تستعد وزارة الثقافة والرياضة، لتدشين أحد أهم إصداراتها للعام ٢٠١٩م، وهو كتاب «حياة عالِم من قطر»، الذي يروي سيرة الشيخ الجليل عبدالله بن تركي السبيعي، وذلك يوم السبت المقبل الموافق ١١ يناير الجاري، في تمام الساعة العاشرة والنصف صباحاً بالمسرح الرئيسي في معرض الدوحة الدولي للكتاب، وسيقوم مؤلف الكتاب سعادة الأستاذ د. عبدالعزيز بن عبدالله بن تركي السبيعي وزير التربية والتعليم الأسبق بإلقاء كلمة بهذه المناسبة.
وكتاب «حياة عالِم» هو مرجع من مراجع تاريخ العلم والتعليم في دولة قطر يحكي سيرة رائد من روّاد النهضة التعليمية في قطر، وهو العالِم الجليل والمربي الفاضل، الشيخ عبدالله بن تركي السبيعي، ويغطي هذا المرجع الهام ما يقرب من قرن من الزمن، حيث يوضح كثيراً من جوانب الحياة التعليمية والاجتماعية والاقتصادية في قطر وما صاحبها من تحديات وإنجازات رسمت لنا صورة واضحة عن حياة الشيخ عبدالله بن تركي وما كان يسعى إليه من تحقيق بناء نهضة تعليمية وصحوة إسلامية آتت أكلها وثمارها بعد رحيل الشيخ، وما زالت آثارها باقية إلى يومنا هذا.
ويوضح الدكتور عبدالعزيز في كتابه أن الشيخ الجليل عبدالله بن تركي السبيعي قد وُلد في قطر عام 1897م، وتلقى العلم على يد الشيخ محمد بن عبدالعزيز المانع، وقضى حياته في نشر العلم والدعوة وتأسيس التعليم في دولة قطر حتى وافاه الأجل في عام 1968، رحمه الله رحمة واسعة، وقد قال عنه من عاصره: كان غزير الرواية، لطيف الدراية، متشعب الحديث يسترق قلوب الناس بحسن الكلام وجميل البيان، وكان رحمه الله شخصية فذة، وافر العقل، سديد الرأي واسع المعرفة مشرق الوجه، جليل القدر، أفاء الله عليه نور البصيرة وقوة الإيمان تضيء لحيته بنور المشيب ويملأ العين بالمنظر المهيب، حفظ القرآن الكريم ودرس مختلف العلوم الشرعية، وقام خطيباً ومتحدثاً ينشر العلم في مساجد ومدارس قطر.
ويؤكّد الدكتور عبدالعزيز على جهد الشيخ عبد الله بن تركي في الدعوة، لم يتمثل فقط في الخطب والمحاضرات والمقالات والفتاوى، بل كان علماً بناءً يؤسس قواعد راسخة لنهضة دينية وتعليمية متواصلة، ولم يكن كذلك جهداً منفصلاً عن جهده في مجال التربية والتعليم، لأنه كما رأينا اتخذ من التربية والتعليم وسيلته المثلى لتحقيق أهداف الدعوة، فقد كان تربوياً في دعوته، داعية في مجال التربية والتعليم، فهو بوضعه مناهج التربية الإسلامية ودوره في إنشاء المعهد الديني الثانوي وتزويد البلاد بأساتذة من علماء الأزهر الشريف وفتح أبواب التعليم للفتاة القطرية وإشرافه على التعليم الديني وتوجيهه، كان من أبرز روّاد النهضة التعليمية في قطر، ووالد التربية الدينية والعلوم الشرعية بوزارة المعارف القطرية.
ويضيف مؤلف الكتاب «كان رحمه الله لا يترك فرصة تتطلب البذل والفداء في سبيل أي بلد مسلم إلا وكان في المقدمة، فلقد قاد حملة جريئة واسعة لجمع التبرعات لمجاهدي الثورة الجزائرية، وساهم فيها بجهده فكان خطيبها الأول، وساهم فيها بماله، وقام بنفس الدور في إعانة أسر ومجاهدي فلسطين»
ويؤكد الدكتور عبدالعزيز أن البحث في مراحل حياة العالِم الشيخ عبدالله بن تركي السبيعي، رحمه الله، والكتابة عنها اتسما بالكثير من الجهد، فلم يبق ممن عاصر زمانه إلا القليل. وتم التركيز على ما ترك من آثار علمية مكتوبة مثل المحاضرات والدروس والتسجيلات الإذاعية، وكذلك ما توفر من تقارير رسمية ومكاتبات ومراسلات ومقابلات صحفية وما حفظته ذاكرة إخوانه وأبنائه وأصدقائه ومعارفه، أسهمت جميعها في توثيق المراحل التي مرّ بها الشيخ بصورة خاصة والمجتمع القطري آنذاك بصورة عامة.
ويضيف المؤلف قائلاً: إن الحديث عن حياة العلماء وجهدهم وجهادهم وآثارهم العلمية والدعوية والمشاق التي كابدوها هو من أكثر الأمور التي تحفز من يأتي بعدهم على بذل الجهد في سبيل العلم والدعوة إلى الله. فقد كان العلماء- ولا يزالون – منارات يُستدل بها على طريق السلف الصالح وعلى المُثل العليا النبيلة التي يسعى إليها كل مخلص لدينه ووطنه، ويرى الدكتور عبدالعزيز أن هذه الترجمة للشيخ عبدالله بن تركي السبيعي لا تزال قاصرة عن إيفائه حقه، وإنما هي جهد المقل، ويقول: «أسأل الله أن يجعل عملنا هذا مقبولاً عنده ومن العلم الذي ينتفع به وأن يكتب أجره في صحائف الشيخ وأن يتغمده بواسع رحمته ويجزيه خير الجزاء عما قدم لدينه ووطنه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين».
من جانبه، أوضح محمد حسن الكواري مدير إدارة الإصدارات والترجمة التي قامت بإصدار هذا الكتاب الذي يُعد أحد أهم إصدارات الإدارة، حيث اعتبره إضافة كبيرة ونوعية قادرة على إثراء المكتبة القطرية والعربية، وفي معرض تعليقه على هذا الكتاب، أكّد أنه يسلط الضوء على عالم جليل كان له كبير الأثر في قطر الحديثة في مرحلة ما بعد النفط، حيث مثلت جهوده أحد عوامل تغيير الحياة في قطر بافتتاح الكثير من المدارس واستقدام العديد من العلماء الذين أسهموا في التنوير والتعليم، وأعرب الكواري عن إعجابه بالجهد المبذول في الكتاب، قائلاً: استطاع سعادة الأستاذ د. عبدالعزيز بن عبدالله بن تركي السبيعي وزير التربية والتعليم الأسبق ونجل الشيخ الجليل عبدالله بن تركي السبيعي والذي يعد أحد الرموز التربوية الهامة في قطر أن يوضح الكثير من طبيعة تلك المرحلة، حيث تحدث في كتابه عن العالم الجليل بإسهاب، وأضاف أنه أفضل من يتحدث عن الشيخ الجليل الوالد عبدالله بن تركي السبيعي.