عقد الملتقى القطري للمؤلفين  مساء الاثنين 11 مايو 2020 جلسة جديدة من جلسات مبادرة “اقرأني فإني هذا الكتاب” وذلك ضمن مشروع تأسيس النقد الذي يستقطب اليه كفاءات نقدية من الوطن العربي وخارجه ليتم تدارس جديد السرديات التي تدرس القصة والرواية وقضايا الأدب بشكل عام، فضلاً عن نشر ثقافة النقد بين الكتّاب والأدباء، وخلال تلك الجلسة التي أدارها الدكتور عبد الحق بلعابد  أستاذ النقد بجامعة قطر ، تم استضافة د. علي نسر الذي قدم  محاضرة بعنوان “الحياة القطرية في السرد: بين الأصالة والحداثة” وذلك عبر قناة الملتقى على اليوتيوب.
في البداية قام د. عبد الحق بلعابد بتعريف د. علي نسر بكونه ناقدا متخصصا في الدراسات السردية والشعرية، له حضور متميز في المؤتمرات والندوات العلمية داخل وخارج الوطن العربي، وصدر له العديد من البحوث في مجال الرواية والشعر ككتابه النقدي المهم “الرؤية إلى العالم في الرواية العربية” والذي يدرسه الكثير من الطلاب والمهتمين، إلى جانب كونه مبدعا في مجال كتابة الرواية والشعر.
وحول العنوان الذي اختاره في الرواية والسرد القطري أكد بلعابد أنه جاء من خلاله بنموذج مهم من النماذج التي جاءت في بدايات الكتابة الروائية القطرية للروائية شعاع خليفة من خلال “رواية أحلام البحر القديمة” حيث يتوقف بحثه على محطات وآليات سردية مهمة مع رصد التحولات والمنعطفات الاجتماعية في قطر بين الأصالة والحداثة.
من جانبه أوضح د. علي نسر من خلال ورقته البحثية أنه لم يخلُ عصرٌ من ظاهرة الصراع الحادّ بين الأصالة والحداثة، أو التقليد والتجديد أو الثبات والتحوّل، على مختلف الصعد. منوهاً إلى أن الأدب لم يكن بمختلف أنواعه، بمنأى عن ذاك الصراع، بل انعكس فوق أديم صفحاته، تاركًا بصماته واضحة إن إبداعًا وإنشاءً، وإن نقدًا ووصفًا. وقال إنه غالبًا ما شكّل الطرف الأوّل، الفريق الداعي إلى التمسّك بالقيم وما رسمه الآباء والأجداد من سبل، يشكّل الخروج عليها أو منها تقويضًا وتصديعًا، فاستحال الماضي الملاذ الذي اتّخذه المحافظون بؤرة للنكوص نحوه بحجّة الحفاظ على الهوية قوميًّا ودينيًّا، متّهمين الطرف الثاني بالدخيل الّذي جاء من خلف البحار ليجتثّ ثقافة قديمة عصيّة على الاهتزاز. مضيفاً أن الطرف الثاني يشكّل، الدعوة للخروج على ذاك الماضي أو الخروج منه، بحجّة التفاعل مع ما تفرضه الحياة المدنية والمدينية أيضًا، من قيم حداثيّة لا يمكن أن نوصد في وجهها نوافذنا وأبوابنا لأنها المخلّص وسبيلنا للخروج من الفقر والتخلّف للرسوّ على شاطئ الأمان.
ومن هذا الصراع، كان لا بدّ من انبثاق فريق ثالث، يعمل على التوفيق بين الطرحين، المحافظ والمحدث، غارفًا من التراث ما يمكن اعتماده لتخطّيه وتجاوز الماضي، وحول رواية (أحلام البحر القديمة) للكاتبة القطرية، (شعاع خليفة)، رأى د. علي نسر أنها تشكل مسرحًا عرضت على خشباته مظاهر من ذاك الصراع. فمنذ تلقّي العنوان، يشعر القارئ بذلك وينتصب أمامه أفق انتظار ما توقّعه، حيث الحلم والقديم، مصطلحان من مصطلحات الصراع. مؤكداً على أن هذا ما اختزله جيلان تقريبًا، شغل الحلم حيّزًا واسعًا من حقلهم المعرفي. مشيراً إلى ان الكاتبة تعرض الجيل الأوّل الذي غطّت حركته المئة صفحة الأولى من النص، ويشكّل مداميكه الأساسية، الأب (حمد) وزوجه (لولوة)، وبعض الشخصيات النابتة على ضفاف الشخصيتين الأساسيتين، وقد أسهمت تلك الشخصيات في تأجيج ذاك الصراع الذي كان محصورًا في الفقر والغنى حيث جلّ ما تطمح إليه (لولوة) المأكل اللذيذ والمسكن الجميل، في حين كان حمد متشبثا بماضيه وأعرافه، عبر ما يذخره من معدّات صيد تعدّ ثروة معنوية، لا بل معايير حياتية، ولفت إلى أن المرحلة الثانية، أو الجيل الثاني، مثله الابنتان (شيخة) و(نورة) بطلتيه الرئيستين، حيث شكّلتا امتدادًا للشخصيات السابقة في تصوير ذاك الصراع مع تعديلات جوهرية فرضتها الحالة الراهنة حيث التبدّلات والتحوّلات التي طرأت جرّاء الطفرة النفطية التي قلبت الأوضاع وعملت على تحسينها فارضة معايير وقيمًا تنسجم وطبيعة تلك التغيرات، إذ لم تخرج (شيخة) كثيرًا عما كانت تطمح إليه والدتها، في حين مثّلت نورة الفريق الموفّق بين الماضي وأصالته عبر تشبّثها بثروة أبيها ومعداته الصالحة لأن تعرض في متحف للآثار، والحاضر النفطي وانفتاح الحياة اقتصاديًّا وعمرانيًّا واجتماعيًّا.
ويواصل الملتقى القطري للمؤلفين أنشطته الثقافية باعتباره هيئة ثقافية تتبع لوزارة الثقافة والرياضة تعنى بالاهتمام بالمؤلفين، ويهدف الملتقى إلى الاهتمام بالمؤلفين وبخاصة في الارتقاء بالمستوى الثقافي للمؤلفين وفق قرار وزير الثقافة والرياضة رقم (91) لسنة 2018 بتأسيس الملتقى القطري للمؤلفين واعتماد عقد تأسيسه ونظامه الأساسي.