تواصلت عروض مهرجان الدوحة المسرحي الخامس والثلاثين الذي تنظمه وزارة الثقافة ممثلة بمركز شؤون المسرح الى 29 مايو الجاري. حيث قدمت فرقة الدوحة المسرحية على خشبة مسرح الدراما بالحي الثقافي (كتارا) المسرحية الاجتماعية “وادي المجادير”، تأليف وإخراج عبدالرحمن المناعي، وتمثيل أحمد عفيف، وزينب العلي، وجاسم السعدي.

تدور أحداث المسرحية في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث اجتاح قطر ومناطق أخرى من الخليج وباء الجدري في صيف عام 1932. وتتحدث عن ثنائية الحياة والموت وتحولات الإنسان في ظل الكوارث التي تحل به وكيف يتغلب عليها بالحب والإيمان وأن يُبقي أمله بعودة الحياة وكفاحه من أجل ذلك.

ونص “وادي المجادير” ليس تأريخًا لما حدث بل تأمل في علاقات البشر التي تشكل هذه الحياة، وتحكي القصة الواقعية التي استمد منها الكاتب عبدالرحمن المناعي مسرحيته عن اجتياح وباء الجدري منطقة الخليج ومنها قطر، مات الكثير من الناس تم دفنهم في مقبرة معزولة عن الدوحة، فيما تم عزل الأحياء منهم في منطقة اسمها وادي السيل.

وظف مخرج العمل ديكورًا واقعيًا (القبور) عزز من قتامة الكارثة وسوداوية الحدث. كما ساعدت عناصر العرض على إبراز مكامن الشخصيات المتأرجحة بين الضعف والقوة، وبين الحزن والفرح، من خلال ثنائية الموت (القبور) والحياة (الأمطار).

وتعد المسرحية من الأعمال التراثية إلا أن لها أبعادًا وجودية، لكن المخرج ابتعد عن التجريد وظل وفيا لواقعية العمل بصفتها جزءًا أساسيًا في إكمال الحالة التراثية المراد تحقيقها عن طريق استحضار الماضي وبث شحنات عاطفية تولدت باقتراب الشخصيات من القبور.

من جانب آخر عززت الأشعار والأهازيج التي وردت على ألسنة الشخصيات الصراع الدرامي في العرض، كما عبرت بشكل مؤثر عن لواعج الشخصية (أم سعد) التي فقدت ابنها بسبب الوباء. وكان بناء الحالة الدرامية في العمل على قدر كبير من الأهمية. أما الإضاءة فكانت داعمة لعناصر العرض الأخرى، وساعدت على وضوح الرؤية لدى الجمهور الذي كان حاضر بأعداد كبيرة.