ينتصف اليوم قطار موسم الندوات، بإقامة الندوة الرابعة، حيث يشهد الموسم ثماني فعاليات، تنظمها وزارة الثقافة بالشراكة مع جامعة قطر ومعهد الدوحة للدراسات العليا، بمشاركة نخبة من المثقفين والمبدعين والمفكرين في العديد من المجالات.
وفي حصاد ما سبق من فعالياتٍ وما هو آت من ندوات، أكد عدد من المبدعين أن الموسم سيضعنا أمام فضاءاتٍ متنوعة، تثري المشهد، وتنير العقول، وتنمي الوعي تحقيقًا للأهداف المرجوة في بناء جسور من التواصل بين أجيال المثقفين، وهو ما يؤكد عليه المبدعون كما يؤكد المثقفون أهمية هذا الموسم في تعزيز ثقافة التنوع، وإثراء النقاش والحوار حول مختلف القضايا المطروحة، التي يصفونها بأنها عديدة ومتنوعة، تلامس الواقع، تطلعًا لمستقبل يربط الحاضر بالماضي.
د. محمد عبدالرحيم كافود: الفعاليات تسهم في تنمية الوعي
يرجع سعادة الدكتور محمد عبدالرحيم كافود، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الأسبق، أهمية إقامة مثل هذه الندوات التي تقيمها وزارة الثقافة بأنها من الأهمية بمكان، وذلك لما تحققه من فائدةٍ كبيرة، انطلاقاً مما تحدثه من حراكٍ ثقافي، واجب على الجميع المشاركة فيه، إسهامًا في إثراء المشهد الثقافي القطري.
ويقول: إنه شارك في الفعالية الثانية من موسم الندوات، التي حملت عنوان “هل اللهجات المحلية مكملة للفصحى؟”، وإنها خرجت بمناقشاتٍ مهمة، تستوجب ضرورة توظيف اللغة توظيفاً عملياً، وهذا يحتاج إلى جهودٍ كبيرة، تبدأ من الأسرة إلى المراتب العليا بصدور القوانين، وإن كانت هناك قوانين بالفعل بشأن حماية اللغة العربية. لافتًا إلى أن اللغة العربية ليست لهجة واحدة، ولا يمكن اختزالها في لهجة قريش فقط، وإن كانت هي المركز وقتها، غير أنه تضاف إليها لهجاتٍ عربية أخرى عديدة.
ويتابع: إن مثل هذه الفعاليات تسهم في تنمية الوعي، خاصةً إذ جرى تعميم مشاركاتها، وخاصةً عند مناقشة قضايا متعددة تشغل حياة الناس، وتهم المجتمع، شريطة ألا تقتصر مثل هذه الفعاليات على شريحةٍ بعينها، سواء كانت النخبة أو غيرها، بل المهم أن تمتد لتشمل جميع فئات وشرائح المجتمع لتعميم الفائدة، وأن تقوم وسائل وأجهزة الإعلام بدورها في التوعية بأهمية مثل هذه الفعاليات، ليشارك فيها الجميع.
ويرى د. محمد عبدالرحيم كافود أن اللغة العربية الفصحى مهددة، كما أن اللهجات أيضاً مهددة، وذلك لإقحام مفرداتٍ غير عربية من دون وعي في هذه اللهجات، وزيادة هذا الاختلاط حالياً، ما أوجد مفردات دخيلة أصبحت تُستخدم في الحياة والمعاملات اليومية، ما يجعل هذه اللهجات ليست لهجة عربية واحدة، بل أقرب إلى التعريب، مشدداً على ضرورة الحذر مما هو دخيل.
د. خالد البوعينين: مناقشات “الموسم” تعزز ثقافة التنوع
يؤكد المؤرخ د. خالد بن محمد البوعينين أن موسم الندوات بكل ما يضمه من فعاليات لمناقشة الواقع الثقافي الحالي، أمرٌ محمودٌ للغاية، إذ إنه من خلال ما تثيره هذه الفعاليات من أفكارٍ وآراءٍ ومرئياتٍ متنوعة، فإنها ستعزز بذلك ثقافة التنوع، والتعرف على مختلف وجهات النظر، وهذا أمرٌ مطلوب في أي عمل ثقافي.
ويقول: إن المحاور التي يطرحها موسم الندوات تعكس أنه تم اختيارها بدقةٍ شديدة، إذ غطت هذه المحاور العديد من الجوانب الثقافية والفكرية، ما يجعلنا أمام فعالياتٍ شاملة، يحاضر فيها نخبةٌ من أصحاب الفكر والثقافة والمعرفة، الأمر الذي سيلقي بظلالٍ إيجابيةٍ على المشهد الثقافي بكل تنوعاته، فيسهم في رفد الساحة بمتحدثين على مستوى عالٍ من الطرح والنقاش والحوار، ويشكل في الوقت نفسه جمهورًا متفاعلًا، وليس فقط متلقياً لما يستمع إليه، بل مشاركًا وفاعلاً برأيه وفكره ووجهات نظره، والتي يمكن أن تتباين مع وجهات نظرٍ أخرى، فنصبح أمام فضاءاتٍ واسعة من النقاش والحوار والتباين من أجل إثراء المجتمع.
ويتابع د. خالد البوعينين: إن مثل هذه المناقشات تعكس حراكًا ثقافيًا لافتًا، يتكيف معه المثقفون والجمهور بشكلٍ لافت، وهو ما يعزز بالتالي من فاعلية العمل الثقافي، ويضعنا أمام مشهد ثقافي متنوع، له أصحابه من المبدعين والمثقفين والمفكرين، بالإضافة إلى جمهور المتلقين. منوهًا بملمحٍ مهم في مقر إقامة الندوات، وهى الصروح التعليمية، متمثلة في جامعة قطر ومعهد الدوحة للدراسات العليا، ما يعكس الرغبة في استقطاب الدارسين إلى مقار هذه الفعاليات، ليكونوا مشاركين ومتفاعلين، تعزيزًا للوعي، وإثراءً للمشهد.
حمد التميمي: الموسم يعزز الحوار لتبادل وجهات النظر
يصف الكاتب حمد التميمي مدير البرامج الشبابية بالملتقى القطري للمؤلفين، موسم الندوات بأنه يعتبر حدثًا ثقافيًا وفكريًا كبيرًا، يثري المشهد الثقافي في دولة قطر، ويحرص على تقديم كل ما هو مفيد. ويقول: إن مثل هذه الفعاليات تحرص على تقدم المجتمع وتعزز الحوار بين المثقفين والمفكرين من خلال النقاشات وتبادل وجهات النظر وتقبل الآراء المتعددة، كما أن الدور الكبير لوزارة الثقافة بالشراكة مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسة عزز هذه الفعالية وساعد على تحريك المياه في المشهد الثقافي والفكري بصورة إيجابية.
ويضيف إن بعض الندوات في هذه الفعالية كان لها أثرٌ واضح ومهم من خلال التركيز على أهمية الهوية القطرية وتقبل الهوية الأخرى وعكس مدى تأثيرها في المجتمع، وأكد أن المجتمع بحاجة لمثل هذه الفعاليات بمختلف فئاته، حيث مثل هذه النوعية من الفعاليات تشجع على التنوع في وجهات النظر والتي بدورها تساعد بخلق بيئةٍ ثقافيةٍ صحية.
د. أحمد عبدالملك: وجهات النظر المختلفة تدل على نضج المجتمع
يقول د. أحمد عبدالملك أستاذ الإعلام المشارك في كلية المجتمع، نـحن متفائلون بالدور الإيجابي الذي يقوم به سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، في رفد مسيرة الثقافة، وفي استماعه لآراء أهل الهامش، فهم الذخيرة الأساسية للتأسيس الثقافي في وطننا العزيز.
ويضيف: إنه من المؤمنين بالدور الثقافي للندوات واللقاءات الثقافية المتخصصة، وتلك من ملامح المجتمع النشط، الذي يختلف كي يتفق وليس العكس، فوجهات النظر التي تُطرح في الندوات واللقاءات الثقافية، إنما تدل على نضج المجتمع؛ بعيداً عن كيل المديح والإشادات غير الواقعية وغير الدقيقة، التي نلحظها في بعض اللقاءات الثقافية، التي يقوم عليها أشخاص لا علاقة لهم بالثقافة.
ويتابع: إن موسم الندوات الذي اضطلعت به وزارة الثقافة، اتجاهٌ إيجابي في مسيرة تعزيز الدور الثقافي في المجتمع، وأيضاً تأكيد لدور المثقف تجاه مجتمعه، لأنه لا توجد مظلة ثقافية ناضجة تقوم بهذا الدور، كما أنني أختلف مع أصحاب الاحتفاءات والاحتفالات المتكررة، والتي لا تصحح مسيرة الثقافة بقدر ما تشوّه ما تحقق من شذراتها.
ويشير د. أحمد عبدالملك إلى أن المشهد الثقافي لا يكتمل في أي مجتمع دون وجود لقاءاتٍ مباشرة تجمع أهل الثقافة، مع شرائح من المجتمع، خصوصاً الطلبة والطالبات، الذين لابد وأن يلتقوا بأهل الثقافة مباشرة، كي يتلمسوا الطريق نـحو المواطنة الصالحة، عبر استيعاب قيم الحق والخير والجمال، وتعزيز هذه القيم فيمن حولهم.
عبدالله الرئيسي: الموسم يعكس حضور المبدعين في المجتمع
يثمن الشاعر عبدالله أحمد الرئيسي إقامة وزارة الثقافة لموسم الندوات، بكل ما يحفل به هذا الموسم من فعالياتٍ متنوعة، تثري النقاش والحوار حول مختلف القضايا الثقافية والفكرية، من خلال نخبةٍ من المثقفين والمبدعين في مختلف المجالات الثقافية، بالشكل الذي يعكس ما تزخر به قطر من ثروةٍ ثقافية، تسهم فيها النخب الثقافية بدورٍ فاعل، الأمر الذي يعزز بدوره المشهد الثقافي، ويخدم المجتمع، وهى من الأهداف المرجوة من وراء إقامة مثل هذا الموسم.
ويقول: إن مثل هذا النقاش يعزز من تباين وجهات النظر، إذ تخرجنا هذه الفعاليات عن طبيعة الندوات التقليدية، إلى مرئياتٍ ونقاشاتٍ مفتوحة، يتبادل فيها الجميع وجهات نظرهم، ما يعكس أهمية مثل هذه الندوات في إثراء المشهد، خاصة أن ما تطرحه هذه الندوات، موضوعاتٍ مهمةٍ ومفيدة، تتجاوز النخبة، إلى أفراد المجتمع، ما يجعلها داعمةً للنهوض بالمجتمع، وتحقيق رؤية قطر 2030.
ويضيف الشاعر عبدالله الرئيسي إن تنوع الموضوعات التي يطرحها موسم الندوات، يعكس مدى الحرص على أن تمتد هذه الموضوعات إلى مختلف الشرائح والفئات داخل المجتمع، وهو ما يحقق الفائدة المرجوة منها، بأن تعود مخرجاتها على الجميع، دون أن تقتصر على فئةٍ أو شريحةٍ بعينها.
ويعرب عن أمله في أن يشهد الوسط الثقافي مزيدًا من الفعاليات المشابهة التي تثري هذا المشهد، بكل ما هو مبدع وخلاق، وبالشكل الذي يعود بدوره على المجتمع، لتحقيق نهضته، وهو ما يعكس أهمية الثقافة ودورها في بناء المجتمع، والإسهام في تطوره، وأن المبدعين لهم بصماتهم تجاه هذا الدور، ليضاف دورهم إلى أدوار شرائح المجتمع الأخرى، في تحقيق نهضة قطر.
الشيخة جواهر آل ثاني: الندوات تطرح مواضيعٍ ثقافيةٍ مختلفةٍ ومهمة
حول أهمية موسم الندوات في تعزيز ثقافة وجهات النظر المختلفة، تقول الكاتبة الشيخة جواهر بنت محمد آل ثاني أهمية مثل الندوات من ناحيتين، أولاً، كتذكير بأنه يوجد في المجتمع أكثر من رأيٍ واحد، وأكثر من وجهة نظرٍ واحدة، خاصةً وأننا في زمن تتسيد فيه آراء المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، فمن له الصوت الأعلى، له الرأي، ونادراً ما يتم الالتفات لغيره من الآراء. وثانياً، من ناحية عرض المواضيع الثقافية المختلفة والمهمة رغم قلة تداولها.
وعن المأمول من هذا الموسم في إثراء المشهد الثقافي. تعرب الشيخة جواهر آل ثاني عن الأمل في أن يحقق موسم الندوات تنوعاً واختلافاً، عن أي فعالياتٍ أو ندواتٍ سابقة. وتقول: إن في الاختلاف الفائدة، وفي الحياد بقاء الأوضاع كما هي، والاختلاف يشمل تنوع المواضيع وتعدد المتحدثين والمحاورين، كل وفق تخصصه، حتى تكون الندوات مثيرة للاهتمام ومنيرة للعقول.
“الوسطية في الإسلام” في ندوة اليوم
تقام صباح اليوم ندوة بعنوان”الوسطية في الإسلام بين المثالية والواقع”، وذلك ضمن موسم الندوات، الذي تقيمه وزارة الثقافة بالشراكة مع كل من جامعة قطر، والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
تقام الندوة عند الساعة الحادية عشرة، في مقر معهد الدوحة للدراسات العليا بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ويتحدث فيها كل من: د. عبدالقادر بخوش، ود. علاء هيلات، ود. سلطان الهاشمي، ود. محمد عياش.
وتأتي الندوة الجديدة، لتعد الفعالية الرابعة ضمن موسم الندوات، وذلك من بين 8 فعاليات يشهدها الموسم، والذي انطلق يوم الخميس الماضي، ويتواصل حتى يوم 31 الجاري، ويشارك فيه أكثر من 30 باحثًا وأستاذًا جامعيًا، بالإضافة إلى عددٍ من الإعلاميين والمختصين، وستساهم مداخلاتهم في إثراء النقاش والحوار بينهم وبين حضور فعاليات الموسم، من خلال طرح قضايا فكرية تتعلق بالتراث والحاضر، الأمر الذي يعزز بدوره هوية المجتمع.
ويستهدف موسم الندوات التركيز على القضايا التي تلامس قضايا المجتمع الجوهرية، وتأمين نقاشاتٍ ومشاركاتٍ مثرية بين كل الأطراف، علاوةً على بناء شراكاتٍ مع الجهات الفاعلة في المجتمع ودعم الأنشطة والفعاليات الثقافية والفكرية وإقامة فعالياتٍ لطرح الآراء والأفكار التي تسهم في خدمة المجتمع وإثراء المشهد الثقافي، والسعي إلى مدّ جسور التواصل مع قادة المستقبل ونخب المجتمع من المفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات.
كما يستهدف نشر ثقافة التنوع ومنح نخب المجتمع من المفكرين والمثقفين والخريجين فرص تعزيز البيئة الفكرية، إذ تسعى وزارة الثقافة من خلال هذا الموسم إلى تأسيس بيئةٍ فكريةٍ تعزز دور الثقافة والمثقفين في خدمة المجتمع، وإبراز محاورين ومتحدثين في عدد من المجالات، ودعم الأنشطة الثقافية والفكرية، فضلًا عن بناء جسور من التواصل بين أجيال المثقفين، وزيادة التقارب مع الجمهور والمؤسسات لمناقشة القضايا التي تشغلهم وفتح آفاقٍ جديدة للإبداع ليصل المبدع إلى العالمية من خلال نقاشاتٍ حيويةٍ تكمل فكرته في المجالات الثقافية المختلفة