استضاف نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي مساء أمس الكاتب الأستاذ عبد العزيز الخاطر في محاضرة أقيمت تحت عنوان «حول العلاقات في المجتمع القطري»، والتي تطرّق خلالها إلى عدة محاور حول العلاقات في المجتمع القطري ونمط التغيير، مع التطرّق لانعكاس ذلك على بعض المفاهيم الاجتماعيّة كالتضامن والتماسك والإرادة، واستهلّ الخاطر المحاضرة بتقديم نبذة عن مكوّنات وطبيعة المجتمع القطري منذ بدايات فترة الستينيات وحتى اليوم، متطرقاً لتحوّلاته وللتحديات التي واجهته حتى انتقل من كونه مرتكزاً على علاقة أفقية تجعل السعي نحو المصلحة العامة هو الغالب إلى مجتمع يتسم بعلاقة عمودية تختزل الأمر في مصالح شخصيّة على حساب المصالح العامّة.
وأوضح الخاطر أن الأمر منذ الستينيات حتى بداية السبعينيات كان مبنياً على التوافق مع الطبيعة ومثل ذلك السمة الغالبة للنظام الاجتماعي، ولفت إلى أن الطمأنينة والرضا كانت هي الشعور السائد في المجتمع نتيجة لهذا التوافق، حيث التشابه بين الطبيعة الهادئة والإنسان المؤمن والراضي بالنصيب، إلى أن تغيّر الوضع منذ بداية السبعينيات بعد الاستقلال، حيث بدأت الدولة في تنظيم الأمور فظهرت طبقة وسطى حكوميّة، وهي الطبقة التي كان يطلق عليها طبقة كبار الموظفين، واتسمت العلاقة خلال تلك الفترة بكونها نخبوية تتمثل في أماكن تجمع أبناء تلك الطبقة، إلا أن العلاقة الأفقية ظلت سارية في المجتمع، فكان التموضع والاتزان سمتي النظام المعرفي السائد، ونوّه الخاطر إلى أن التموضع هنا بمعنى تمكين المتعلمين من القطريين من مفاصل الوظائف، وقيام طبقة وسطى حكومية، وأشار الخاطر إلى أن هذا الوضع استمر حتى منتصف التسعينيات وهي الفترة التي أعقبها نوع من التشتت في الوعي، وذلك منذ أواخر التسعينيات، حيث حدثت قفزة كبيرة في الوعي بين الفرد وبيئته الجغرافية والتاريخية، التي كانت تمثل له محور الاتزان والتوافق، ومع إزالة الفرجان القديمة بدأت القطيعة بين الناس.
وأشار الخاطر إلى أن فترة السبعينيات اتسمت بنمط كان مبنياً على العلم، كما ظل الأمر مبنياً على العلاقة الأفقية، وكانت العلاقة أقرب للإنتاجية فالمتعلم في حد ذاته كان يمثل قيمة إنتاجية، وفي التسعينيات نتيجة الظروف المحيطة دخلت الدولة في العديد من المشروعات وهنا تغيّر شكل المجتمع وهو ما كان كفيلاً لإنتاج ثقافة من نوع خاص، وأضاف: اليوم يواجه المجتمع تحديات كبيرة، حيث كثافة سكانية غير مسبوقة، ثورة اتصالات، حصار جائر، ومشروعات كبرى، وفي ظل كل هذا تراجعت العلاقة الأفقية لحساب العلاقة العمودية، كما تراجعت قيم المجتمع المدني، وتراجع مفهوم القيمة المعنويّة الذي تراجع أيضاً لحساب القيمة المادية، وفي هذا السياق قال الخاطر إن العلاقة الأفقية هي المصدر الرئيس لبناء إرادة مجتمعية بعيدة عن الإرادة الفردية، علماً بأن من سمات الطبقة الوسطى توفر العلاقة الأفقية التي تضمن قيام المجتمع المدني حيث تصبح المصالح مُشتركة، وقال: كمجتمع لا بدّ لنا من دور في إعادة المجتمع لقيمه المبنيّة على فكرة الاستقرار لا فكرة الغنيمة، تلك الفكرة التي تمثل خطورة كبيرة على الوعي الاجتماعي مع العلم أن إيقاظه أمر ممكن من خلال التوعية المستمرّة عبر الندوات وجلسات الفكر.