اختتمت مساء أمس فعاليات الدورة الثلاثين من معرض الدوحة الدولي للكتاب التي أقيمت تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وحملت شعار «أفلا تتفكرون»، وشارك فيها «335» دار نشر من «31» دولة عربية وأجنبية وذلك على مدى 10 أيام في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات.
وفي هذا السياق قال سعادة صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة في حواره المفتوح مع جمهور معرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته الثلاثين: إن ما قمنا به ينطلق من رؤية الوزارة التي تنطلق بين الوعي والوجدان، مشيراً إلى أن الهدف من المعرض هو رفع الوعي للتأثير على الوجدان، كما أن الوزارة تستثمر دائمًا في الجيل الناشئ من خلال التنسيق مع كافة أجهزة الدولة.
وأبرز سعادة الوزير أن هناك العديد من الطلبات للمشاركة في معرض الدوحة الدولي للكتاب ولكن لكثرتها لم تستطع الوزارة استيعاب كافة الطلبات وأيضًا نظرًا لوجود معايير يجب الالتزام بها، وفي هذا الإطار لفت سعادته إلى أن هناك سبعة كتب فقط تم منعها لمخالفتها المعايير إذ ربما تسيء لجنس أو عرق معين، وقال: هناك حالة من الفهم المغلوط الذي يرتقي إلى العداء بين الطفل والكتاب وهو ما جعلنا نلتفت إلى محاولة إيجاد طرق لرأب هذا الصدع وتوطيد العلاقة بين الطفل والكتاب وذلك من خلال استخدام نماذج مميزة مختلفة تحقق الأهداف الموضوعة وهي إعادة العلاقة مع الكتاب، وأيضًا من خلال الورش والأنشطة المصاحبة. وأوضح سعادة وزير الثقافة والرياضة أن شعار «أفلا تتفكرون» أدى المطلوب منه وهو إثارة الانتباه بين الجمهور والمجتمع، لافتاً إلى أن الإنسان لديه معتقد أن ما يرثه من المعرفة هو الصحيح دون السعي إلى التفكر ولأجل ذلك تم طرح عنوان «أفلا يتفكرون».
وعلى جانب آخر تطرق سعادته إلى الاحتفاء بالعام الثقافي قطر فرنسا خلال فعاليات المعرض وذلك من خلال أنشطة وفعاليات فرنسية، كما تم مراعاة ذلك في تصميم الحي اللاتيني الذي يعبر عن عصر النهضة في فرنسا، وقال سعادته: نحن لسنا وزارة لإقامة فعاليات وإنما دور الوزارة هو خلق البيئة المناسبة لنمو المشهد الثقافي، فقديمًا كانت وزارة الثقافة تطبع الكتاب وتضع شعارها عليه وهو الأمر الذي لا يسهم في إثراء المشهد دون وجود دور نشر خاصة تسهم في إثراء المشهد وتقوم بهذا الدور، وأصبح لدينا اليوم العديد من الإذاعات الخاصة التي تقوم بدور كبير في نشر الثقافة والوعي، وقطر تضم أكثر من 200 جنسية وهؤلاء هم مصدر قوة للمجتمع، وكذلك في المراكز الشبابية بات لدينا انتخابات في مجالس الإدارات لعدد منها كخطوة أولى، كل هذا من أجل خلق وعي أكبر وتمكين أكبر للمجتمع.
كما أشار إلى أننا بحاجة إلى حركة نقدية بنّاءة ونشطة في كافة المجالات الثقافية مؤكدًا أن الوزاررة سيكون لها دور في نشر الثقافة والاهتمام بالكيف وليس الكم، لافتاً إلى أن هناك لجانًا متخصصة لاختيار الكتب، وأكد دور الكتاب في الملتقيات والتجمعات الثقافية وضرورة وجود حركة نقدية موجهة للكتب الفكرية.
وتطرق سعادته إلى أهمية عملية الرصد والمتابعة لكافة الموضوعات التي يتم التطرق لها في الاصدارات الأدبية والفكرية وذلك من واقع اهتمام الدولة بالكتاب وبحركة النشر، وأكد على أن وزارة الثقافة والرياضة لن تقوم بدورها بدون الكوادر البشرية المؤهلة ودعا من لديه أية مبادرات إيجابية أن يتقدم بها وستتم دراستها ودعمها خلال عملية البناء التي تهتم وزارة الثقافة بإتمامها، مشدداً على أن الثقافة مسؤولية الجميع ولا تقتصر على المسؤولين فقط.
وبدوره قال حمد الزكيبا لو عدنا إلى عام 2016 أثناء لقاء سعادة الوزير مع الكتاب والذي امتد لأكثر من 3 ساعات، وطالب بعدها بعمل خطط واضحة لتنفيذ هذه المطالب على أرض الواقع، وخلال السنوات الثلاث الماضية تم إنجاز العديد من الأعمال وتحقق الكثير من الآمال والتطلعات، وتم إطلاق ملتقى للكتاب القطريين وملتقى للناشرين.
وكشف الزكيبا عن متوسط عدد زوار معرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته الثلاثين وقال: وفقا للأرقام التي تم حصرها وجدنا أن متوسط عدد الزائرين يوميًا كان 31 ألفاً و 994 زائرًا، وبلغ عدد إجمالي الزائرين 319 ألفاً حتى اليوم الأخير، وقال إن إجمالي الكتب المبيعة بلغ 215 ألفاً و 840 كتاباً، وإجمالي عدد توقيع وتدشين الكتب 534 توقيعاً، وأكد أن عدد المدارس الزائرة 645، كما تم تنفيذ 55 ورشة.
وتحدث دكتور نزار شقرون وقال: المسألة تتعدى الأرقام والكم، وعلينا أن نطرح تساؤلاً مهمًا وهو.. هل نود أن نبتكر معرضًا خاصًا بنا متفردًا في كل شيء؟ وبالأرقام يمكننا التأكيد على أننا نجحنا في تخطي كل الدورات السابقة ولكن الأهم، هو أننا نجحنا أن نجعل المعرض معرضًا للأسرة وليس للنخبة فقط، ونجحنا في أن نجعل تفاعل المجتمع والأسرة أكبر من تفاعل النخبة، ونحن بهذا الأمر عالجنا التشخيص الذي شخصناه بعد بحث ودراسة للمجتمعات العربية ووجدنا أنها تعاني من فقر في تفاعل الأسر مع الفعل الثقافي. وهناك عنصر آخر فاعل وهو ما قمنا به من إبداع في عمارة المعرض لتتم ترجمة أفكارنا في هيئة معرفة ممزوجة بالمتعة والبهجة، ونجعل الطفل مستمتعًا بالعمارة المحيطة التي تعكس المعرفة في محاولة منا للوصول إلى الجمهور الذي يتلقى المعرفة ويشارك في صناعتها، فالمعرض يؤكد أن كل إنسان له الحق في أن يشارك في الحركة الثقافية، وأشار إلى أن الوزارة تفتح أفاقاً لإنماء الثقافة حتى نتنفس معرفة.
وأشار دكتور نزار شقرون إلى أن معرض الكتاب يجمع الناشر والمبدع والجمهور للمشاركة في صنع أرضية مشتركة لإيجاد البيئة الملائمة للنهوض بالمشروع الثقافي الذي تريده الدولة وعلينا أن نستغل هذه الفرصة حيث إن الأجواء مهيأة لأجل ذلك.
ومن جانبه أوضح إبراهيم عبد الرحيم البوهاشم السيد، مدير عام ملتقى الناشرين والموزعين القطريين، أن النسخة الثلاثين من معرض الكتاب أبرزت الجهود الكبيرة للدولة في المجال الثقافي، خاصة النشر حيث أصدرت إدارة المكتبات العامة أكثر من ألف رقم إيداع منذ عام 2016 وحتى الآن، لمؤلفين قطريين وغير قطريين مشيرًا إلى أن ما وصلت إليه حركة النشر في قطر اليوم يؤكد النجاح في الاستثمار لثقافة وصناعة الكتاب، وأضاف أن وزارة الثقافة والرياضة قامت بدعم الناشرين والمؤلفين من خلال دعم دور النشر وكذلك دعم حضورهم في المعارض العربية والدولية، مشيراً إلى أن معرض الدوحة الدولي للكتاب الذي يعد أقدم معرض في منطقة الخليج، أصبح علامة فارقة من خلال الحضور القطري أولاً وعدد دور النشر التي بلغت 9 دور نشر بالإضافة إلى العديد من المكتبات، فضلا عن أن المعرض شهد في هذه النسخة إطلاق برنامج «زمالة الدوحة للناشرين» هو برنامج متخصص وفر فرصة لقاء الناشرين القطريين مع الناشرين العرب والأجانب، وتكوين علاقات مهنية بين الثقافات وتشكيل أساس معرفي وإطار استرشادي لسوق حقوق النشر بالإضافة إلى تعزيز مفهوم حقوق الملكية الفكرية وتوفير ملتقى لتبادل الخبرات في مجال صناعة النشر.
ومن جانبه، قال السيد بشار شارو المدير التنفيذي لدار جامعة حمد بن خليفة للنشر، أمين اتحاد الناشرين العرب، إن أهم ما ميز النسخة الثلاثين لمعرض الدوحة الدولي للكتاب هو ذلك الجمع بين الحضور الجماهيري في الفعاليات الثقافية والفنية المختلفة وفي ذات الوقت الحضور في أجنحة بيع الكتاب فلم يغب أحدهما ما جعل المعرض يتميز بحضور جماهيري رائع كما حقق الناشرون مبيعات هائلة، فلم تؤثر الأنشطة الثقافية على حركة بيع الكتاب، معرباً عن أمله في الاستمرار في هذا التميز والتألق الذي شهده المعرض في نسخته الثلاثين، وأضاف أن برنامج زمالة الدوحة للناشرين الذي تم إطلاقه خلال المعرض شارك فيه حوالي خمسين ناشرا من دول عربية وأجنبية بعضهم لم يشارك في الدوحة من قبل ولكن كان هناك انبهار نتيجة التنظيم والمحتوى الثقافي وكذلك المؤسسات الثقافية التي شهدوها في قطر خلال تواجدهم بالدوحة .
وقال بشار شبارو إن هذا المعرض وصل لمرحلة متقدمة جدًا ومن خلال المقارنة مع المعارض الأخرى نجد أنه تغلب على الإشكالية التي نراها دومًا بين المثقف ودور النشر لافتًا إلى أن المعرض تميز هذا العام بتنوع فعالياته وأنشطته التي لم تؤثر على حركة بيع الكتب، بل أدى ذلك إلى حضور مضاعف لأجنحة المعرض.
فيما قالت مريم الحمادي مدير الملتقى القطري للمؤلفين أن هذه النسخة جاءت لصالح الحركة الثقافية في البلد حيث يعد المعرض معسكرًا للمؤلفين والكتاب بسبب الفعاليات المتنوعة وتحدثت عن دور الملتقى خلال المعرض والذي تم تدشين هويته الجديدة وانضمام ما يقرب من 103 كتّاب ومؤلفين خلال فترة المعرض من أصحاب الإصدارات الجديدة وتم تدشين 109 كتب جديدة داخل أروقة الملتقى.
وقال خالد الدليمي مدير دار لوسيل للنشر: إن الكتاب لن يزدهر دون دعم واهتمام وهو ما تقوم به وزارة الثقافة والرياضة وخاصة فيما يتعلق بدور النشر القطرية والمبدع المحلي، مشيدًا بالاهتمام الذي توليه الوزارة لحركة الترجمة والتي تشهد حراكًا كبيرًا وتسهم في نشر الوعي الثقافي في البلاد.