أكَّدَ عددٌ من الفنانين أنَّ طموحاتٍ كثيرةً تدورُ في مخيلتِهم قبل انطلاق مهرجان المسرح المحلي، الذي وعد بتنظيمه مركز شؤون المسرح خلال شهر مايو المقبل، إلا أنَّ البعض قد تخوَّف من حدوث أي تأجيل، مؤكدين احتياجهم للعودة إلى الجمهور بأعمال جديدة بعد فترة توقف طويلة طالها المهرجان المحلي بشكله القديم، إلا أنَّهم قد أعربوا في الوقت ذاته عن تفاؤلهم بشأن ما تنتويه وزارة الثقافة، حيث أكدوا على أنها تمتلك خُطة في كافة قطاعاتها، قادرة على تحقيق المزيد من النهوض الثقافي.

وخلال تحقيق أجرته الراية للوقوف على طموحات الفنانين وأمنياتهم، قدم عددٌ من الكوادر الإبداعية في قطر مجموعةً من الاقتراحات التي رأوا أن من شأنها النهوض بالمسرح القطري، وذلك نابع من حرصهم على مدّ متخذي القرارات بأفكار يمكنها أن تغير الوضع الحالي للأفضل. وفي هذا السياق، رأى البعضُ ضرورةَ ألا ينتظر الفنانون المهرجان دون التقدم بأي مبادرات فنية، إلا أن الكل قد أجمع على ضرورة السعي لتطوير الساحة المسرحية بتوفير مجموعة من الركائز الأساسيَّة التي أدَّى اختفاؤها من قبل إلى صنع سدود وقفت حائلًا أمام أحلام المسرحيين، كما تمنوا أن تشهد الساحة حراكًا مسرحيًا على مدار العام، وقالوا: إنَّ الأمر لن يتحسن إلا بتدارك عددٍ من السلبيات التي عانى منها المسرح على مدار عقود،

الفنانُ محمَّد بو جسوم رأى ضرورة السعي نـحو إعادة ترتيب البيت المسرحيّ من الداخل، وقالَ: إنَّ أقسام المسرح السابقة كانت تعمل جاهدةً على توفير عرضَين على الأقل لكل فرقة مسرحية، وهو ما يجب السعي نـحو تحقيقه خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا على ضرورة توافر عددٍ من العناصر التي رأى أنها يمكن أن تنهضَ بالمسرح القطري وتعود به من جديد، وقال: إنَّ أوَّل هذه العناصر يكمنُ في ضرورة التنبه لأهمية استمراريَّة تقديم العروض على مدار العام، أما العنصر الثاني يتعلق بالاحتفال باليوم العالمي للمسرح من أجل التشجيع على مواكبة المسرح القطري لكافة المستحدثات التي تحدث في العالم، أما العنصر الثالث والأخير يتعلق بالتشجيع على صنع أعمال فنية تجريبية إلى جانب الأعمال الأخرى لتؤكد حرص الفنانين على صنع كل ما هو جديد وتنمية روح الابتكار لديهم.

الفنانُ عبد الواحد محمد، أعربَ عن سعادتِه بعودةِ الروح للمسرح من خلال مهرجان الدوحة المسرحي المنتظر عقده خلال الفترة المقبلة، مُؤكدًا أنَّه رافد من الروافد التي تساهم في جمع المسرحيين، وقال: إنَّ كل فنان في قطر يشعر بالسعادة لعودة المهرجان بعد فترة انقطاع، خاصة أن الفترة الماضية أشعرتنا كأننا كالأرض التي انقطع عنها المطر لسنوات، فكنا نعاني من جفاف مسرحي، لذلك تمنى محمد عودة الجمهور من جديد، وأعرب عن أمنياته بعودة العديد من الأنشطة التي تساهم في إحياء الحراك المسرحي، وفي هذا السياق طالب بأهمية توفير مهرجان لمسرح الطفل، كما طالب بضرورة عودة مهرجان المسرح الشبابي، مؤكدًا أن توقفه صنع فراغًا في الساحة الفنية بصفته أحد أهم الروافد التي تساعد على تفريخ المواهب الجديدة وضخها في الساحة، وقال: إنَّ المسرح الشبابي مصنع للكوادر. كما اقترح ضرورة توافر مسرح متنقل يقدم عروضه في الهواء الطلق ويساهم في تقديم العروض الفنية الراقية وإثراء الثقافة المسرحية عند المشاهد في مدن ومناطق متفرقة في قطر، بحيث يذهب المسرح بنفسه للبحث عن الجمهور في كل مكان، وقال: من الضروري أن يتم العمل على اللحاق بالحركة المسرحية التي تطورت في العديد من الدول المحيطة، وفي هذا الشأن أعرب عن تفاؤله بأن الحركة المسرحية القطرية سوف تشهد طفرة من جديد خلال الفترة المقبلة، متمنيًا أن تعود لسابق عهدها، حيث كانت أكثر وهجًا قبل ثلاثين عامًا.

الفنانُ فالح فايز تمنَّى أن يتم تنظيم المهرجان في موعده، معربًا عن تخوفه أن يتم تأجيله نتيجة إحداث بعض التجديدات في خشبات المسارح المرجح أن تقوم باحتضان فعالياته، ولهذا رأى فايز ضرورة أن يتم العمل من الآن على تخصيص خشبة مسرح خاصة بالعروض المسرحية المحلية، حتى يتم ضمان إقامة المهرجان في موعده كل عام، مشيرًا إلى أن ذلك سيمنح الفنانين الثقة كذلك في أن العروض المسرحية ستتواصل على مدار العام، حسب خطة يتم وضعها مسبقًا، وقال: إنَّ العروض المسرحية القطرية أولى بأن يتم تقديمها بدلًا من العروض المستوردة من الخارج، كونها الأجدر على مناقشة قضايا المجتمع المحلي وطرح أفكاره فنيًا، إلى جانب ضرورة العمل على اكتساب ثقة الجمهور القطري بأن فنانيه قادرون على تقديم منتج فني محلي عالي الجودة.

الفنانُ خالد الحمادي، أكَّدَ على أنَّ مهرجان الدوحة المسرحي بمثابة متنفس للفنانين، وعلى ذلك تمنى أن يعود من جديد لاكتشاف ممثلين شباب وإظهار طاقات جديدة، وقالَ: إنَّ الزمن الذي يشهد انعقاد المهرجان يعد فرصة متميزة لإثراء حالة فكرية ونقاشية بالتزامن مع تقديم العروض، مؤكدًا على أنه رغم ضرورة انتظام الموسم المسرحي، إلا أنَّ إقامة المهرجان المحلي ضرورية بصفته كالمعمل الذي يتم فيه اكتشاف الطاقات، وأكَّد أن الساحة تحتاج عددًا من الشروط ليتحقق تألق المسرح القطري من جديد، وعلى رأسها أن يتم تخصيص مسرح لوزارة الثقافة، وإلحاق الفرق الأهلية بخشبات مسرح لتقديم عروضها على مدار العام وتمنَّى كذلك عودة المسرح الشبابي من جديد، وجعل المسرح الجامعي تابعًا لوزارة التعليم والتعليم العالي.

من جانبِه، قالَ الفنان أحمد المفتاح: إنَّ إقامةَ مهرجان الدوحة المسرحي والإصرار على استمراره في كل الظروف فيه شكل من أشكال الحالة الصحية، والتي تؤكد بطريقة أو بأخرى على السعي نـحو إنعاش الحركة المسرحية في قطر من جديد، منذ فترة ليست بالقليلة خفت العطاء، كما أكَّد على أن إفساح المجال لمشاركة الشركات الفنية المحلية يعطي نفسًا آخر للمهرجان، ويضاف لما تقدمه الفرق الكلاسيكية من أعمال مسرحية متواصلة منذ أكثر من ٣٥ عامًا.. وأضافَ: كل ما نتمناه هو المحافظة على كينونة هذا المهرجان وتطويره، والدفع به قدمًا للأمام. كما أن استمرار النشاط المسرحي في قطر طول العام، والاحتكاك بالتجارب الأخرى في الدول المجاورة والتي أخذت في المضي قدمًا بلا توقف هو الغاية نـحو رسم صورة أكثر إشراقًا لحراك مسرحي ليس له سُبات أو بيات. ونوَّه بأن تجربة الموسم المسرحي لا بد أن تؤطر في إطار حيوي لتعطي فرصة لمشاركة جميع الفنانين الفاعلين على الساحة. مؤكدًا على أن تجربة المسرح الشبابي كان لها زخم متميز خلال الأعوام الماضية.

من جانبِه، أكَّدَ الدكتورُ حسن رشيد أنَّ واقع المسرح القطري يعد بمثابة صورة من واقع المسرح العربي.. وفي هذا الصدد، تساءل: هل كان الأمر منذ السبعينيات موجة هاربة، وهل المسرح العربي قد ارتبط برموزه فقط؟ واستطرد مجيبًا: هنا كان محمد الماغوط، وفواز الساجر ونهاد قلعي، ودريد لحام وعبدالله غيث وسعد أردش ومحمود دياب.. خليجيًا أيضًا كان ثمة ارتباط بين المسرح ورموزه كحسين عبد الرضا وحياة الفهد وسعاد عبدالله، وفي قطر كان الرمز الكبير عبد الرحمن المناعي وحمد الرميحي، ثم ظهور غانم السليطي، إلى أن حل الموات في كافة الأقطار العربية، وأبدى رشيد تعجبه من أسباب توقف بعض المهرجانات وانـحسار أهمية بعضها، وعدّد بعضًا من الأمثلة في هذا السياق، مثل: مهرجان بغداد المسرحي ومهرجان دمشق وقرطاج والتجريبي بالقاهرة، وتوصل بذلك إلى نتيجة مفادها أن رحيل رموز الإنتاج في الوطن العربي أحدث هزة عنيفة أودت بالمسرح العربي عمومًا، وعاد فرصد أسبابًا أخرى لتلك الهزة، مؤكدًا على أن الإطار الاقتصادي وسيطرة السينما والمسرح التجاري وكوميديا اللفظ الساذجة، قد ساهمت بقوة في الوصول لمرحلة البكاء على اللبن المسكوب.. وحول واقعنا المسرحي في قطر، أكَّد أنه بالتبعية يُعد ضبابيًا، ورصد عددًا من الأسباب التي رأى أنها مباشرة في تدهور حال المسرح، مطالبًا بتلافيها من أجل علاج تلك الإشكالية، ومن أبرز تلك الأسباب: إلغاء المسرح المدرسي والمسارح في الأندية، وكذلك عدم المشاركة في الفعاليات الخارجية، والتوقف عن إرسال البعثات لدراسة المسرح في الكويت والقاهرة، وأضافَ: إنَّ الطامة الكُبرى قد تمثلت في إلغاء المركز الشبابي للفنون المسرحية بعد أن كان مساهمًا فعَّالًا في تقديم الوجوه الجديدة ورفد الساحة المسرحية بالأسماء الجديد، وختم حديثه مؤكدًا: لا شك أن هذا البَيات العربي بات سمة لواقعنا المعاش.. فلماذا نبكي على اللبن المسكوب بدلًا من البناء من جديد.