تشهد قطر بشكل دائم العديد من الفعاليات المتنوعة من بينها التظاهرات الثقافية التي أتاحت لها أن تكون عاصمة للثقافة العربية في عام 2010، وهو ما جعلها قِبلة المثقفين من شتى أنحاء العالم، وبحضورهم الدائم للفعاليات المتعددة التي تقام على أرضها يتم إثراء المشهد الثقافي المحلي عبر تلاقح الأفكار المختلفة وتلاقي العقول المتعددة، ويدعم مسيرة التقارب الثقافي بين بلدان العالم العربي بشكل عام، وبين دول الخليج العربي بشكل خاص.
للحديث حول تطور المشهد الثقافي في الدولة، التقت (الشرق) عددا من الكتاب والمثقفين العرب والأجانب الذي أكدوا أن قطر أصبحت لها ريادة في العديد من المجالات وخاصة منها الرياضة عبر استضافتها كأس العالم قطر 2022، وأن اهتمامها بالثقافة لا يقل عن الرياضة حيث تهتم بالمثقفين والمثقفات، وتولي اهتماما كبيرا لدعم الثقافة في الداخل والخارج، حيث تنشط المؤسسات الثقافية مثل (الحي الثقافي كتارا، ونادي الجسرة، ومتاحف قطر، ومكتبة قطر الوطنية، ومبنى وزارة الثقافة والرياضة، وسوق واقف).. وتشهد الفعاليات الثقافية تنوعا كبيرا من خلال المحاضرات، والجلسات الحوارية، والمعارض الفنية، والأمسيات الشعرية، والحفلات الغنائية، والعروض المسرحية، والملتقيات الفكرية والمؤتمرات الدرامية وغيرها من الفعاليات المتنوعة في شتى المجالات، وبعدة لغات، والتي تجعل الفرد في قطر يحتار في اختيار أي الفعاليات يذهب اليها لكثرتها ووفرتها، ما يؤكد ويبرهن على أن الثقافة في قطر لها أولوية كبرى، ومكانة خاصة في قلوب الجميع، وأن القيادة الرشيدة تولي لها الكثير من العناية والاهتمام.

عن هذا المشهد الثقافي الذي يظهر الاهتمام به للعيان قال سعادة سفير مالي في قطر الشيخ أحمد التيجاني جاكيتيه إنه سعيد جدا بالعناية الكبيرة التي توليها دولة قطر للثقافة بكل مجالاتها، مؤكدا أن تلك العناية لا تخفى على أحد. كاشفا أن دولة مالي لديها برنامج ثقافي وتعليمي قيّم جدا تم بالشراكة مع “مؤسسة قطر للتعليم فوق الجميع”، ولقد ساعد هذا البرنامج بكل الجهود التي قامت بها قطر الى التحاق أكثر من مليون

طفل في دولة مالي بالمدارس، حيث لم تساعد الظروف الاجتماعية هؤلاء الأطفال سابقا في دفعهم نحو الدراسة والتعلم، لتأتي ثمار هذا البرنامج بتعليم أجيال كثيرة من الأطفال، مما سينعكس إيجابا على تطورهم مستقبلا وتطور بلاده مالي، وتساهم في انخفاض معدلات الجريمة، وتفتح لهم فرص عمل مميزة نحو البناء والنماء والتقدم. مقدما شكره لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر المسند على دعمها الكبير واللامحدود لتنمية مسيرة الثقافة والتعليم في دولة مالي، وإخراج أجيال تبني المجتمعات نحو الافضل دائما.

بدورها قالت الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي بأن الفعاليات الثقافية التي تقام في قطر دائما رائعة بجمال الديكورات وروعة الحضور المكثف والمختلف من شتى أنحاء الخليج والعالم العربي، مؤكدة أن المرة الأولى التي زارت فيها قطر كانت قبل عشر سنوات بمناسبة اختيار الدوحة عاصمة للثقافة العربية. وبيّنت بأن الدولة تطورت بشكل مذهل بين الزيارتين حتى أنها لم تعد تعرفها، وهذا ما يؤكد نهضة الدولة المتسارعة، والتي انعكست على سكانها وزوارها من شتى أنحاء العالم، مشيرة إلى أنها معجبة بإقبال المواطن والمقيم على الكتاب في معرض الدوحة الدولي للكتاب الماضي، حيث كان الزوار يصطفون بأعداد غفيرة في طوابير طويلة استمرت لساعات من أجل اقتناء رواياتها وإصدارتها والحصول على توقيعها، لافتة الى أن ذلك الازدحام حفزها كثيراً للعودة بحماس أكبر لكتابة المزيد من الروايات.. وتابعت قائلة: “إن تتفق عليك العائلة العربية لهو أمر رائع في مدينة الدوحة مدينة الثقافة بدون مجاملة”.

في تقييم الشأن الثقافي قال الروائي الكويتي طالب الرفاعي إن كل فعالية تقام في قطر هي تظاهرة خير وعلم وجمال تدعم مسيرة الثقافة والتطور في دول الخليج والعالم العربي للذهاب نحو الافضل في تطوير مجتمعاتها الخليجة والعربية.. فمن الثقافة تبنى الحضارات، ومن تلاقي المثقفين والمثقفات تتطور العقول في شتى المجالات. مؤكدا أن التواصل الذي يتم في الفعاليات الثقافية بين البلدان العربية أمر مهم جدا في تعزيز أواصر الصداقة بين الشعوب، والاستفادة من العقول المختلفة في إخراج أفكار ايجابية تدفع بالشعوب نحو تحقيق الكثير من الآمال الكبيرة
في البناء والتقدم والازهار. وتابع قائلاً بأن مثل هذا التواصل وغيره ينبغي ألا يتوقف، فحتى لو أرادت السياسة قطع كل حبال الوصال بأي طريقة كانت فإن مائدة الثقافة ينبغي أن تكون الثابت الذي يجتمع عليه الجميع، خصوصا أنها المائدة الوحيدة التي بقيت متاحة لكي يجتمع
حولها العرب من كل مكان، ويستفيدوا في تلاقٍ ثقافي ثريّ ومتنوع ومختلف يؤدي الى ثمار كبيرة، وينتج خطوات مثمرة في بناء العقل العربي في كل مكان، فالثقافة حق للجميع، وعلى مائدتها ينبغي أن يجلس الجميع. مؤكدا أن قطر سباقة في تنزيه الثقافة من مشكلات السياسة، والوصول بها الى برّ الأمان من خلالها دعوتها الدائمة للمثقفين والمثقفات من شتى أنحاء الخليج والعالم العربي هدفها في ذلك أن تظل الثقافة رافداً مهماً في بناء أجيال تغيّر الحاضر، وتصنع مستقبلا عصيّا على الاندثار والنسيان.

وبدوره قال الممثل المصري هشام عبد الحميد بأنه يزور قطر لأنها دولة تعتني بالثقافة، وتولي للمثقفين عناية كبيرة، حيث أتاح له وجوده فيها الكثير من فرص الاحتكاك والتواصل والتأثير والتأثر بين العديد من المثقفين والمثقفات من أنحاء العالم العربي. مضيفاً بأن الندوات والجلسات واللقاءات والأمسيات الثقافية بكل أشكالها ساهمت في تشكيل جسر استطاع من خلاله التواصل مع المثقفين والمسرحيين من كل مكان، ولمس في تلك الجلسات واللقاءات تفاعلا ثقافيا متنوعا أتاح له التعرف عن قرب على رجالات الثقافة من عدة بلدان عربية، حيث شارك معهم الطموح والحلم الثقافي، ويتمنى أن يكون لذلك ثمرة على أرض الواقع قريباً تعود بالنفع على مسيرة الثقافة في الخليج والعالم العربي.