أيام قليلة تفصلنا عن إقامة وزارة الثقافة للنسخة الثانية والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، والذي يقام خلال الفترة من 12 إلى 21 يونيو، تحت شعار «بالقراءة نرتقي».
ووسط ترقب الأوساط الثقافية المختلفة لإقامة المعرض. تحدث مثقفون لـ مؤكدين أهمية النسخة المرتقبة من المعرض، لتتكامل مع معارض الكتاب التي أقامتها الوزارة، خلال الفترة الأخيرة، لتضاف إلى جملة أخرى من الفعاليات الثقافية، التي تثري المشهد، وتعزز الوعي بين أفراد المجتمع.
ويتوقف المثقفون عند أهمية المعرض في دعم القراءة، والحث عليها، ودوره في رفد المشهد بتدشين إصدارات جديدة، فضلًا عن الفعاليات المصاحبة التي تقام على هامشه، علاوة على ما يثيره من نقاش وحوار بين حضوره من مختلف الأطياف الثقافية.
د. زكية مال الله: المعرض يدعم الوعي وينمي القراءة
تؤكد الكاتبة الدكتورة زكية مال الله العيسى، أنه في حضرة الكتاب تتفتح أزهار النفس، وتورق بساتين المشاعر، وتسري في عروق الأشجار مياه مخضبة بالعلم والمعرفة، وتطرح الأغصان ثمارًا مزخرفة بنقوش الشعر والنثر، وتكتسي الأرض بحلة خضراء عليها بصمات الكتاب والمفكرين وتصدح البلابل بأصوات الشعراء والفنانين.
وتصف معرض الكتاب بأنه موسم ربيع الكتاب، حيث تزدهر الحروف وتتعانق المعاني، وتضج الألفاظ بكل ما هو مفيد ومؤنس وممتع للعقل والروح والقلب، وللصغار والكبار، وكل من يهوى القراءة، ويجد في الكتب لذة الاستفادة والاستزادة.
وتقول: إنه بالكتاب تُشيد الأمم وتعلو الهمم، واستنارت بالكتاب والحضارات وتوارثت العلم والحكمة وتمكنت بالمعرفة تطوير البشرية، وإنجاز المبتكرات وتخلدت بالكتاب أسماء العظماء والمبدعين الذين ساهموا في حفظ التراث الإنساني وتحديثه على مر العصور والأجيال، وأنه لولا الكتاب ما تعرفنا إلى سقراط وأفلاطون، ولا سمعنا بالجاحظ والمتنبي، ولا أدركنا الفارابي والخوارزمي، ولا قرأنا للعقاد والسباعي والبياتي. مؤكدة أن المعرض الذي تحتضنه قطر في نسخته الجديدة يعد إضاءة لشمعة الثقافة، وتجديد لعهد القراءة، وتنمية للفكر والوعي المحلي، وحث الشباب نحو المزيد من المعرفة التي تبني وتنمي الإنسان القطري، وتشجع الأجيال الواعدة والبراعم لإدراك أهمية القراءة الورقية في زمن الأجهزة والالكترونيات، كما أنه فرصة لتدشين الإصدارات الجديدة ودعم الكتاب والمؤلفين ودور النشر للاستمرار في العطاء وإثراء المكتبات بالمواد النافعة، وخلق الأجواء الحميمة للتواصل بين الكتاب والمثقفين وتبادل الإصدارات وحضور الندوات.
د. خالد البوعينين: يثير حراكًا ثقافيًا داخل المجتمع
يصف المؤرخ والكاتب د.خالد بن محمد البوعينين، معرض الدوحة للكتاب، بأنه من الفعاليات المهمة التي تثري المشهد الثقافي في مختلف مجالاته، فضلًا عن كونها تنمي المعرفة، وتثير حراكًا توعويًا في المجتمع، يعود بالنفع على أفراد المجتمع، وكذلك كافة القراء، من مختلف الأصقاع.
وفي هذا السياق، يثمن جهود وزارة الثقافة في دعمها لإقامة المعرض، وحرصها على إقامته بالشكل الذي يليق بالدوحة، بكل ما تحمله من إرث تاريخي، وعطاء معرفي، وزاد ثقافي، ما يجعله بحق عاصمة للكتاب، بعدما أقامت عدة معارض للكتاب هذا العام، وفي أماكن مختلفة، ما يعكس حرص الوزارة على أن تصل بالكتاب إلى جميع أفراد المجتمع، في أماكن تواجدهم.
ويلفت د.خالد البوعينين إلى حالة الترقب التي تنتاب جموع المثقفين، انتظارًا لإقامة معرض الدوحة للكتاب، فضلًا عن عموم القراء، ما يعكس أهميته، في نشر المعرفة، وتنمية الوعي، وهو الأمر الذي ينعكس إيجابًا على المجتمع، ويسهم في نهضته، وتحقيق تطوره.
جمال فايز: الدوحة تتنفس إبداعًا
يقول القاص والروائي جمال فايز: إن الدوحة اليوم أصبحت تتنفس ثقافة، حيثُ شهدنا منذ بداية العام الجاري موجات متتالية من الأنشطة الثقافية التي تقيمها المؤسسات الثقافية الرسمية والخاصة والأهلية، منها موسم الندوات، ومعرض رمضان للكتاب، ومهرجان الدوحة المسرحي، وغيرها من الأنشطة الثقافية العديدة التي أقيمت والتي ستقام ومنها معرض الدوحة الدولي للكتاب في نسخته الجديدة.
ويتابع: إن إقامة هذه الأنشطة الثقافية في شعاب الفنون والأدب أوجدت مناخًا ينضم للمناخات المختلفة التي تشهدها البلاد في الحقول المتعددة، كما تلبي رغبات أفراد المجتمع على اختلاف أعمارهم وكل حسب اهتماماته وميوله.
ويشير إلى أن متعة معرض الدوحة للكتاب لا تتوقف عند عتبة المعروض من المطبوعات من قبل دور النشر والمكتبات المحلية والعربية وغير العربية، وإن كانت هذه متعة لا تضاهيها متعة في التعرف على الجديد في سوق الكتاب والمطبوعات المؤلفة سابقًا، لكن أيضا يزيد المعرض متعة، تكمن في البرامج والأنشطة المصاحبة للمعرض وأبرزها الجلسات الأدبية والندوات الفكرية، ما يجعله عُرسًا ثقافيًا، كونه يتيح اللقاء بين الأدباء والمؤلفين.
فاطمة العتبي: المعرض حياة برائحة الشغف
تقول الكاتبة فاطمة العتبي: إن قطر تُعتبر بوابة الثقافة الكبرى في كثير من الجوانب ابتداءً من رعايتها المُثلى للعلم وأهله وانتهاءً بتشييد صروح المعرفة التي ينهل منها أهل الثقافة زادهم المعرفي، ولو عددنا تلك الفعاليات لوجدناها تبث في النفس الفخر والعزيمة لما تحمله من معانٍ سامية تجعل الإنسان في ناصية المعرفة.
وتتابع: من تلك الفعاليات الثقافية المهمة معرض الدوحة للكتاب الذي يُقام سنويًا، ويشهد إقبالًا جماهيريًا كبيرًا على مستوى الخليج والوطن العربي، ومن خلال زياراتي للمعرض وتواجدي في أغلب دور النشر أجد إشادة كبيرة من الدور الخليجية والعربية بمعرض الدوحة؛ وذلك للاهتمام الكبير الذي يبذله القائمون على المعرض، ولحفاوة الاستقبال المميزة للضيوف القادمين له؛ خاصة أنَ المعرض يُعدُّ حدثا مهمًا على كافة الأصعدة فهو بمثابة نقطة تحول نحو الارتقاء بميدان الثقافة؛ لأنه يبرز الوجه الثقافي للبلد كما يشجع أفراد المجتمع على القراءة ويبث فيهم الحماسة للبحث عن الجديد في بطون الكتب.
وتشدد على أنها تنتظر هذا الحدث سنويا؛ «لأنني أجد فيه روحًا لا أجدها في أي حدث آخر، لأنه يحتضن الشباب والأطفال والكبار ويجذبهم نحو عالم القراءة من خلال تنوع مجالات الكتب في الرواية والتنمية والقصة والتاريخ والسيرة الذاتية وغيرها من أنواع المجالات والثقافات الأخرى التي تسهم في بناء الإنسان بعيدًا عن ضجيج الحياة وروتينها المزمن».
وتقول: تنظم قطر سنويًا هذه الفعالية المهمة وتكثف لها الجهود الكبيرة لإنجاح المعرض وإخراجه بصورة مشرقة تليق بالكتاب وبالقرّاء، ولطالما كانت الدوحة وستظل البوتقة الناصعة للعلم والقراءة والمعرفة، لذلك يجب الاستعداد للمعرض بشكل كبير لكي نعطي الكتاب حقه ونجعل هذا الجيل مقبلًا على القراءة ونواحي المعرفة التي تلهمهم للسير في دروب العلم والتطور.