عقد الملتقى القطري للمؤلفين جلسة جديدة من جلسات “أقرأني فإني هذا الكتاب” التي تسعى إلى نشر ثقافة النقد بين الكتّاب والأدباء، وتمكن القارئ من وضع خطة استراتيجية لاختيار الكتب وقراءتها، على ضوء آليات نقدية واضحة تمكّنه من التمييز بين النصوص، وتحديد جماليتها الفنية والسردية، وتم خلال تلك الجلسة استضافة د. اليامين بن تومي ليقدم محاضرة بعنوان “من التاريخ إلى التتريخ.. قراء في رواية القرصان” وذلك عبر قناة الملتقى على اليوتيوب، ومن خلال الفعاليات التي يقيمها الملتقى عن بعد خلال الفترة الحالية.
وفي هذا الإطار ناقش د. اليامين بن تومي خلال  هذه الجلسة التي أدارها د.عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب و مناهج الدراسات النقدية بجامعة قطر  ما رآه من جماليات عديدة في رواية “القرصان” للروائي القطري عبد العزيز آل محمود، موضحاً أنه اختار عنوانا ذا دلالات خاصة، أراد من خلاله أن يقف عند تتريخ السرد وتسريد التاريخ في رواية  قطرية مهمة  بغرض المرور عبر ثناياها مع تقديم تشريح للطريقة التشويقية المتبعة في نسج خيوط الرواية، ويصف المحاضر النص القطري “القرصان” في طريقه لتشريحه وتبيان شفراته بكونه متفردا في كتابته التاريخية حيث يحتاج إلى نوع من القراء الذين يمتلكون المقدرة على فك شفرات النص والابحار في عالمه، مؤكداً على أن الرواية التي يشعر كاتبها بأنها تتبنى بروتوكولا واضحا فعليه أن يعلن موتها، وبالتالي فإن الرواية تجدد ذاتها انطلاقا من اعادة اكتشاف السردية الخاصة بها، مؤكداً أن كلما دخلت الرواية إلى النموذج كلما وقعت في مازق، ذلك أن الرواية فن غير مكتمل ولذلك نحد بصدد البحث عن الغير مكتمل أو المنسي داخل الرواية، ومن هنا يسعى المتلقي لمعرفة ما الذي يحاول ان يقوله هذا الجنس الروائي لتجاوز عوائقه التاريخية، وفي هذا السياق أشار إلى أن ثمة مفهوم جديد للرواية قد يأتي انطلاقا من اكتشاف الذات وهو ما تمت مخاطبتنا من خلاله في رواية آل محمود ، وأضاف: “القرصان” لا تحكي التاريخ كما هو لكنها تترخ التاريخ، اي تعيد كتابة التاريخ بحيث لا يصبح التاريخ هو المتعالي ولكنه أداة لإرسال المعنى، خاصة ان نظريات التاريخ المختلفة التي جاء بها فلاسفة الغرب كانت جميعها تؤكد أن غير الاوربي لا يمكن ان يكون نموذجا داخل هذا التاريخ، فيما تجاوز المؤلف بنا خلال تلك الرواية محل النقاش ليقول ان العربي بإمكانه التحدث من داخل التاريخ بمنطق السيد، منوهاً إلى أن التاريخ السردي الذي ترصده الرواية يتجاوز كل التاريخيات الرسمية التي فشلت في توثيق مستقل، بمعنى ان التاريخ السردي يعيد مرة أخرة وظيفة الكلام ووظيفة الكتابة للإنسان العربي فيتجاوز تلك الارشيفيات ذات الصور النمطية الثابتة عن الانسان العربي، بعد أن حصر الاستعمار الجغرافيا لصالحه وظل محتفظاً بها لذلك فإن تلك الرواية تساهم في إعادة خلخلة النظرية الروائية برمتها واعادة تطبيب الاطروحة الروائية بحذافيرها، من حيث كونها نص جامع، جمع اليه الكثير من الهويات السردية بداخله، ولذلك أراد د. اليامين خلال محاضرته الوقوف عند نقاط مهمة تمثلت في اعادة فهم الجنس الروائي وصور التسريد المضاعف التي تتطلبه أحياناً الرواية، وذلك من أجل إعادة بناء لمتخيل تاريخي يصور مجتمعات المقاومة مع التركيز على نقطة أخرى وهي كيفية بناء الوعي.
يشار إلى أن مبادرة «اقرأني فإني هذا الكتاب” للملتقى القطري للمؤلفين، تهدف إلى تعزيز ثقافة القراءة والنقد في ظل الحجر المنزلي، فلا نكتفي بقراءة النصوص الأدبية، ولكن معرفة كيفية تغيير عاداتنا في قراءتها ونقدها، ولهذا سوف تستمر سلسلة الجلسات خلال الأشهر القادمة ويشارك فيها نقاد متخصصون من الوطن العربي وخارجه، لتحليل نصوص أدبية وسردية قطرية خاصة، وعربية عامة، لمعرفة كيف يتلقى الناقد العربي، ويحلل ما ينتجه المؤلف القطري من نصوص إبداعية.
ويواصل الملتقى القطري للمؤلفين أنشطته الثقافية باعتباره هيئة ثقافية تتبع لوزارة الثقافة والرياضة تعنى بالاهتمام بالمؤلفين، ويهدف الملتقى إلى الاهتمام بالمؤلفين وبخاصة في الارتقاء بالمستوى الثقافي للمؤلفين وفق قرار وزير الثقافة والرياضة رقم (91) لسنة 2018 بتأسيس الملتقى القطري للمؤلفين واعتماد عقد تأسيسه ونظامه الأساسي.