تحت شعار “نعمل معاً لتعزيز الهوية الوطنية القطرية”، أقام الملتقى القطري للمؤلفين مساء الخميس (4 يونيو 2020) محاضرة للكاتبة سلمى النعيمي، مستشار ثقافي بالمؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، ورئيس لجنة التراث بالمؤسسة، عبر قناة الملتقى على “يوتيوب”، ودارت حول “الهوية الوطنية في حرفنا الشعبية”.
تناولت المحاضرة أهمية الدور الكبير للحرف التقليدية في تعزيز الهوية الوطنية بشكل عام، وفي دولة قطر على وجه الخصوص. وقالت إن الحرف اليدوية في أي دولة من دول العالم تعد مقياساً للتطور والتحضر لأي شعب من شعوب العالم، كما تعبر عن رقي الدول وشعوبها الفكري والإبداعي، “فلا يوجد شعب أو دولة تخلو من حرف يدوية”.
وأضافت أن منتجات الحرف اليدوية ليست فقط للاستخدام، ولكنها تحمل قيماً تاريخية وفنية، ومنها زخارف نباتية وهندسية، ما يجعلها تعطي منتجاً قيماً، يستند إلى جودة الإنتاج. لافتة إلى أن الحرفي الشعبي التقليدي، اكتسب هذه المهنة عن طريق الممارسة، وليس عن طريق التعليم.
ووصفت الحرف اليدوية في قطر بأنها كثيرة ومتعددة، وتستخدم في الحياة اليومية، “ومن ذلك ما يُستخدم في داخل البيوت وخارجها”. مشيرة إلى مدى تأثير البيئتين البرية والبحرية في الحرف اليدوية، وذلك من خلال التعايش اليومي.
واستشهدت ببعض نماذج الحرف التقليدية في قطر، ومنها مهنة البناء، حيث كان يتم البيوت من الطين، وتحمل أشكالاً جمالية، كما كان يتم انتقال بيوت الشعر مع أهل البر، ليكون لهم مسكناً آمناً في البادية.
وعددت الحرف اليدوية في قطر بأن إجمالي عددها يصل إلى 40 حرفة يدوية، منها الملابس التقليدية، دباغة الجلود، السدو، وغيرها، وكان يتم توظيفها في حياة الانسان قديماً، وتحمل جوانب من التكافل الاجتماعي، “فهذه الحرف لا تقوم على شخص واحد، ولكن على مجموعة من العاملين، وهو ما أسهم في تحقيق التكافل الاجتماعي داخل المجتمع الواحد، بتحقيق الحُب والتآلف”.
ولفتت إلى أهمية حرفة السدو، “والتي تعد واحدة من الحرف اليدوية المهمة، بالإضافة إلى حرف تقليدية أخرى كانت تُستخدم في الحياة البحرية، ومنها السفن اليدوية، التي كانت تدخل في مهنة الغوص قديما”.
وقالت إن كل هذه الحرف تعزز من الهوية الوطنية، وميزت القطريين عن بقية الشعوب الأخرى. مشيرة إلى أن الملابس والزخارف التي كانت تحملها الملابس التقليدية، كانت مستوحاة ومستنبطة من البيئة القطرية، ومنها الملابس النسائية، والتي تعكس الهوية القطرية من خلال التصاميم، بالإضافة إلى تصاميم الملابس الرجالية التي تمثل هوية الإنسان القطري، إذ أن طريقة ارتداء الملابس وطريقتها تميز المواطن القطري عن غيره من مواطني الدول المجاورة.
وانتقلت إلى الحديث عن أهمية دور الحرف اليدوية في مجال السياحة. مؤكدة أنه لا تخلو أي دولة من دول العالم من الحرف اليدوية، إذ تنتشر بالأسواق الشعبية، والتي تقدم الحرف التقليدية، وتعكس أهمية هذا الإرث العريق، “ولذلك فالحرف التقليدية تدعم السياحة بشكل كبير، حتى أصبحت عماداً لاقتصاد كثير من الدول، فضلاً عن توظيف الدول للحرف كعناصر جذب سياحي، وإبراز هوية وثقافة هذه الدول”.
وفي هذا السياق، أعربت عن الأمل في أن وجود أسواق شعبية للحرفيين ومراكز تدريب لهم في دولة قطر، بما يتناسب وأهمية الدور الكبير الذي تلعبه الحرف التقليدية في تعزيز الهوية الوطنية.