افتتحَ سعادةُ الشَّيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثَّقافة النسخةَ الثانيةَ من «موسم الندوات» بأمسية شعريَّة كُبرى حضرها عددٌ من المسؤولين والمُفكِّرين والمُثقفين والشعراء والأدباء من داخل قطر وخارجها، وذلك في قاعة الدفنة بفندق الشيراتون. وشهدت الأمسيةُ التي أحياها الشاعر القطري صالح آل مانعة والشاعر عبدالله علوش من دولة الكويت حضورًا جماهيريًا كبيرًا، حيث تفاعل الجمهور مع القصائد الشعريَّة التي تنوَّعت بين النبطية والفصحى وبعض القصائد الوطنية والشيلات التي أُلقيت لأول مرَّة على الجمهور وسط أجواء من الإبداع الذي لامس ذائقتَهم الشعرية وتخلَّلت الأمسيةَ مجموعةٌ من الحوارات الشعرية التي نالت استحسانَ الحضور وخاصة الشيلات التي ألقاها الشاعر القطري صالح آل مانعة بصوته العذب وسط تصفيق الحضور.
وجاءت هذه الأمسيةُ الشعرية التي أدارها الشاعر علي المسعودي في مستهلّ فعاليات «موسم الندوات 2023» الذي تنظمه وزارةُ الثقافة بالتعاون مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. في بداية الحفل، أعلنَ الإعلامي جاسم سلمان مسؤول الفعاليات بموسم الندوات عن انطلاق الحدث الثقافي في نسخته الثانية، مؤكدًا أنَّ الموسم بدأ قويًا منذ نسخته الأولى، وأصبح علامةً فارقةً ومنصةً للفكر والأدب، وقالَ: تأتي هذه الأمسية الجماهيرية تتويجًا لأفكار ورؤية سعادة الوزير.. حيث عودة الفعاليات الثقافية الكبرى، وهو ما يؤكد أن قطر كانت وما زالت منبرًا للفكر وداعمًا أساسيًا للنهضة، وفي هذا السياق، توجه بالشكر لسعادة الوزير، مؤكدًا أن كلمات الشكر لا تَفيه حقَّه على فكرته الطموحة في موسم الندوات، حيث أعطى من وقته وجهده الكثير حتى يظهر الموسم بهذا المستوى، ويمتلك هذا الأثر والتأثير. ثم كشف سلمان الستار عن ترتيبات الموسم القادم بفعاليات، قال عنها: إنها لن تقلَّ عن هذا المستوى، كما قدَّم الدعوة للحضور إلى التَّسجيل لتصلهم أخبار الفعاليات، كما دعاهم لحضورِ الندوات القادمة.. حيث سيتمُّ يوم الأربعاء المقبل عقد ندوة للدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري عن إرث كأس العالم في معهد الدوحة للدراسات، ومن ثم ستكون هناك ندوات أخرى عن العمارة في ثقافتنا وتاريخ الأندلس، وندوة للدكتور سعيد الكملي. وأوضح أن كافة التفاصيل يمكن معرفتها عبر حسابات وزارة الثقافة.
من جانبه، أكَّد الشاعر علي المسعودي خلال تقديمه أولى أمسيات الحدث الثقافي الكبير أن موسم الندوات يأتي في عامه الثاني كتحفيزٍ للفِكْرِ وتشجيعٍ للسؤالِ وبحثٍ عن الإجابةِ الصادِقةِ، وتكثيفٍ للثقافةِ بمعناها الواسعِ، بما تشمَلُهُ من تجلِّياتِ التعبيرِ المُشتركِ كالحِكَمِ والشِّعْرِ والأمثالِ وكُلِّ الموروثاتِ لكونِها وليدةَ تفاعُلِ الناسِ ومُتطلَّباتِ حياتِهم، لِيَتمَّ تناقلُ المنجَزِ جيلًا بعدَ جيلٍ ضمْنَ مَنظومةِ الهُويّةِ.. حتى انتهى إلينا عبْرَ اللُغةِ بما يلخِّصُ قصةَ عِناقٍ طَويلٍ معَ الحياةِ.. معَ القناعاتِ والأفكارِ والاعتقاداتِ، وتابع مضيفًا: إنَّ الناس لا تنقُلُ إلا ما يُشبِهُها أو ما يُعبِّرُ عَنْ مَكنوناتِها. وكُلما استطاعَ الأديبُ أنْ يكونَ صُورةً ثقافيّةً عنْ مُجتمعِهِ وأفكارِ جِيلهِ كانَ أجدرَ بالانتشارِ.. وكُلما استطاعَ قراءةَ اعتلاجاتِ إنسانِ المُستقبلِ كان أجدرَ بالبَقاءِ.. يَنتشِرُ أُفُقيًا بالتعبيرِ عن أفكارِ جِيلهِ.. ويَنتشِرُ رأسيًا عندما يتمكَّنُ مِنَ التعبيرِ عَنْ أفكارِ الأجيالِ اللاحِقةِ ويَستلهِمُ المستقبلَ، ثم قام بتقديم الشاعرين اللذين تناوبا في إلقاء قصائدهما، عبر مجموعة من المحاور التي كان يطرحها المسعودي تباعًا.
ألقى الشاعران عددًا من القصائد الحماسية والوطنية، بدأها الشاعر عبدالله بن علوش بقصيدة وطنية مهداة إلى حضرة صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدَّى، كما تخلل الأمسيةَ عددٌ من القصائد التي تنتمي إلى أغراض الشعر المتنوعة التي لامست الحضور وخاطبت عقولهم، ومن ضمن ما تم إلقاؤه في الحكمة والغزل، حيث تمَّ قراءة قصيدة «سد مأرب» و «في صدري» للشاعر صالح آل مانعة، كذلك ألقى عبدالله بن علوش قصيدة بعنوان «الحب كذبة»، كما قام الشاعر صالح آل مانعة بتقديم عددٍ من الشيلات بصوته العذب الرخيم لاقت استحسان الجمهور، وقد تمتعت تلك الأمسية بحضور جمهور استثنائي من حيث تفاعله، وكذلك من حيثُ عددُ الحضور الذي ملأ جنبات قاعة الدفنة بفندق الشيراتون، وهو الأمرُ الذي أكَّد رؤية الوزارة بحرصِها على أن يستهلَّ موسم الندوات فعالياته بأمسية شعرية، لما يتمتع به هذا اللون من الإبداع الأدبي من مكانة عند الناس، فضلًا عن توجيهات سعادة الوزير بأن يتضمن موسم الندوات فعاليات جماهيرية، حيث دأبت الوزارة على إقامة فعاليات تلامس تطلعات الجمهور بكل فئاته، وعلى ذلك يتضمن موسم الندوات هذا العام خمس ندوات تستهدف تعزيز الحوار والنقاش حول القضايا الفكرية الهامة.
وأعربَ سعادةُ الدكتورُ يوسف العبيدان أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر وعضو مجلس الشورى السابق عن سعادته بالاستماع إلى أولى الندوات الشعرية التي افتتحت بها وزارة الثقافة «موسم الندوات» بتوجيه وإرشاد من سعادة الشَّيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة، الذي رسم وخطط وبذل جهدًا كبيرًا في سبيل إعداد هذا الموسم، وما فيه من فعاليات استهدافًا لنشر الثقافة العامة، وما تقوم به الوزارة من دورٍ هامٍ في نهضة البلاد. وثمَّن جهد سعادة وزير الثقافة والقائمين على أمر «موسم الندوات»، مؤكدًا أنهم استمتعوا بالندوة الشعرية التي تناول فيها الشاعران عبر قصائدهما قضايا كثيرة ومهمة، ما جعل الجمهور الحاضر يتفاعل معهما. وأكَّد أن استقطاب مثل هؤلاء الشعراء يعمق أواصر الثَّقافة ويدفع بها قدمًا في بلادنا، وقال: إنَّ الثقافة هي تنوّع وفكر وشعر وأدب وغير ذلك، وأضافَ: باجتماع هذه العناصر كلها تتكوَّن الثقافة ويتقدم المجتمع. واختتمَ تصريحَه بتحيَّة وزارة الثقافة ممثلة في وزيرها الشاب، حيث يتجلى من خلال النجاح الكبير الذي ظهرتْ به الفعاليَّةُ، حجمُ المجهود الكبير والحرص على تقديم مبادرات طيَّبة، وهو ما رأى أنه يوحي بأنَّ هناك أمورًا كثيرةً ستدخل عالم الثقافة في المستقبل، وذلك طبقًا لما رأيناه من إعدادِ جدول يضم كافة المُحاضرين، ويحمل عناوين المُحاضرات والندوات التي ستعقد، وأكَّد أنَّ ما يحدث يؤشر لمستقبل كبير ينتظر الثقافة في قطر.
وفِي تصريحاتٍ صحفيَّة على هامشِ الأمسية عبَّر الشاعر صالح آل مانعة عن سعادته لمبادرة وزارة الثَّقافة باستهلال موسم الندوات بأمسية شعرية، معتبرًا أن ذلك أكبر تحفيز وتشجيع للشعراء على بذل المزيد، ووجه الشكر لسعادة الشَّيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني، وزير الثقافة على الحركة والديناميكية التي يشهدها قطاع الثقافة ككل منذ توليه وزارة الثقافة، والشعر بصفة خاصة، وأكَّد على أن من ضمن علامات النهضة الثقافية التي تشهدها الدولة، ذلك التفعيل والتواصل بين الشعراء فيما بينهم والجمهور من ناحية أخرى، مشيدًا بتكثيف الحراك الثقافي في هذه الفترة التي عرفت فيها الدولة زخمًا اقتصاديًا ورياضيًا وثقافيًا. وقال الشاعر: إنه قد قدم خلال الندوة مجموعةً من القصائد والشيلات التي عبَّر من خلالها عن مواضيع مُختلفة بدءًا من حب الوطن وتأكيد الولاء له ولقيادته الرشيدة وصولًا إلى شعر الغزل والحكمة.
وبدورِه، أعربَ عبدالله علوش عن سعادِته بمشاركتِه في هذا الحدث الثقافي الذي وصفه بالكبير والقادر على إثراء وتنمية الحوار الفكري في المجتمع، واعتبر أنَّ بداية الموسم موفَّقة نظرًا لأن الشعر يلامس وجدان وذائقة الجمهور، وهو ما لاحظه من خلال الإقبال الكبير على الندوة من مختلف فئات المجتمع. وقال: إنَّ هذه الأمسية تعتبر فرصة للاحتكاك بين الشعراء باختلاف مشاربهم، وقال: إنَّها تضيف لهم الكثير باعتبارها منصة لنظم قصائدهم وإلقائها على الجمهور، والتعريف بهم وبأعمالهم في أوساط مختلفة، وعن الإقبال على الأمسيات الشعرية عمومًا، أكَّد على أن الساحة الشعرية العربية ما زالت بخير والدليل الحضور الكبير الذي شهدته الأمسية الشعرية في اليوم الأول لموسم الندوات الكبير، وهو ما يحدثُ بصورة عامة في كل الأمسيات الشعرية أو الندوات الأدبية التي تتناول الشعر والشعراء.
يتضمنُ موسمُ الندوات هذا العام خمسَ ندوات هي: ندوة «الإرث الثقافي لكأس العالم» يقدمُها سعادةُ الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الدولة، ورئيس مكتبة قطر الوطنيَّة، وندوة «الإسلام والحداثة» التي يشاركُ فيها الباحثُ والمفكرُ الفرنسيُّ فرانسوا بورغا والكاتب والأكاديمي السوري عبدالرحمن حللي، وندوة «تاريخ الأندلس» ويشارك فيها الكاتب الدكتور نزار شقرون من تونس، والإعلامي بدر اللامي، والباحثان سعود الكواري ومحمد الشهراني، وندوة «فن العمارة الإسلامية والعلاقة مع الفنون الأخرى» التي يقدمها المعماري عبدالواحد الوكيل بمعهد الدوحة للدراسات، وندوة «تأثير المسلمين على حضارة الغربيين» والتي يقدمها الدكتور سعيد الكملي من المغرب. دأبت وزارة الثقافة على إقامة فعاليات تلامس تطلعات المثقفين والجمهور والمجتمع بمُختلف فئاته بما يحقق رؤية الوزارة في تعزيز الحوار حول القضايا التي تهم المجتمع. وتسعى الوزارةُ من خلال «موسم الندوات» إلى تأسيس بيئة فكرية تعزز دور الثقافة والمثقفين في خدمة المجتمع، ودعم الأنشطة الثقافية والفكرية، وبناء جسور من التواصل بين الأجيال الجديدة ونخبة المثقفين.