نظم الملتقى القطري للمؤلفين جلسة نقدية بعنوان «تلقي النقد العربي المعاصر للنقد الفرنسي» قدمها الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ قضايا الأدب ومناهج الدراسات النقدية المقارنة في جامعة قطر، وحضرها مجموعة من المفكرين المهتمين بالنقد الأدبي والثقافي عموما.

وتأتي هذه الجلسة ضمن مشروع تعزيز النقد وتماشيا مع العام الثقافي قطر – فرنسا. وقدم الدكتور بلعابد لمحة عن الخريطة النقدية العامة التي اعتبر أنها لا تخرج عن ثلاث مراحل وهي النقد الخارجي ومن ثم مرحلة النقد الداخلي وأخيرا مرحلة نقد التلقي ونظريات القراءة التي عرفت رواجا في ثمانينيات القرن الماضي إلى الآن مع مرحلة ما بعد الحداثة، وكل هذه المراحل تتنزل في لحظة معرفية معينة؛ أولها لحظة الكاتب، تليها لحظة التركيز على النص ومن ثم أصبحت لحظة القارئ محور وركيزة عملية النقد وتحرير فعل الكتابة، وقد حملت هذه المراحل النقدية التي تلقاها الناقد العربي، مفاهيم نقدية وثقافية من بينها العلامة السيميائية «عند غريماس»، الشعرية «عند تودوروف» والتناص «عند كريستيفا» ومفهوم موت المؤلف عند «بارت».

وفي السياق ذاته تحدث الدكتور بلعابد عن تأثر الجيل الأول من النقاد العرب بالثقافة الفرنسية التي شربوا من مناهلها ونقلوها إلى طلبتهم والجيل الذي لحقهم وعن كيفية استدعاء مرجعية غربية وإسقاطها على بيئة مغايرة، معتبرا أن تلقي الثقافة العربية للثقافة الفرنسية يتم عبر ثلاث مراحل أولها مرحلة الترجمة، ثم مرحلة التمثل ويقصد به محاكاة الثقافة الغربية الوافدة فيما ينجز ويكتب من دراسات، وتأتي مرحلة الإبداع أخيرا بعد أن يصبح الكاتب ضليعا بالثقافة المستضيفة له ومرتكزا على هويته الثقافية والخصوصيات المحلية.

كما تطرق إلى الخريطة النقدية الحالية ومصطلحاتها الجديدة ومفاهيمها المعاصرة وأهم أعلامها على غرار زفيتان تودوروف، جوليان غريماس، جوليا كريستيفا ورولان بارت، داعيا النقاد في العالم العربي وتحديدا في دولة قطر إلى تمثل مقولاتهم ومفاهيمهم النقدية، والاطلاع على أبحاثهم مع المحافظة على خصوصياتهم الثقافية في مقاربة النصوص الإبداعية العربية، مؤكدا أن التلقي له العديد من المحاذير التي لا بد أن نأخذها بعين الاعتبار أهمها فوضى المصطلحات بسبب اختلاف مرجعياتها المعرفية والنقدية في منابتها الأصلية، وعدم التمثل المناسب لها، وكذلك سوء النقل والترجمة لبعض المفاهيم والمصطلحات في الكتب النقدية التأسيسية، التي قد تفقد النص الأصلي قيمته أو تكون مجانبة لمضمونه.