفية وتغيير بعض الأشياء التي قد تكون من الثوابت لدى المصاب و تعليمه بعض المهارات لمنع الاستجابة للأفكار السلبية والمحفزات ليصبح قادرا على التحكم بها، إضافة الى تعليمه تقنيات الاسترخاء و احتواء عدم اليقين المتدرج، و بناء خبرات جديدة و سلوكيات متفتحة و تلقائية لتحمل الانزعاج الى جانب ضرورة التأكيد على الفحص المستمر و تبني عادات و طقوس يومية  تسمح للمريض بالاستمتاع أكثر بالحياة و تتجاوب مع التحديات التي تعترض طريقه.
يشار أن هذه الجلسات التي تبث مباشرة على مواقع الملتقى القطري للمؤلفين، تستهدف الأطباء بشكل عام والأطباء النفسيين والاخصائيين النفسيين والاخصائيين الاجتماعيين ومقدمي الدعم والإرشاد النفسي والأسري والمهتمين بفهم الاضطرابات النفسية بهدف تقديم الدعم النفسي للمتخصصين وللمتابعين للتخلص من أثار القلق ومواجهة التحديات بثبات وعزيمة وقدرة أكبر على التكيف.